العدد 1607 - الإثنين 29 يناير 2007م الموافق 10 محرم 1428هـ

المسرح الحسيني... حقيقة أم سراب؟

المسرح هو فن النطق بالعناصر الفنية المتعددة، وهي الممثل الواعي لمهماته والمنسجم مع بقية العناصر، من ديكور وموسيقى وملابس وإضاءة... وبقية العناصر المسرحية المعروفة. وهو فن يمتلك من الوسائل التي تفتح الباب للكشف عن الطبيعة الإنسانية، وهو وسيلة من الوسائل التعليمية التي تسعى ؛لأنْ تكشف خفايا المجتمع وأسراره الدفينة. وهو «أبو الفنون» كما يسميه النقاد، لاحتوائه على جميع أشكال الفنون.

والمسرح لا يقتصر على الترفيه، أو كسب لقمة العيش، بل يسعى بكل إمكاناته إلى الخوض في قضايا المجتمع والمساهمة في عرضها وتحليلها، ومن ثم تقديم وسائل الحماية والوقاية والعلاج إن أمكن.

فن المسرح لم يُهمش أو يُنسى لدى العاملين في المجتمع والساعين إلى نشر الأفكار والمفاهيم، فهؤلاء الداعون والمبشرون والكثير من أصحاب الديانات السماوية وغير السماوية، استخدموا المسرح واعتبروه وسيلة من وسائلهم وأداة للتواصل مع المجتمع، لما يمتلك من قدرة على التعبير بالنص والحركة والمؤثرات وغيرها. ولم يقف المسرح عاجزا عن خدمة المجتمع، وخصوصا قضاياه الدينية الإنسانية، بل ساهم مساهمة فعالة في توضيح مفاهيم وقيم الدين سواء كانت إسلامية أو تحت مظلة دين آخر.

مسرحة قضية الحسين

وبما أن قضية سيد الشهداء الحسين (ع) تعتبر من القضايا الدينية الإسلامية الإنسانية، ولِما لها من بعد فكري وعاطفي منغرس في وجدان الأمة الإسلامية عموما والشيعة خصوصا، فقد تتطرق المسرح إلى هذه القضية وساهم فيها مساهمة لم تقتصر على سرد الأحداث والوقائع بصورتها الجافة والروتينية، بل حمل لواء نشر فكر وقيم الرسالة الحسينية محاولا إبراز معالمها قدر المستطاع. وقد استخدم المسرح لنشر فكر وأهداف قضية الحسين(ع)، فعرض المأساة وعرض التراجيديا، وخاض في قضايا المجتمع عبر التاريخ وعبر ملحمة كربلاء.

بل إننا نجد بعض الملامح المؤثرة في السيرة، فكلنا يعرف الرواية التي تتحدث عن فترة سابقة على كربلاء، عندما كان الحسن والحسين (ع) صبيين شاهدا رجلا يتوضأ ولكنه لم يكن يحسن الوضوء، فصحّحا له وضوءه بموقف تمثيلي رائع، وجسّدا له بالموقف صورة الداعية إلى الحقيقة والصواب بالتي هي أحسن.

وسنستعرض بعض الخطوط المشتركة بين أهداف الثورة الحسينية وأهداف المسرح - لو طبق كما يبغي - لنجد أن هناك خطوطا مشتركة وتصب في الاتجاه نفسه.

أهداف الثورة الحسينية

وأهداف المسرح

-1 الدفاع عن الإنسان وكرامته.

* يدافع عن الإنسان، وعن حريتـه، وكرامته، وأمنه، ورغيف عيشه، وسعادته، وهو الأقدر من بين الفنون جميعا لما له من شروط ثلاثة: الملامسة والحـوار والاجتماع.

-2 إظهار كلمة الحق ونصر المظلوم، والبعد عن الخوف والمداهنة.

* يوفر المناخ الواسع الذي يمنح الحرية للمسرحي؛ ليكسر القيود الزمنية الثقيلة، وليعبر عن نفسه ومجتمعه وعن الهم الإنساني بعيدا عن ثقافة الخوف والحذر.

-3 الدعوة لحرية التعبير والمطالبة بالحقوق المشروعة.

* الدعوة إلى الحوار، أفرادا وجماعات وشعوبا، والحوار داخلٌ في بنية المسرح النصية والتشخيصية.

-4 ترسيخ مبدأ التعددية، والتعاون الجماعي، والتحرك بروح الفريق الواحد لتحقيق الهدف.

* الإيمان بديمقراطية المسرح كعمل جماعي وفن مركب من جهود مشتركة، والإيمان بالتعددية الفنية والفكرية، وإن الأحادية مقبرة الإبداع.

-5 تقديم الولاء للقائد والاستماع لإرشاداته وتعاليمه.

* احترام كلمة المؤلف، وتطبيق تعليمات المخرج، الذي يعتبر قائد الفريق، وعدم الخروج بروح الفرد، وإنما التحرك بموقف جماعي.

فهل سيسعى القائمون على المسرح في موسم عاشوراء لتقديم العروض الفكرية الفنية الناجحة، أو سيقدمون عرضا مسرحيا هابطا، يسيىء إلى الثورة الحسينية ويسيىء إلى المؤمنين بقضية أهل البيت النبوي الشريف، ويصفق الجميع بعدها، ويقول الناس عندها إن تلك المنطقة أو ذلك الفريق قدم عرضا مسرحيا والسلام؟

مخرج مسرحي

العدد 1607 - الإثنين 29 يناير 2007م الموافق 10 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً