أفرجت النيابة العامة مساء أمس (الجمعة) عن ثلاثة نشطاء سياسيين اعتقلوا في الصباح الباكر وافرج عنهم بعد 15 ساعة من التوقيف والتحقيق بضمان محل إقامتهم. المعتقلون كانوا الامين العام لحركة «حق»حسن مشيمع (58 عاما) ورئيس مركز البحرين لحقوق الانسان (المنحل) عبدالهادي الخواجة (46 عاما) والناشط شاكر محمد (27 عاما). وفيما اعتبر أحد المحامين الافراج خطوة من أجل التهدئة بعد يوم عاصف بالمواجهات في المنامة و السنابس والديه وجدحفص وسترة وكرزكان، أكد مصدر مسئول أن النيابة العامة «ستحيل القضية للمحكمة المختصة». وحتى منتصف الليل، كانت المناوشات مستمرة، فيما قام عدد من النواب و الوجهاء من بينهم المفرج عنه حسن مشيمع بمحاولات لتهدئة الوضع. وعلمت «الوسط» ان سبعة على الاقل سيتم استدعاؤهم للتحقيق، وسقط عدد من الشباب جرحى لم يعرف عددهم بصورة دقيقة حتى وقت متأخر من يوم أمس.
بدأت الحوادث الساعة الساسة صباح أمس مع اعتقال الناشطين الثلاثة ونقلهم الى ادارة التحقيقات الجنائية بوزارة الداخلية، وبعد ذلك تم تحويلهم الى النيابة العامة في منتصف النهار. ،بعد ذلك بقليل، نحو الواحدة بعد الظهر انطلقت مسيرة من منزل مشيمع في جدحفص نحو الشارع العام وجوبهت بمسيلات الدموع التي أطلقتها قوات مكافحة الشغب لتفريق المتظاهرين الذي بلغ عددهم بين 700 إلى 1000 شخص. ورد عدد من المتظاهرين بإلقاء الحجارة على قوات الأمن وحرق الحاويات واضرام النيران في الاطارات ما عطل حركة المرور في المنطقة من البرهامة حتى المستشفى الدولي.
وأحضرت القوات الخاصة المتهمين الثلاثة: مشيمع والخواجة وسلمان ظهر يوم أمس إلى مبنى النيابة العامة وسط تشديد أمني ملحوظ للتحقيق معهم بعد أن تم القبض عليهم في ساعة مبكرة من الصباح، الأمر الذي أدى إلى نشوب اضطرابات ومواجهات عدة في مناطق مختلفة من المملكة.
وبعد ساعات من التحقيق الذي حضره محامون عدة، من بينهم حسن رضي وجليلة السيد وعبدالله الشملاوي ومحمد المطوع واحمد العريض وصفاء الستراوي أنكر المتهمون جميعا التهم الخمس الموجهة إليهم، وهي: الترويج لتغيير النظام السياسي في الدولة، والتحريض علانية على كراهية نظام الحكم، وإذاعة أخبار وشائعات كاذبة ومغرضة، وبث دعايات مثيرة من شأنها اضطراب الأمن والإضرار بالمصلحة العامة، والتحريض على عدم الانقياد للقوانين وتحسين أمور تعد جرائم.
النيابة: المتهمون ألقوا خطبا بمحافل عامة تعرضوا فيها للنظام السياسي
إلى ذلك، صرح مصدر مسئول في النيابة العامة بأنها باشرت يوم أمس (الجمعة) التحقيق مع المتهمين الثلاثة بناء على بلاغ مقدم من قبل جهاز الأمن الوطني، وبدورها وجهت النيابة العامة للمتهمين التهم سالفة الذكر. وأكد المصدر أن النيابة العامة ستحيل القضية إلى المحكمة المختصة، وذلك بعد أن ثبت في حق المتهمين من إدلائهم بخطب في محافل عامة تتضمن تعريضا بالنظام السياسي في الدولة والادعاء بأمور غير صحيحة من شأنها إثارة الفتن وإحداث القلاقل والاضطرابات والدعوة إلى مواجهة السلطات في الدولة بوسائل غير مشروعة.
ولفت المصدر إلى أن النيابة العامة واجهت المتهمين بالأدلة المتوافرة، ومن ذلك التسجيلات المشتملة على الخطب التي ألقوها علنا في المحافل العامة، مؤكدا أن النيابة العامة أمرت بإخلاء سبيل المتهمين جميعا بضمان محل إقامتهم.
المحامون: خطب ليلة العاشر هي سبب الاعتقال والمتهمون أنكروا التهم
وأوضح وكلاء المتهمين أن الخطب التي تم اعتقال موكليهم على إثرها هي خطب ألقيت ليلة العاشر من شهر محرم في العاصمة(المنامة) أثناء الاحتفال بمناسبة عاشوراء. وأكد المحامون أن موكليهم أنكروا أثناء التحقيق معهم التهم الموجهة إليهم، في حين طلب المحامون من النيابة العامة الإفراج عنهم بأية ضمانات تراها النيابة العامة.
وحضر عدد من النواب الوفاقيين إلى النيابة العامة حتى انتهاء التحقيق، والنواب هم: الشيخ حمزة الديري، والسيد عبدالله العالي، وجلال فيروز، وعبدالحسين المتغوي، إضافة إلى العضو البلدي الوفاقي يوسف ربيع.
الشملاوي: الأدلة مجحودة ومنكرة من قبل المتهمين
من جهته، أكد المحامي عبدالله الشملاي الذي حضر التحقيق مع المتهم عبدالهادي الخواجة أن الأخير أنكر التهم المنسوبة إليه. وقال الشملاوي: «إن عملية اعتقال الخواجة كانت بناء على تحريات من جهاز الأمن الوطني نتيجة عبارات قيلت في بعض الخطب ليلة العاشر من محرم في العاصمة (المنامة)».
وأضاف «تم عرض قرص ممغنط (سي دي) مصور ومسموع لتلك الخطبة الملقاة، إلا أن الخواجة أنكر ما احتواه ذلك القرص»، متهما أن «الصوت مركب من أكثر من خطبة». وأشار المتحدث إلى أن الخواجة امتنع عن أكل الطعام المقدم له حتى عودته إلى منزله.
... ويؤكد: الأدلة مستحصلة من إجراء باطل
وفي تعليقه على أمر الإفراج، قال: «كان الإفراج متوقعا، ولم تقدم أية أدلة غير القروص الممغنطة، وهي أدلة مجحودة ومنكرة من قبل المتهمين، ولم يتم الاستحصال عليها بطريق قانوني، وهي دليل متحصل من إجراء باطل يخالف الشرعية الإجرائية، حتى يحتج بأي دليل يجب أن يكون متحصلا من إجراء صحيح». وأضاف «لا توجد أدلة على المتهمين سوى تحريات أجهزة الأمن والقرص الممغنط، ولو أن الدعوى أحيلت للمحكمة فإننا نتوقع الحكم بالبراءة».
المطوع: الخطب مست مسئولي الدولة
من جانبه، قال المحامي محمد المطوع الذي كان حاضرا مع المتهم شاكر محمد بُعيد انتهاء التحقيق لـ «الوسط»: «إن عملية الاعتقال جرت على خلفية إلقاء خطابات ليلة العاشر من محرم، وتلك الخطابات مست شخص جلالة الملك، وهذه الخطابات وجهت من موكلي إلى الناس، وهو ينال فيها من مسئولي الدولة الذين لم يوفوا بوعودهم، بحسب تعبيره».
وأضاف المطوع «كانت أهم المطالب التي ألقيت في الخطبة بالنسبة إلى موكلي هي عدم توفير المسئولين وظائف للعاطلين عن العمل في البحرين، وعدم إنجاز أي من المطالب التي وعدوا بتقديمها في فترة الانفراج السياسي».
ويقول: شاكر أنكر مباشرة ولكن...!
وأوضح المطوع أن «موكله أنكر بشكل مباشر التهم الموجهة إليه، ولكن ومن خلال الإجابة على الأسئلة، تتلمس النيابة العامة نوعا من الاعترافات، بالإضافة إلى الأدلة الموجودة، وهو التقرير الذي أكده جهاز الأمن الوطني وقدمه للنيابة العامة، بالإضافة إلى القرص الممغنط (سي دي) الذي كان يحتوي تسجيلا للخطبة الملقاة ليلة العاشر من شهر محرم في العاصمة (المنامة)».
وأشار المحامي محمد المطوع إلى أن موكله المتهم شاكر محمد، هو عاطل عن العمل ويبلغ 25 عاما، إضافة إلى أنه متزوج ولديه ابن صغير، وهو من منطقة الهملة، ويسكن في شقة مستأجرة، لافتا (المطوع) إلى أن موكله شاكر يؤكد أن شقته مسقوفة بصفيح الألمنيوم (الجينكو).
السيد: خطبتا المنامة وسترة سبب اعتقال مشيمع
أما المحامية جليلة السيد الحاضرة مع حسن مشيمع، فأوضحت لـ «الوسط» أن التحقيق جرى بشأن التهم المنسوبة إلى مشيمع، إلا أن الأخير أنكر تلك التهم. وأفادت السيد أن الاعتقال جاء بناء على الخطبتين اللتين ألقاهما مشيمع ليلة العاشر من محرم في العاصمة (المنامة) وفي منطقة سترة.
هذا، وتعتبر التهم الموجهة للمتهمين تهم جنايات، أي من المتوقع إحالة القضية إلى المحكمة الكبرى الجنائية للنظر فيها.
النيابة تستند إلى مواد من قانون العقوبات
واستندت النيابة العامة إلى المادة 160 من قانون العقوبات، والتي تنص على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات من روج أو حبذ بأية طريقة لقلب أو تغيير النظام السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي للدولة بالقوة أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة.
إضافة إلى المادة 165 من قانون العقوبات، والناصة على أنه يعاقب بالحبس من حرض بإحدى طرق العلانية على كراهية نظام الحكم أو الازدراء به. والمادة 168 من قانون العقوبات والناصة على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تتجاوز مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من أذاع عمدا أخبارا أو بيانا أو شائعات كاذبة أو مغرضة، أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك اضطراب الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
وأضافت المادة «يعاقب بهذه العقوبة من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررا أو مطبوعا يتضمن شيئا مما نص عليه في الفقرة السابقة من دون سبب مشروع، ومن حاز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية مخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر».
إضافة إلى استناد النيابة العامة إلى المادة 173 من القانون ذاته، والقائلة: «يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة من حرض غيره بإحدى طرق العلانية على عدم الانقياد للقوانين، أو حسن أمرا يعد جريمة».
أما المادة الأخيرة المتهم فيها المتهمون فهي المادة رقم 214 من قانون العقوبات البحريني، والناصة على أنه «يعاقب بالحبس من أهان بإحدى طرق العلانية الملك أو علم الدولة أو الشعار الوطني».
«الداخلية»: المعتقلون استغلوا فعاليات عاشوراء للتحريض
المنامة - وزارة الداخلية
صرح الوكيل المساعد للشئون القانونية بوزارة الداخلية العقيد محمد راشد بوحمود في بيان أصدرته الوزارة يوم أمس بأن «أجهزة الأمن المختصة ألقت القبض على ثلاثة أشخاص في صباح يوم الجمعة الموافق 2 فبراير/ شباط الجاري لارتكابهم جرائم تتعلق بالترويج والتحبيذ لتغيير النظام السياسي في الدولة بوسائل غير مشروعة والتحريض علانية على كراهية ومعادات نظام الحكم ووصفه بنعوت غير لائقة ما يعد جريمة من حيث مخالفة القوانين والسعي إلى تحسين أمر غير شرعي مع إشاعة الاضطراب وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة وتعكير صفو الأمن بإذاعة أخبار ملفقة وبيانات عارية عن الصحة، وبث دعايات هدامة لا يستفيد منها إلا من لا يحب الخير والاستقرار لهذا الوطن». وأردف بوحمود «في ضوء هذه الأسباب والوقائع تمت إحالة المتهمين على الفور وفي اليوم نفسه إلى النيابة العامة التي باشرت التحقيق معهم». وأضاف الوكيل المساعد للشئون القانونية أن «المتهمين ارتكبوا الجرائم المنسوبة في أجواء إحياء ذكرى عاشوراء مستغلين الأنشطة والفعاليات المصاحبة للشعائر الحسينية لترويج مثل هذه الأفكار المغرضة التي تثير استياء أبناء الوطن كافة ولا تخدم الاستقرار والوحدة الوطنية عن طريق إلقاء الخطب التحريضية على الجموع المحتشدة بالمآتم ومواكب العزاء، والتي تم توثيقها بالصوت والصورة».
مشيمع: مارست حقي الطبيعي في التعبير عن الرأي بهدف الإصلاح
صرح الناشط السياسي المفرج عنه حسن مشيمع بعيد الإفراج عنه لـ «الوسط»، قائلا: «الواقع فوجئت عند الساعة السادسة من صباح يوم أمس (الجمعة) بقوات الشغب، إضافة إلى ضابط من قسم المخابرات يحملون إذنا من النيابة العامة بالقبض عليّ، وبعدها تم اعتقالي وأخذي إلى إدارة التحقيقات الجنائية، ومن ثم أخذت إلى النيابة العامة وذلك عند الساعة 12 ظهرا».
وأضاف مشيمع «وفي النيابة بدأ التحقيق معي عند قرابة الساعة الثالثة ظهرا، وانتهى عند الساعة السادسة مساء، إلا أنني بقيت هناك حتى الساعة الثامنة مساء (أمس الجمعة)».
وأوضح مشيمع أن «النيابة العامة وجهت له مجموعة من الأسئلة بشأن مسألة الخطابات الأخيرة، والمحاضرة التي ألقاها في منطقتي سترة والمنامة، وما جاء في تلك المحاضرات والخطب من انتقادات، إضافة إلى تعرضي لإحدى القضايا التي شغلت الرأي العام في الآونة الأخيرة». وأكد مشيمع أنه أنكر جميع التهم الموجهة إليه، وعلق عليها بالقول: «هذا حقي الطبيعي في التعبير، إذ يفترض أن تكون الدولة ديمقراطية تسمع للرأي الآخر، وتلك الآراء والانتقادات إنما هي من أجل المساهمة في الإصلاح الحقيقي، وإن محصلة النقد وطرح الآراء والانتقادات التي تتحدث عن بعض التجاوزات والمخالفات إنما هي من أجل الإصلاح الحقيقي المنشود».
العدد 1611 - الجمعة 02 فبراير 2007م الموافق 14 محرم 1428هـ