تعتزم الحكومة الهندية إنفاق أكثر من 500 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة على تطوير الطرق والموانئ والمطارات وغيرها من مرافق البنية التحتية المتهالكة.
يأتي ذلك في حين تسجل قتلى حوادث الطرق في الهند أرقاما كبيرة، بسبب قدم البنية التحتية وضعف التدريب على قيادة السيارات بل وانتشار السيارات التي تخلو من وسائل الأمان الأساسية بسبب ميل الهنود إلى السيارات الرخيصة.
لكن ليس كل الأموال المخصصة لمشروع تنفق عليه بسبب الفساد وسوء الإدارة. والنتيجة إنجاز مشروعات دون المعايير وضعف صيانة الطرق.
ومن المتوقع أن ترتفع مبيعات سيارات الركوب السنوية في الهند صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في آسيا إلى مثليها تقريبا لتصل إلى مليوني سيارة العام 2010 وان تزيد مبيعات المركبات التجارية إلى أكثر من المثلين إلى مليون سيارة.
ومع ارتفاع مستوى الدخل ونمو الاقتصاد يزيد وتيرة ارتفاع عدد السيارات والشاحنات الجديدة التي تنضم إلى الأساطيل التي تسير على طرق الهند وشوارعها الضيِّقة المزدحمة التي لم تكن قط مصممة لاستيعاب هذا الحجم الهائل من حركة المرور.
ومن العوامل التي تعمل على زيادة عدد ضحايا الحوادث والثمن ليس بشريّا فحسب. إذ يقدر البنك الدولي أن حوادث الطرق كل عام تكلف الهند نحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي تجاوز تريليون دولار العام 2007.
وقال خبير النقل بالبنك الدولي في نيودلهي راجيش روهاتجي: «نحن نتحدث عن قضية في غاية الخطورة هنا لها تداعيات اقتصادية ضخمة».
ويتنبأ البنك الدولي بأن حوادث الطرق قد تصبح القضية الصحية رقم 3 في الهند بحلول العام 2020 لتتجاوز أمراضا قاتلة مثل الدرن والايدز.
وفي الهند إذ يمثل النقل البري نحو 90 في المئة من حركة نقل الركاب و65 في المئة من حركة نقل البضائع يبلغ عدد القتلى لكل 10 آلاف مركبة 14 بالمقارنة مع أقل من اثنين في الدول المتقدمة وفق تقديرات البنك الدولي.
ومن السهل معرفة السبب؛ فالسيارات بل والدراجات النارية التي ينطلق الكثير منها بأربعة ركاب تتقاسم طرقا ضيقة مع الدراجات وعربات الركشة الهندية الخفيفة والشاحنات والحافلات بل والعربات التي تجرها الدواب بالإضافة إلى المشاة الذين يضطرون إلى السير في الطريق بسبب الباعة الذين يحتلون الأرصفة.
ولأن عددا قليلا من المدن الهندية يطبق قواعد السلامة الأساسية مثل أحزمة الأمأن فليس غريبا أن يشاهد المرء أطفالا يجلسون مع أحد الكبار في المقاعد الأمامية أو حافلات مكدسة بالركاب الذين يحفظون توازنهم بصعوبة على سلم المركبات أو فوق الأسطح.
ومن العوامل التي تتسبب في الحوادث ويموت فيها عدد يقدر بنحو 275 شخصا كل يوم امتلاء الطرق بالحفر وعدم كفاية قواعد السلامة وضعف نظام التراخيص والتساهل مع المخمورين وصغار السن من قائدي السيارات.
لكن أكبر العوامل على الأرجح هو تزايد عدد السيارات التي تنضم إلى أساطيل السيارات على طرق الهند كل عام يقودها سائقون يفتقرون إلى المهارات الأساسية على طرق لا تتحمل حجم حركة المرور الهائل.
وهي مشكلة تمر بها دول نامية أخرى يشهد اقتصادها ازدهارا يتيح لأعداد أكبر من سكانها امتلاك سيارة.
ويقدر البنك الدولي أن عدد الوفيات من حوادث الطرق على مستوى العالم سيرتفع إلى مليونين سنويا بحلول العام 2020 من 1,2 مليون ما لم يتم تأكيد تعلم مهارات القيادة وتطبيق قوانين المرور.
وفي الهند تقدر وزارة النقل أن عدد القتلى سنويّا من حوادث الطرق قد يقفز إلى 150 ألفا بحلول العام 2015 بسبب النمو السريع في ملكية السيارات.
ويسهم في ترسيخ المشكلة لامبالاة عامة بين المستهلكين عندما يتعلق الأمر بأحزمة الأمان والوسائد الهوائية بل وخوذات قائدي الدراجات النارية.
ويقول محرر مجلة «أوتوكار» هورمزد سورابجي التي تحظى بشعبية واسعة: «من المؤسف أن الأمن ليس عاملا كبيرا في قرار الشراء عند المستهلكين الهنود».
ويشير إلى أن السعر وكلفة الوقود أهم من عناصر السلامة عند المستهلك.
العدد 2183 - الأربعاء 27 أغسطس 2008م الموافق 24 شعبان 1429هـ