العدد 182 - الخميس 06 مارس 2003م الموافق 02 محرم 1424هـ

الحرب المحتملة تعزز احتمالات خفض الفائدة في أميركا

«دعونا ننتظر النتائج» شعار يرفعه رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الان جرينسبان في مواجهة القلق المتزايد في أوساط الأعمال الأميركية بشأن التداعيات المتوقعة للحرب المحتملة بمنطقة الخليج العربي على الاقتصاد الأميركي.

وتتزايد المخاوف في أوساط المؤسسات الاقتصادية الأميركية من تفاقم المتاعب الاقتصادية بالولايات المتحدة حال اندلاع الحرب الأميركية العراقية في ضوء المطالب المتزايدة بشأن ضرورة تحرك الاحتياطي الفيدرالي بسرعة لتجنب التداعيات الخطيرة التي قد تنجم عن استمرار الحرب لفترة طويلة.

وتجد الدعوات المتزايدة بضرورة خفض الفائدة صدى ايجابيا لدى عدد من المؤسسات الاقتصادية والبحثية الأميركية على رغم اعلان عدد من المسئولين بالاحتياطي الفيدرالي ان القرار الذي سيتخذه الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه المقرر عقده في الثامن عشر من مارس/آذار الجاري سيتوقف على التطورات السياسية والاقتصادية ولاسيما الحرب المحتملة بالخليج واستمرار التراجع في معدلات الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع اسعار النفط بالاسواق العالمية.

وقال رئيس ليمان برازرز ايتان هاريس إن تداعيات الازمة العراقية ستحدد الاولويات التي سيأخذها الاحتياطي الفيدرالي في اعتباره عند اتخاذ قراره بشأن الفائدة مشيرا الى أن احتمالات خفض الفائدة خلال الاجتماع المقبل للاحتياطي الفيدرالي ليست كبيرة.

وتوقع رئيس مؤسسة ليمان براذرز ان الاحتياطي الفيدرالي تخفيض الفائدة خلال النصف الاول من العام الجاري خلال الاجتماعين المقبلين للاحتياطي الفيدرالي والمقرر عقدهما في السادس من مايو/آيار والرابع والعشرين من يونيو/حزيران من العام الجاري.

وأكد ايتان هاريس ان احتمالات خفض الفائدة خلال النصف الاول من العام الجاري ستكون قوية حتى في حال نجاح الولايات المتحدة في حسم الحرب المحتملة مع العراق لان الاقتصاد الأميركي مستمر في فقد القوى الدافعة للنمو.

الاحتياطي الفيدرالي

وتوقع استمرار تراجع معدلات نمو الاقتصاد الأميركي خلال النصف الاول من العام الجاري.

ومن ناحية أخرى يبدي عدد من الخبراء الاقتصاديين الأميركيين مخاوفهم من التداعيات المحتملة لتجاهل الاحتياطي الفيدرالي للمتاعب والاخطار التي تحدق بالاقتصاد الأميركي حاليا حتى قبل اندلاع الحرب المحتملة في الخليج العربي.

وأوضح الخبراء الاقتصاديون ان الاخطار التي تحيط بالاقتصاد الأميركي تنحصر في جوانب كثيرة أولها ارتفاع أسعار النفط بصورة ملحوظة بالاسواق العالمية وهو ما يؤدي الى انخفاض ارباح الشركات الأميركية وتقلص معدلات الانفاق الاستهلاكي.

وثاني هذه الجوانب انخفاض مؤشر ثقة المستهلكين الذي يسجل حاليا أدنى مستوى له منذ العام 1993.

وقال الخبير الاقتصادي بمؤسسة جي بي مورجان روري توبلن إن مؤسسات الاعمال الدولية تفضل انهاء حال الترقب والحذر الحالية بشأن الحرب المتوقعة في منطقة الخليج موضحا أن متخذي القرار بالدول الكبرى يفضلون القاء اللوم على حال الترقب والحذر بشأن التباطؤ الاقتصادي الجاري.

وأضاف روري تابلن أن حال الحذر والترقب الحالية بشأن الحرب المحتملة بالخليج تضع متخذي القرار بالدول الكبرى أمام صعوبات كثيرة تتعلق بجانبين على قدر كبير من الاهمية... الاولى تتعلق بحيرة السياسيين في الدول الكبرى بشأن الاجراءات الواجب اتباعها للتعامل مع ذلك الوضع المتوتر والثانية تتعلق بالاجراءات الاقتصادية الواجب اتباعها في اعقاب الحرب المحتملة لتدعيم مؤشرات النمو العالمي.

ثالثا: معدلات البطالة المرتفعة والناتجة عن حال الترقب والحذر الحالية وغياب أية مؤشرات بشأن زيادة انفاق الشركات الأميركية لايجاد المزيد من فرص التوظيف بل على العكس من ذلك تتزايد احتمالات استغناء عدد من الشركات عن العمال لخفض النفقات واحتواء الخسائر.

رابعا: تراجع معدل نمو الناتج الصناعي نتيجة انخفاض معدلات الانفاق الاستهلاكي.

وتشير توقعات عدد من المؤسسات البحثية الأميركية الى أن الناتج الصناعي سيشهد مزيدا من التراجع خلال الأشهر القليلة المقبلة.

خامسا :تذبذب اسعار الاسهم بالبورصات الأميركية نتيجة لحال القلق والترقب الحالية والمخاوف من الحرب المحتملة.

وقال كبير الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة «سي أي بي سي» افيري شينفلد ان احتمالات خفض الفائدة تتزايد نظرا للصعوبات الاقتصادية الحالية ومعدلات التضخم المنخفضة.

وتوقع شينفلد أن تمارس الاسواق المالية ضغوطا خلال الفترة المقبلة لدفع الاحتياطي الفيدرالي الى خفض الفائدة.

وأوضح ممثلو 180 شركة من الشركات متعددة الجنسيات - خلال اجتماع عقد في نهاية الشهر الماضي بفلوريدا في فلوريدا - أن نجاح الولايات المتحدة في استصدار قرار من مجلس الأمن يخول لها استخدام القوة ضد العراق نتيجة عدم اذعانه لقرار مجلس الأمن الدولي سيسهم في إعادة الأستقرار لبيئة الأعمال بالولايات المتحدة والعالم.

وأكد ممثلو الشركات الأميركية ان استمرار حال الترقب الحالية من دون تحديد موقف واضح تجاه الحرب سيقوض مؤشرات النمو المتوقع في النصف الثاني من العام 2003.

مواجهة أزمات الطاقة

وقال خبراء نفط أميركيون إن إرتفاع أسعارالنفط لأكثر من 35 دولارا يعكس الحاجة الماسة الى وجود شبكة أمان في مواجهة أزمات الطاقة المستقبلية.

وأوضحت خبيرة شئون النفط بمعهد جيمس بيكر للشئون العامة امي مايرز أن الوضع السائد في سوق النفط أسوأ من الوضع الذي كان سائدا إبان حرب تحريرالكويت العام 1991. مشيرة الى أن المملكة العربية السعودية وايران ضختا حوالي 110 ملايين برميل من النفط خلال الأسبوع الأول لغزو العراق للكويت في أغسطس.1990

وأضافت مايرز أن الدول الصناعية الكبرى ستضطر إلى اللجوء الى الاحتياطي الاستراتيجي لمواجهة أية أزمة محتملة في إمدادات النفط حال اندلاع الحرب بمنطقة الخليج.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة - التي تسيطر على الاحتياطات النفطية الاستراتيجية بالدول الصناعية - أن الاحتياطي النفطي الاستراتيجي بالدول الصناعية يكفي لمواجهة أزمة تعادل في حجمها تداعيات الثورة الإسلامية الإيرانية العام 1978 -1979.

ويتوقع المحللون الغربيون بموافقة الوكالة الدولية للطاقة على ضخ كميات تتراوح ما بين مليون الى مليوني برميل يوميا من المخزون النفطي حال اندلاع الحرب بمنطقة الخليج.

ويشير خبراء النفط الأميركيون الى أن الزيادة في أسعار النفط يمكن احتواءها في حال تمكن الولايات المتحدة من حسم الحرب بسرعة ومنع الرئيس العراقي من تدمير آبار النفط ولاسيما في ظل انخفاض الطلب على النفط نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

وتوقع خبير النفط بمؤسسة (بي اف سي) للطاقة - التي تتخذ من واشنطن مقرا لها - جورج برانيك انخفاض أسعار النفط الى 20 دولارا في حال انتهاء الحرب العراقية بسرعة وطرح كمية كبيرة من الاحتياطي الاستراتيجي وعودة العراق الى سوق النفط العالمي.

إلا أنه أشار الى أن أسعار النفط ستشهد ارتفاعا كبيرا في حال استمرار الحرب بالخليج لفترة طويلة أو امتدادها لدول مجاورة.

خفض نمو الناتج

وترى مؤسسات دولية ان ارتفاع اسعار النفط ليست السبب الرئيسي وراء التباطؤ الاقتصادي العالمي إذ يشير صندوق النقد الدولي الى أن ارتفاع اسعار النفط عن المعدلات الطبيعية بنحو 10 دولارات يخفض نمو الناتج المحلي الاجمالي بالولايات المتحدة بنحو 0,3 في المئة نقطة والنمو العالمي بنحو 0,5 في المئة نقطة فقط.

وفي السياق نفسه قال وزير الخزانة الأميركي جون سنو - في اعقاب اجتماعات مجموعة السبع الصناعية الكبرى - ان الطلب الحالي على النفط بالدول الكبرى اقل بكثير من معدل الطلب الذي كان سائدا خلال حرب تحرير الكويت العام 1991.

ويوضح خبراء بصندوق النقد الدولي ان ارتفاع اسعار النفط يمكن ان تؤثر بصورة ملحوظة على نمو الناتج المحلي الاجمالي بالدول الكبرى في حال تزامنه مع ارتفاع معدل التضخم ومعدل فائدة مرتفع لفترة طويلة.

وأشار الان بيتي إلى ان القول إن الرئيس العراقي صدام حسين يقف بمفرده حجر عثرة امام زيادة النمو العالمي يعتبر امرا مبالغا فيه.

وفي المقابل يرى افيناش بيرسود كبير الاقتصاديين بمؤسسة ستيت ستريت ان الاسواق تعكس تداعيات حال القلق والترقب الحالية بشأن الحرب المحتملة بالخليج. وأوضح خبراء اقتصاديون أميركيون ان اسعار الأسهم بالبورصات الأميركية والاوروبية تتأثر حاليا بتداعيات حال الترقب والحذر الحالية إذ تتذبذب اسعار الأسهم صعودا وارتفاعا في ضوء التصريحات التي يدلي بها المسئولون الأميركيون وكبير مفتشي الاسلحة الدوليين هانز بليكس والتي تعكس التطورات على الساحة العراقية.

ومن جانبه أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الان جرينسبان ان الاقتصاد الأميركي يمكنه استعادة معدلات النمو حال انتهاء الاخطار التي تواجهها الولايات المتحدة.

الا ان خبراء اقتصاد أميركيين يرون ان الاقتصاد الأميركي شهد تباطؤا ملحوظا خلال العام 2001 ولم تكن الاخطار السياسية هي السبب في ذلك إذ ارتفع معدل البطالة وتزايدت خسائر عدد كبير من الشركات العاملة في قطاعات الطيران والسياحة والتكنولوجيا.

وأشار الخبراء الاقتصاديون الى أن العوامل الداخلية لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن فرص نمو الاقتصاد الأميركي بعد الاطاحة بالرئيس صدام حسين وانتهاء حال الترقب والحذر الحالية مشيرين الى ان تحقيق معدلات نمو ملحوظة تتوقف أيضا على زيادة معدل الانفاق الاستهلاكي وخفض معدل البطالة.

وأكدوا أن نمو القطاع الصناعي بصورة قوية يستلزم زيادة معدل الطلب على المنتجات الصناعية بالسوق الأميركي ولكن تحقيق ذلك الهدف يستغرق اشهرا كثيرة حتى في حال الاطاحة بالرئيس العراقي وانهاء الحرب بسرعة

العدد 182 - الخميس 06 مارس 2003م الموافق 02 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً