على مدى السنوات الماضية، أجريت الكثير من الحوارات واللقاءات الصحافية بمناسبة ذكرى «عاشوراء»، وكان من بين الشخصيات وأصحاب الفضيلة العلماء ممن سعدت بنقل وجهات نظرهم، وتأثرت كثيرا بأطروحاتهم الشيخ عبداللطيف المحمود والشيخ وجدي غنيم والشيخ راشد المريخي.
وهناك قائمة أخرى من العلماء الأجلاء الذين كان الناس يتشوقون للاستماع اليهم في ذكرى عاشوراء من علماء المسلمين، من أهل السنة والجماعة، كمن يسعد بالاستماع الى الداعية الشيخ الحبيب علي الجفري الذي فتح في إحدى حواراته على قناة «الأنوار» الفضائية ضمن موسم عاشوراء من العام 2004 إضاءات مهمة في التلاقي على حب الحسين (ع) في قلوب المسلمين سنة وشيعة، فهو الذي يجمع بمأساته المفجعة أمة جده، تحت راية دين جده التي دافع عنها وقدم نفسه وأبناءه وأهل بيته وأصحابه قربانا.
أولئك العلماء الأجلاء، لم يبخلوا ولم يداهنوا في تقديم الرأي والموقف تجاه ذكرى عاشوراء الحسين (ع)، فهي بالنسبة لهم مفتاح مهم للتلاقي بين أبناء المجتمع الواحد، سنة وشيعة، وليس موسما مسببا للتنافر والشحن البغيض، وهذا ما يمكن أن نعتبره تعبيرا يعكس إيصال رسالة إلى خطباء ومشايخ المنابر الحسينية لأن يلتفتوا إلى هذا الجانب، ومن أبرز أطروحات أولئك المشايخ، أن الحسين (ع) يجمع قيم الدين والأخلاق والحب والحياة والتضحية والتفاني والإخلاص، وهو ما يجب الحرص عليه كل الحرص. «الكاتب البحريني حمد النعيمي، واحد من أولئك الذين أرخوا ووضعوا مرجعا للعلاقات البحرينية الأصيلة، ويمكن قراءة الكثير من كتاباته لنجدها تصب في هذا الاتجاه»، بهذا الكلام بدأ الطالب الجامعي عبدالله راشد بورميح (تخصص علوم سياسية بجامعة القاهرة)، يلفت إلى نقطة مهمة، وهي أن الطلبة البحرينيين في الخارج يحيون ذكرى عاشوراء بصورة أفضل من إحيائها في البحرين. فهم هناك مثلا، في السكن الجامعي، «ينظمون المحاضرات الحسينية ويقيمون لطميات بمشاركة السنة والشيعة، بل ونستفيد كثيرا من المحاضرات الدينية والعلمية، ولا أدري ما الذي يدفع البعض لإثارة الضغائن في هذا الموسم في البحرين مع أن مواكب عزاء المنامة ومدينة عيسى يشارك فيها السنة والشيعة وهذا ما نريده». ويتفق معه في الرأي الموظف شريف عبدالله أحمد، الذي يشدّد على أن المجتمع البحريني مجتمع محبة، وهذه الروح التي نشهدها في موسم عاشوراء الحسين (ع) هي الروح التي تجمع أهل البحرين، من قيادتهم إلى أصغر بيت في البلد. وبالنسبة لذكرى عاشوراء، فإن هناك مبادرات طيبة لاستثمارها في تقوية النسيج الاجتماعي والتصدي لكل ما من شأنه التأثير على العلاقات بين الناس. وبالنسبة لي، أرى من الضروري أن نعمل معا في هذا الموسم، للقضاء على المنغّصات ومسببات الفرقة، وأن يكون لدينا خطاب للدفاع عن الدين الإسلامي والتصدي لكل أشكال الإساءة لنبي الأمة (ص) وللمعتقدات الإسلامية في الإعلام الغربي، وخصوصا في ظل ما يتعرض له الدين الإسلامي من هجوم وممارسات مقصودة لتوجيه الإهانات للدين ورموزه على مساحة واسعة. وهذه القضية، واحدة من أهم القضايا التي جمعت أبناء البلد من الطائفتين الكريمتين، في مسيرات ولقاءات واتفاق مشترك على عدم السماح بأي صور المساس بالرسول الأعظم (ص) وبالدين الإسلامي الحنيف.
والشباب العاملون في القطاع الإعلامي والفني لهم رأي في هذا المجال، فمهندس الصوت يوسف بوبشيت، له تجربة في إصدار الصوتيات والمرئيات لمناسبة عاشوراء، وهو يقول «إن الكثير من الشباب بدأوا يطلعون على إنتاج عاشوراء الحسيني، ولهم جمهور أيضا وخصوصا حين يكون مرهفا من ناحية المعنى». وللمهندس علي سمير (ستوديو تيك تايم)، رأي يؤكد الرغبة في إيجاد ثقافة عاشورائية تناسب كل الأطياف، وهو ينطلق من تقييمه لتدقيق الرواديد على القصائد والألحان، وهذه كلها أمور تفيد في تقديم نماذج جميلة تدخل في إطار الإنتاج الذوقي الرفيع، والمناسبة الإسلامية العظيمة، ذكرى استشهاد الإمام الحسين، يجب أن تستغل في تحقيق مكاسب على مستوى بناء المجتمع ورقيه.
ويعتقد كل من كامل جواد رشدان (رجل أمن) ومنير إبراهيم (أعمال حرة) أن السنة والشيعة في البحرين أحباب، لكن ما يحدث أن هناك طرفا من متديني الشيعة المتشددين يثير السنة، وطرفا من السنة المتشددين يثير الشيعة، ولو استطعنا تهميش وتغييب هذين الفريقين المتشددين لكنا بخير وعافية، والحمد لله أننا مازلنا نجد في كثير من المآتم مستمعين من السنة والشيعة، ونتمنى أن تدوم هذه الحالة.
العدد 1603 - الخميس 25 يناير 2007م الموافق 06 محرم 1428هـ