على رغم انشغالنا في أمور هذه الدنيا، وسيطرة ملمة الغفلة المقيتة على ذاكرتنا، لكن ما إن اقترب ميقات هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعا حتى ذهبت اناملي بكل فخر واعتزاز تسطر هذه الكلمات الحقة الصريحة ممزوجة بآهات ودمع الفراق والفراغ الكبير الشاسع الذي خلفه وراءه هذا الصرح الإيماني الشامخ على مستوى بحريننا عموما، وقريتنا (الدير) خصوصا، مهما قيل عنك وذكروا أعمالك الخالدة ومهما كتبوا عنك واستعرضوا أيضا طموحاتك الأخروية، يبقى التعبير وخيانته وتقصيره هو سيد الموضوع والقصد.
ذهبت يا أبا عباس من هذه الدنيا الدنية في وقت يستغيث فيه الضعفاء من وطأة الفقر ومرارة العوز وذل مد اليد. رحلت عنا وتركت جموع أناس طالما روضتهم وأغدقت عليهم وفتحت لهم شرايين الحياة وجعلتهم يودعون ويتناسون بؤس الفقر وامتهانه وأرزاءه. تلك السنون والأيام السالفة شاهدة على التاريخ بما كانت تزخر وتزدهر برفدك العظيم اللامتناهي لكل من قصد بيتك العامر من القاصي والداني.
هذه الفئة الخالدة من بني الإنسان قد وهبها الله تعالى من نوره المنير لذلك هم يستضيئون بنوره ويسلكون طريق الحق والصالحين والصادقين لاتمام منهاج الشارع المقدس الذي رسمه وشرعه سيد المرسلين أبوالقاسم محمد (ص) بأمر من الجليل الأعلى.
وأخيرا وليس آخرا، كلما قربت أيام ذكراك يا أبا عباس تحركت فينا نبضات قلوبنا المتلهفة بذكر اسمك الشريف وقدس جزيل أفعالك المنيف. رحمك الله تعالى يا أبا عباس في الأولين، ورحمك الله تعالى في الغابرين، ونمت قرير العين في جدثك الطاهر.
مصطفى الخوخي
العدد 2167 - الإثنين 11 أغسطس 2008م الموافق 08 شعبان 1429هـ