العدد 2247 - الخميس 30 أكتوبر 2008م الموافق 29 شوال 1429هـ

من يحمي بيئتنا من الدمار؟

دوَّنت قبيل فترة أسماء ومواقع عيون وأودية وروض المنطقة الجنوبية من البلاد، واستعنت ببعض الإخوة المهتمين والعارفين، ثم نشرت تلك المعلومات عبر الصحافة ليتم الاطلاع عليها والاستفادة منها وتسليط الضوء عليها... فعلى المعنيين والمختصين أن يستفيدوا منها، والمهم هو أن يبادروا بوضع البرامج والخطط المناسبة المؤدية إلى رعاية ما تبقى وحماية البيئة البرية من الزوال، بل إن الأهم من ذلك تصنيف تلك الشجيرات والأعشاب وحصر أسمائها المتداولة محليا، وعمل المشاتل بغرض تزويد تلك المناطق بالبذور والشتلات المطلوبة.

الغريب أنك تجد الدول التي تمتلك بيئة مزدهرة لاتساع رقعتها وجمال مناخها ووفرة أمطارها وكثرة مصادر مياهها، أشد اهتماما وأكثر حرصا على كل ما من شأنه الحفاظ على تلك البيئة ونمائها، بل أنها تشرع القوانين وتضعها من الأولويات وتدرب الكوادر وتوفر البذور والشجيرات لتحل محل ما يندثر منها، على النقيض تماما مما يحدث في مناطقنا!

وفي الوقت نفسه إننا لا ننكر وجود من ينادي ومن يزعق ومن يحتج ومن يشيح بيديه رافعا معارضا... ولكن (عمك أصمخ) ورجل البيئة غير موجود بل نحسبه مجهولا! بل نراهن أنه لا يحس بما يجري أو أنه في واد والبيئة المسكينة بلا راعي!

هل يخالف أحد هذا الرأي؟ هل ترون عملا على البر أو البحر يستحق الإشادة؟ هل تم استغلال المياه المهدوره لسقي تلك الوديان والريضان عندما تشح الأمطار؟ أجيبكم لماذا... كيف تأتي بشخص يفتقر إلى الحميمية ويجهل ببيئة ما ومسمياتها وخصائصها وعلومها وأسرارها المتوارثة من الأجيال السابقة واللاحقة، أي كما نقول «يجهل الحوى وعروقها» وترتجي منه حصيلة أو نتيجة؟

إن ما يحصل على سبيل المثال لا الحصر في وادي السيل وهو من أشهر الوديان في البلاد وأعمقها، من جرف للأرض وقلع للأشجار يستحق منا التوقف وتسجيل أكثر من موقف أحمر.

هل تعلمون أن بعض هذه الشجيرات النادرة وبذورها نقلها الأجداد من قطر ومن مناطق أخرى وتم استنباتها في مناطق مختلفة من البلاد ومنها في الوادي المذكور الممتد جنوبا وشمالا إلى الغرب كشريط طبيعي يفصل بين الرفاع الغربي ومدينة حمد، ويحده من الغرب روضة أم الماش والوطى ومن الجنوب روضة الغار؟

وأن من هذه الشجيرات التي يزخر بها «العوسج والنبج والقاف والشفلح»؟ هل تذوق أحد منكم «النبج» (الكنار البري) وعرف كم هو لذيذ؟ أنتم تعلمون كم هي الثمار البرية والأعشاب ذات المنافع المختلفة التي تحتضنها أرضكم ويخرجها لكم ربكم بنزول تباشير الوسم؟ هل تركتم لذلك متسعا أو أرضا صالحة؟

إن ما يجهله المهندسون والمخططون والمخربون هو التعامل مع البيئة بإيجابية والتعمير من دون المساس بالحياة البرية والفطرية الجميلة وترك الأودية والريضان الطبيعية على حالها من دون تخريب أو تجريف، بينما الاهتمام بالنباتات البرية سيعطي المنطقة جمالا وروعة أنتم بأمس الحاجة إليها ومن يأتون بعدكم.

هل تعلمتم كيف يبني غيرنا مدنهم تاركين الغابات تحتضن تلك المدن، وكيف أن الجبال والوديان والأنهار تضفي عليها الجمال الخلاب؟ إننا بحاجة إلى تدارك ما اقترفته أيادينا وجهلته عقولنا، وإلى المبادرة بإعادة الحياة مرة أخرى لطبيعة البلاد سواء كانت تلك زراعية أو برية أو بحرية، ويجب أن لا يجرفنا هاجس الاستثمار الرمادي الذي اقتلع كل شيء حي من دون رحمة مع تسليمنا بأن المستفيدين من تلك المشروعات قلة! لا نعلم من هم ولا من أين يأتون وإلى أية جهة سيأخذوننا.

آمل أن يلتفت المعنيون قبل فوات الأوان وقبل أن يكون الأمر في خبر كان.

سعد النعيمي

العدد 2247 - الخميس 30 أكتوبر 2008م الموافق 29 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً