أيَّد البرلمان العراقي أمس (الخميس) بالإجماع الخطة الجديدة لفرض الأمن في بغداد، التي وصفها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأنها «عراقية 100 في المئة»، في حين أسفرت أعمال العنف والتفجيرات عن مقتل أكثر من 44 شخصا. وطلب نائب رئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية من النواب - وعددهم لا يتجاوز 170 من أصل 275 - التصويت على الخطة بعد أن طرح المالكي عناوينها العريضة. وقال مصدر برلماني إن «العطية توجه إلى النواب قائلا: كلنا يؤيد نزع السلاح وفرض القانون. قبل أن يطلب التصويت عبر رفع الأيدي ففعل ذلك جميع الحضور».
ومن جهتها، أعلنت الكتلة الصدرية تأييدها الخطة، وقال النائب بهاء الأعرجي إن «الكتلة تؤيد الخطة كما أعلنها رئيس الوزراء».
وفي المقابل, وجّه نائب عن جبهة التوافق انتقادات لاذعة إلى المالكي خلال الجلسة وقال عبدالناصر الجنابي أثناء مداخلة: «لا نستطيع أن نثق برئاسة مجلس الوزراء»، وذلك بعد أن استعرض جانبا من معاناة العراقيين جراء الاعتقالات وزجهم في السجون واعتقال النساء واختطاف الحجاج وحصار المدن أثناء شن حملات عسكرية كما حدث أخيرا في شارع حيفا. إلا أن ذلك لم يثنِ البرلمان إذ قوبل المالكي بترحاب وتصفيق خلال مناقشة الخطة. ورد المالكي بانفعال على الجنابي قائلا: «عندما أحرك ملفك وأعرضه على البرلمان ويرى المجلس أنك قمت بخطف 150 شخصا، فهل تتحمّل مسئولية ما تقوله؟»، ولكن رئيس المجلس محمود المشهداني بادر إلى مقاطعة رئيس الوزراء قائلا: «غير مسموح التحدث بهذا الشكل تحت قبة البرلمان».
ولدى مغادرته المكان بعد وقت قصير، حاول الجنابي الاقتراب من المالكي للتحدث إليه، ولكن الحراس أرغموه على البقاء بعيدا. وقال المالكي في كلمة مطولة أمام النواب إن «خطة أمن بغداد التي ستنفذ قريبا هي خطة عراقية 100 في المئة وتحت قيادة عراقية لأول مرة بهذا الحجم». وأضاف أن «دور القوات متعددة الجنسيات في الخطة سيكون للإسناد والدعم للقوات العراقية». وتابع أن «خطة أمن بغداد هي تجربة جديدة ينبغي أن تنجح بتعاوننا جميعا معها وأن الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأميركي (جورج بوش) بشأن العراق جاءت متممة وداعمة للاستراتيجية التي وضعتها الحكومة العراقية». مضيفا أن «خطة أمن بغداد تستهدف فرض القانون وسيكون اسمها (خطة فرض القانون)، وهي غير موجهة نحو أحد من مكونات الشعب فهي لا تستهدف الشيعة ولا السنة بل تستهدف الجميع ممن يخرجون عن القانون».
وأوضح أن «الخطة تلتزم بالمهنية العسكرية البحتة وستكون بقيادة ضباط عراقيين مهنيين يفكرون في العملية العسكرية فقط لا السياسية ومن دون انحياز». وقال: «قسمت بغداد وفق هذه الخطة إلى 9 مناطق تخضع إلى قيادة الجيش والشرطة في آن واحد». وأضاف «علينا إبعاد المؤثرات السياسية والطائفية والقومية والعنصرية عن الخطة الجديدة وسوف لن تكون هي الأخيرة كما يشاع». وقال المالكي: «إننا نريد العافية للمدن التي هُجِّر منها أهلها واعلموا أننا اليوم أو غدا سنمارس عملية اعتقال لكل من يسكن في بيت مُهَجَّر حتى نفتح الباب أمام المُهَجَّرين للعودة إلى منازلهم تحت حماية قوات الأمن».
وأضاف «سنعمل على نزع السلاح، والسلاح لن يكون إلا بيد الحكومة. من يحمل السلاح فسيعرض نفسه للخطر والاعتقال كما ستكون هناك ملاحقة لكل من يستخدم سيارات الدولة لتنفيذ عمليات بحق المواطنين». كما وجه المالكي انتقادات حادة إلى «بعض الغرباء من عرب وغير عرب»، منددا بما وصفه بـ «شراكة في العملية الإرهابية». وأضاف «نعاني وجود بعض الغرباء عربا أو غير عرب (...) مع الأسف الشديد فتحت شهيتهم بسبب مواقفنا. نحن الذين فتحنا لهم الباب للتدخل حينما قاموا بالشراكة في العملية الإرهابية والقتل». وأكد «أننا سنتعامل بالدرجة نفسها في الموقفين السياسي والأمني مع كل الذين يتدخلون في الشأن العراقي، وفي الوقت ذاته نؤكد ضرورة رفض التدخل في شئون الآخرين (...) نرفض ما يحصل في دول الجوار من مؤتمرات وإعلام يتحدث عن الشأن العراقي الداخلي».
في غضون ذلك، أعلنت مصادر أمنية عراقية مقتل 20 شخصا وإصابة عدد مماثل بجروح في انفجار سيارة مفخخة يقودها انتحاري في منطقة الكرادة وسط بغداد. وقالت إن «الانفجار استهدف دورية للشرطة»، مشيرة إلى احتمال ارتفاع الحصيلة. كما قتل 10 أشخاص وأصيب 30 آخرون بجروح في أعمال عنف بينها مقتل 3 أشخاص في تفجير انتحاري في الفلوجة. ولقي 14 شخصا حتفهم وأصيب 5 آخرون بجروح في حادثين منفصلين في حديثة، بينما اندلعت مواجهات بين مسلحين ودورية أميركية بمحافظة الأنبار.
العدد 1603 - الخميس 25 يناير 2007م الموافق 06 محرم 1428هـ