«هل أرواح المواطنين رخيصة لهذه الدرجة؟ أين العدل؟ راجعوا قوانين دول الخليج...»، كانت تلك هي العبارات التي قالها الابن الأكبر للمواطن الذي قتل مع زوجته في حادث مروري تسبب فيه عقيد خليجي متقاعد... الابن شكا لـ «الوسط» خروج المتسبب في مقتل أمه وأبيه بدنانير معدودة لا تغني ولا تسمن من حنان الوالدين.
أما الابن الآخر فقال: «أدخل الجاني الكثير من (الواسطة) من كبار المسئولين في الدولة الذين كانوا يريدون منا أن نعفو عنه، ويقولون لنا إن الحادث كان قضاء وقدرا...هشّم عشا لمنزل، نزع بسكره وثمله وعدم مبالاته روحين من بين أهاليهما، استهتر بعدم مبالاته بأرواح الناس، قتلهم وهرب من موقع الحادث، ومن ثم يقولون قضاء وقدرا...عرضوا علينا الديّة ولكننا رفضنا، لأننا نريد أن ينال جزاءه وأن ينتهي زمن رُخص الأرواح والاستهتار بالقوانين، وكأن البلاد ملعب يلهو ويلعب فيه من يريد إشباع رغباته حتى لو كان ذلك على حساب أرواح الناس!».
وتساءل: «هل من المعقول أن يأتوا للبلاد ويلعبوا ويسكروا حتى يفقدوا سيطرتهم وتمييزهم للأشياء وما هو أمامهم، وحينما ينزعون أرواح الناس يخرجون بدنانير معدودة؟ أي عقل وأي منطق يقبل بهذا الكلام؟ وأي شخص يقبل بتلك الأحكام؟»، ويضيف «لو كان في وعيه حينها لحاول على الأقل تدارك وقوع الحادث، إلا أنه كان سكران ثملا، ومن ثم تخلى ساحته... أيعقل كل ذلك؟!».
ابنا الفقيدين بديا منزعجين تماما من حكم المحكمة القاضي بالإفراج عن المتسبب في مقتل والديهما بمبلغ ألف دينار، وانتهزا حديثهما إلى «الوسط» ليوجّها عبرها مناشدة لجلالة الملك بالتدخل لحل مشكلة فقدانهما والديهما نتيجة عدم المبالاة والاستهتار من قبل بعض الزوار الذين يأتون البلاد من أجل إشباع رغباتهم فقط.
وتساءلا «كيف ترضى النيابة العامة وهي الجهة التي تمثلنا وتمثل المجتمع بخروج ذلك المدان بمبلغ زهيد في الوقت الذي نرفض فيه نحن عائلة الفقيدين الديّة، ليأخذ كل مستهتر جزاءه بما اقترفت يداه».
وأخذ خيط الحديث الابن الأكبر الذي أكد أن «سبع تهم وجهت لذلك المدان الذي قضت محكمة أول درجة بحبسه عامين مع النفاذ، ومن ثم يعاقب بالرجوع إلى مادة واحدة فقط من بين ما يقارب تسع مواد قانونية طلبت النيابة العامة معاقبته بها»، وأضاف «ذلك المدان أجهد نفسه في إدخال وساطات عدة على مستوى كبار المسئولين في الدولة للقبول بالديّة إلا أننا رفضنا لأن الأرواح ليست رخيصة كما أننا لسنا بحاجة إلى الأموال».
وأشار الشاكي إلى صرامة قوانين دول الخليج التي تقضي بالحبس في حالات الإصابة، فما بال من يتسبب في موت أو مقتل المواطنين إلا أن يحبس، طالبا الاقتداء بها. وأوضح ابن الفقيدين أنه تقدم بعد صدور حكم حبس العقيد الخليجي مدة سنتين مع النفاذ باستئناف إلى النيابة العامة، إذ لم يكن راضيا بالحكم الذي أخطأ في تطبيق القانون وخالفه عندما جاء لتطبيقه، واعتبرها جريمة واحدة مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة، إلا أنه لم يحصل على رد، حتى علم أن المدان استأنف في يوم صدور الحكم ذاته ومن دون علم أحد -على حد قوله - ليخرج بكفالة ألف دينار، وكأن شيئا لم يكن.
وطالب الشاكون من أبناء الفقيدين وأهلهما الجهات المعنية بتطبيق القانون، لافتين إلى أنهم بصدد رفع دعوى موضوعية ضد شركة التأمين للمطالبة بمبلغ التعويض الجابر للضرر المادي والمعنوي، كما طالبوا بتطبيق القانون على الجميع من دون استثناء.
يذكر أن العقيد الخليجي تسبب في مقتل مواطن وزوجته عندما كان يقود سيارته وهو سكران، وفور وقوع الحادث فر من الموقع متوجها إلى الفندق الذي كان يسكن فيه، وهناك تم القبض عليه وأحيل للنيابة العامة التي وجهت له سبع تهم هي: التسبب بالخطأ في موت المجني عليهما، والتسبب بخطأه في المساس بسلامة جسم الغير، وإحداث تلفيات بممتلكات الغير، وقيادة مركبة وهو تحت تأثير الخمر لدرجة تفقده السيطرة على القيادة، وأنه لم يتوقف عن السير بعد الحادث (الهروب من موقع الحادث)، وقيادة المركبة بسرعة تجاوزت الحد المسموح به، وعدم اتخاذ أقصى العناية والحذر اللازمين أثناء القيادة. هذا، وأدانت محكمة أول درجة العقيد الخليجي وقضت بحبسه عامين مع النفاذ إلا أنه استأنف الحكم وأفرج عنه بكفالة مالية تقدر بألف دينار.
العدد 1626 - السبت 17 فبراير 2007م الموافق 29 محرم 1428هـ