العدد 161 - الخميس 13 فبراير 2003م الموافق 11 ذي الحجة 1423هـ

اعتصامات العاطلين تُعيد فتح ملف البطالة في البحرين

وزير العمل أعد استراتيجية للبطالة... والمعارضة لم يتضح موقفها بعد

لايزال ملف البطالة في البحرين، من أشد الملفات سخونة وطراوة، ويتجدد فتحه كلما اختنق العاطلون بلوعة الفراغ، واكتووا بلهيب البحث العقيم عن العمل. ويكفي أن يتشارك بضع مئات من مجموع آلاف العاطلين عن العمل هموهم وحيرتهم وتذمرهم، لينظموا اعتصاما صارخا يعيد قضيتهم إلى الصدارة لدى الرأي العام المحلي. وهو فعلا ما قامت به مجموعة كبيرة من العاطلين عن العمل بداية الشهر الجاري ولمدة أسبوع بالاعتصام أمام وزارة العمل والشئون الاجتماعية، طالبوا فيها بتحسين أوضاعهم المعيشية، وادماجهم في سوق العمل، والحد من تدفق العمالة الأجنبية، لتبرز مجددا على السطح قضية العاطلين، ومطالبتهم بحلول ناجعة، تلبي طموحاتهم، وتغلق هذا الملف بشكل نهائي وحاسم.

ولقيت مشكلة البطالة تفاعلا وتجاوبا متفاوتا في ساحة العمل الوطني، من قبل الجهات والأطراف المعنية. فبينما أبدت الحكومة مرونة لمناقشة أوضاع العاطلين، حين قابل الوزير العلوي ممثلي العاطلين، وكشف عن الاعداد لاستراتيجية وخطة لاحتواء قضية البطالة، لم تكشف المعارضة موقفها وبرنامجها تجاه هذه القضية.

وقام مجلس النواب بتشكيل لجنة مؤقتة للبطالة في جلسته الأخيرة، يرأسها النائب يوسف الهرمي، عقدت اجتماعها الأول السبت الماضي.

لجنة البطالة

يقول الهرمي عن ظروف تشكيل اللجنة: «تقدم أحد النواب بطلب لمعالجة موضوع البطالة في الجلسة الأخيرة للمجلس، وطرح أكثر من نائب عددا من المقترحات عن هذا الموضوع، وفي البداية كان سيحال إلى لجنة الخدمات، إلا أنني تقدمت بمقترح تشكيل لجنة بحسب لوائح المجلس بإمكان تشكيل لجان فرعية، تكون مختصة بمعالجة قضية البطالة وتدرسها من نواحٍ مختلفة». وستحدد فترة شهرين لعمل اللجنة، ستقدم بعدها تقريرا يقرأ أوضاع البطالة والعمالة في البحرين، ويقول: «سنحقق أكبر (معجزة) إذا حققنا أهدفنا في هذا الوقت الضيق، وهي مدة ليست كافية للجنة لتوجد حلا نهائيا».

ووصف الهرمي قضية البطالة بأنها «موضوع قديم ويتجدد كل يوم، وتمس حياة الانسان وكرامته ومعيشته، وهو ليس بالأمر السهل علاجه». ويقول عن تقديره لأوضاع العمل في البحرين: «هناك أكثر من لاعب وحكم وكرة في الساحة، وعلينا أن نوحد الكرات والملاعب في ساحة واحدة».

عمل توازن

وعن عمل اللجنة والمنهج الذي ستسير عليه يقول: «سنبدأ من حيث انتهى الآخرون. سنقوم برصد كل الرؤى التي طرحت في السابق، ومن خلالها سنتلمس فلسفة لمعالجة مشكلة البطالة. سنقدم حلا مفيدا للعاطلين، من دون أن تكون هناك أضرار في السوق ولأرباب العمل، ولابد من تحقيق المعادلة التي توازن بين متطلبات كل الأطراف. سنعمل على جمع المعلومات بشكل علمي ومدروس وتحليلها، وتكوين قناعة مشتركة، مع الاستفادة من التجارب والدراسات السابقة في هذا الشأن». وأكد أن اللجنة ستسعى جاهدة للتعرف على وجهات نظر الوزراء المعنيين، والقطاعات المختصة، وارباب العمل، والعاطلين عن العمل، لتشكيل رؤية قادرة على رسم الطريق الصحيح للخروج من هذه الأزمة.

مركز لقياس المهارات

ويتبنى الهرمي مشروع قيام «مركز لقياس المهارات» بالتوصيف المهني للأعمال الموجودة في السوق، بحيث يحدد مقياسا ودرجات للمهن والأداء الوظيفي، والأعمال المتفرعة منها، ويعطى أجرا لكل درجة ممنوحة بحسب المعايير المعمول بها دوليا، وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة العمل الدولية. ويقول:«هذا المشروع سيساعد كثيرا في حل إشكالات كثيرة تتعلق بأجور العمال، ومستوى أدائهم، وسيساهم في تطوير البرامج التدريسية والتطويرية لتواكب احتياجات السوق وقدرته الاستيعابية».

محدودية الفرص

وللتعرف على الأبعاد الاقتصادية لمشكلة البطالة، وتأثيرها على الاقتصاد الوطني، ومدى استيعاب السوق للتدفق السنوي للباحثين عن عمل، قمنا بمحاورة المهتم بالشئون الاقتصادية ونائب رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي إبراهيم شريف، الذي أوضح في بداية حديثه أن البطالة في أوساط العمالة البحرينية «ليست نتيجة لضعف الطلب في سوق العمل، وانما بسبب محدودية فرص العمل الجديدة للعاطلين»، مرجعا ذلك بشكل أساسي إلى ظاهرة الإغراق في سوق العمل البحريني بالعمالة الأجنبية، وأنه يؤدي لا محالة إلى خفض الأجور بدرجة كبيرة وما يترتب على ذلك من انتشار البطالة في أوساط العمالة البحرينية الماهرة وغير الماهرة.

غياب الاستراتيجية

ويقول شريف: «الاقتصاد الوطني لديه قدرة على إيجاد فرص عمل كثيرة سنويا، والإحصاءات تثبت ذلك إذ يوجد أكثر من 200 ألف عامل أجنبي في مقابل 20 ألف عاطل عن العمل». ويركز على أهمية وجود استراتيجية وخطة شاملة لمعالجة موضوع البطالة، ويقول: «غياب التخطيط الطويل المدى لمشكلة البطالة هو أحد المسببات لتعثر حلها، إذ يبدو غالب خطوات الدولة في هذا المجال هي ردود أفعال، أي مسكنات وترقيعات لا ترقى إلى خطة استراتيجية. والخطة تبدأ بالاعتراف بالمشكلة وحجمها، وهذا لم يتم إلا حديثا إذ نفت الحكومة لسنوات طويلة وجود المشكلة».

ويؤكد أهمية قراءة أوضاع السوق، واعطاء أرقام حقيقية تفصيلية لأوضاع العاطلين واتجاهاتهم. يقول: «نحن بحاجة إلى تحديد حجم البطالة وفي أي الفئات العمرية والتعليمية، وأي الأعمال المناسبة للعاطلين، وأعداد الخريجين سنويا من المدارس والجامعات وتخصصاتهم واستقراء سوق العمل المستقبلي وماهية الوظائف ذات الأجر الجيد وشروط العمل الأفضل، وإعداد البرامج التدريبية المناسبة. كما أن غياب الشراكة الحقيقية في اتخاذ القرار مع أصحاب الشأن من عمال وموظفين ومهنيين وأصحاب أعمال ومنظماتهم ونقاباتهم يتسبب في اتخاذ قرارات عشوائية تلقى معارضة واسعة، ما يضطر الحكومة للتراجع. والحقيقة أن مثل هذه القرارات غير المدروسة والتي لم يتم التفاوض عليها مع الجهات المعنية تشكل خطرا على استقرار الوضع الاقتصادي وتنفر رؤوس الأموال التي لا ترغب في الاستثمار في بلاد لا تمتلك تشريعات ثابتة».

حماس واندفاع

جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي بادرت في العام 2001 بالاجتماع مع أعضاء لجنة الباحثين عن العمل أثناء تشكلها في ذلك الوقت، وبحثت مع أعضائها السبل والطرق لحل مشكلة البطالة وكيفية التعاطي معها في ظل الظروف الراهنة لسوق العمل، وقدمت برنامج عمل في هذا الخصوص. ويوضح المسئول الاعلامي في الجمعية فاضل الحليبي أن الاجتماعات التشاورية مع اللجنة لم تستمر طويلا بسبب تفككها وعدم وضوح الرؤية لعمل اللجنة القائمة آنذاك.

وعن حركة الاحتجاج التي نظمها العاطلون عن العمل الأسبوع الماضي باعتصامهم مدة أسبوع، وموقف الجمعية منها، يقول الحليبي: «من حيث المبدأ، نحن لسنا ضد الاعتصامات والاضرابات من أجل حقوق العاطلين والعمال بهدف تحقيق مطالبها وعدالة قضيتها، وهي وسيلة من وسائل الضغط، وتستخدم بعد استنفاد الطرق والوسائل الحوارية المباشرة. وفي الفهم لحركة الاضراب والاعتصام من الناحية السياسية تكون خطوة نهائية ووسيلة أخيرة، وليست أولية لحل المشكلات. برأيي أن العاطلين عن العمل لم يكونوا متعجلين، وانما أخذهم دافع الحماس، بسبب الضغوط التي يواجهونها، وشعورهم بأنهم مسلوبي الارادة».

طاولة مستديرة

وعن موقف جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي من قضية البطالة يقول الحليبي: «نحن مع توفير العمل لكل العاطلين في البحرين، ويجب ايجاد وظائف للخريجين والعاطلين عن العمل في القطاعين الحكومي والخاص، وادماجهم بشكل طبيعي في سوق العمل، وضمان استقرارهم الوظيفي»، وأوضح أن هناك عدة أطراف معنية بهذه القضية لابد أن تجلس على طاولة مستطيلة وتتحاور وتتناقش في هذا الموضوع، وهي وزارة العمل والشئون الاجتماعية وغرفة التجارة والصناعة، وأرباب العمل، والعاطلين، ووضع الحلول والمقترحات والبرامج العلمية لمعالجة مشكلة البطالة. وعن مسألة التنسيق والترتيب بين الجمعيات السياسية لعمل خطة تحتوي موضوع البطالة، يقول: «نحن مع توحيد العمل المشترك مع الجمعيات الأخرى، وحل القضايا الوطنية بمنظور موسع شامل. وعلى الجمعيات السياسية تبني هذا الموضوع بشكل مشترك، والجلوس مع بعضنا بعضا، وتحديد أسباب البطالة، هل هي أسباب متعلقة بمستوى العاطلين؟ أم تزايد العمالة الأحنبية؟ أم بسبب تزايد التجنيس العشوائي؟».

25 مليون دينار

ويقول الحليبي: «نرى أن على وزير العمل والشئون الاجتماعية أن يدرس موضوع البطالة بعناية وتأنٍ، ويستفيد من تجارب الوزراء الذين سبقوه. ونتساءل هنا: كيف صرفت الـ 25 مليون دينار بحريني التي رصدت موازنة للبرنامج الوطني لتوظيف وتدريب البحرينيين الذي تبنته الوزارة في العام 2001؟ هل يوجد تقرير يبين كيفية صرفها؟ هناك أسئلة كثيرة، وليست المسألة هي رصد موازنة وانتهى الأمر؟ هل حلت المشكلة؟ أم فاقمت المشكلة؟».


«العمل الوطني» تدعو إلى تطبيق قوانين العمل

الوسط - محرر الشئون المحلية

دعت جمعية العمل الوطني الديمقراطي مؤخرا في مسودة برنامجها العام إلى تفعيل بند التأمين ضد التعطل الوارد في نظام التأمينات الاجتماعية، ووضع حد أدنى للأجور بهدف رفع مستوى المعيشة للمواطنين ذوي الدخل المحدود وتحقيق مبدأ بأن من يعمل 8 ساعات عمل ينبغي ألا يعيش تحت خط الفقر، وتحديد الوظائف المطلوب بحرنتها ضمن جدول زمني معقول بالتشاور مع جميع الأطراف ذات المصلحة.

كما دعت الجمعية إلى وضع برامج التدريب المناسبة والحوافز المادية لضمان استقرار العمالة الوطنية في الوظائف غير المرغوبة كثيرا، وضبط سوق العمالة الأجنبية من خلال تحديد الوظائف التي لا يسمح لغير البحرينيين بشغلها، والقضاء على مشكلة العمالة السائبة.

ورأت الجمعية كذلك وضع سياسة سكانية يكون أحد أهدافها تحديد الحد الأقصى للعمالة الأجنبية ونوعها، وتطبيق قانون العمل وأنظمة ولوائح وإجراءات وزارة العمل والشئون الاجتماعية على الجميع بالتساوي بحيث لا تتضرر المنشآت التي تلتزم بتوظيف البحرينيين وتستفيد المخالفة من سلطتها في خرق القانون

العدد 161 - الخميس 13 فبراير 2003م الموافق 11 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً