بصفتي قريبا من بعض المهتمين بالبحر وصيد الأسماك وهي وظيفة رزق أساسية لهم ولكل الناس، أخبرني أحد البحارة وصيادي الأسماك بهمه وغمه بسبب توقف وظيفته الرئيسية والأساسية وهي صيد الأسماك لا غير، وبسبب توقفه عن صيد الأسماك توقف رزقه وتعثر... وهذا التوقف جاء بسبب أحد القوانين الصادرة عن إدارة الثروة السمكية، الذي يعتبره قانونا غير سليم وغير صائب وغير إيجابي بل هو قانون سلبي ويؤثر على وظيفة البحارة وصيادي الأسماك، وبالتالي يؤثر على الرزق وعلى توافر الأسماك للمستهلكين ولكل الناس.
سألته ما الذي أصابك؟ وما الذي دعاك للغم والهم؟ وما القانون الصادر عن إدارة الثروة السمكية الذي اعتراك بسببه الحزن والألم والتوقف عن صيد الأسماك؟ فرد قائلا: «نحن أصحاب (الطراريد) الصغيرة والمسجلة أسماؤهم في إدارة الثروة السمكية موظفين بمسمى بحارة وصيادي الأسماك بحسب قانون الثروة السمكية لا يسمح لنا باستقدام عمالة آسيوية أو أجنبية وفق حاجتنا الطبيعية للوظيفة، وأن إدارة الثروة السمكية حددت لنا عاملين فقط، وهذا التحديد له آثار وخيمة على وظيفة صيد الأسماك وبالتالي على توافر هذه النعمة للناس».
وذكر البحار أنه وآخرين يفضلون إضافة عامل آخر حتى يصل عدد العمال في كل طراد إلى ثلاثة عمال بمعية صاحب وقائد الطراد وهو بحريني الجنسية، وبهذه الكيفية يصل عدد العاملين في كل طراد إلى أربعة أشخاص.
وعزا ذلك إلى أسباب وجدتها أسبابا في غاية العقلانية والمنطقية وهي: وجود ثلاثة عمال بمعية صاحب الوظيفة والطراد أثناء الصيد يجعل العمل بهذا الكادر سهلا للغاية ويسهم في أداء العمل على أكمل وجه ويؤدي إلى سرعة العمل والحصول على الصيد بشكل أكبر ويوفر الوقت المناسب لهذه الوظيفة ويقتصد في الوقت أثناء رحلة الصيد، ولو تعرض - لا سمح الله - أحد العاملين لمكروه أو لمرض أو لإصابة أثناء الرحلة ولا يستطيع أن يمارس وظيفته ولكنه يستطيع البقاء حتى نهاية الرحلة من دون بذل أي جهد أو عمل، فإن الآخرين سيقومون بالوظيفة بشكل لائق ومن دون نقص يؤثر على الوظيفة وعلى الرزق وعلى الكادر.
أما السبب الثالث فهو لو تعرض أحد العمال - لا سمح الله - لمرض أو مكروه يوقفه عن ممارسة العمل أو يجبره على السفر إلى بلده بسبب وفاة أحد أقاربه، فإن الآخرين سيقومون بالوظيفة على أفضل ما يرجى ومن دون نقص أو توقف. وأخيرا لو أراد أحد العمال السفر إلى بلده لقضاء إجازته السنوية لن يترك فراغا يتسبب في توقف العمل والسعي للرزق.
تلك الأسباب وجدتها مقنعة ومنطقية في إضافة عامل ثالث لكل طراد، مع العلم أن البحار المعني بهذه السطور فوجئ بأن أحد عماله يريد السفر إلى بلده على وجه السرعة بسبب وفاة زوجته إثر تعرضها لحادث مروري... فالبحار انسان ويريد أن يتعامل مع مثل هذه الظروف بإنسانية من خلال السماح لعامله بالذهاب لعزاء أسرته، ولكنه في المقابل وبسبب قانون الثروة السمكية يتطلب منه إيقاف عمله حتى عودة العامل المسافر لأن طبيعة الوظيفة لا تحتمل نقص الكادر العامل.
ولو وجد ثلاثة عمال فهذا يعني أن العامل المسافر يستطيع أن يبقى فترة مناسبة مع أهله في بلده في مثل هذه الظروف الصعبة، وأيضا يستطيع أن يسافر العامل الآسيوي إلى بلده في إجازته السنوية والقانونية من دون تعطل أو تعثر أو توقف عن عمل صيد الأسماك بالنسبة إلى البحار.
إذا إضافة عامل ثالث مهم جدا لأداء هذه الوظيفة بشكل مستمر ومن دون قلق وخوف على توقف الرزق وعلى توقف العمل.
ومن خلال هذه السطور وعبر صحافتنا المحلية نأمل من المعنيين في إدارة الثروة السمكية النظر في هذه المشكلة، وهي مشكلة نقص عدد العاملين، وإيجاد حل مناسب لها يرضي البحارة وصيادي الأسماك بزيادة عدد العاملين كي يستمر البحارة وصيادو الأسماك بوظيفتهم التي هي محل أنظار وانتظار المستهلكين والوالهين لنعمة توافر الأسماك في الأسواق، ونحن على ثقة واطمئنان بأن المسئولين في إدارة الثروة السمكية يهمهم وظيفة البحارة وصيادي الأسماك، وما يرجونه من إدارتهم ومسئوليها الحريصين على سعادتهم وعلى مساندتهم وتحقيق أمانيهم وطموحاتهم ويهمهم توافر الأسماك للناس ويهمهم أن تدار إدارتهم بأفضل إدارة وتذكر بأفضل ذكر، وأن يثنى على الإدارة وقوانينها وشروطها بأفضل ثناء ومديح... وهذا هو طموح المسئولين المحترمين وطموح البحارة وصيادي الأسماك وطموح المستهلكين لهذه النعمة... نعمة الأسماك ونعمة إدارة البحر وثرواته المختلفة والمتنوعة للناس ولأصحاب المحلات من مطاعم ومطابخ وغيرها، فالله سبحانه وتعالى خلق البحر وثرواته للإنسان والإنسانية، والإنسان هو البحار والصياد والمستهلك، والذي يدير هذه المعادلة هي إدارة الثروة السمكية ومسئولو هذه الإدارة هم الإنسان وبإنسانيتهم وبفضل إدارتهم يجد البحار والصياد والمستهلك خير البحر متوافرا على أرض الإنسان.
حسين منصور الناصري
العدد 2247 - الخميس 30 أكتوبر 2008م الموافق 29 شوال 1429هـ