العدد 1626 - السبت 17 فبراير 2007م الموافق 29 محرم 1428هـ

الحاج مهدي «الجزاف» بلا عمل منذ أشهر لارتفاع أسعار الأسماك

المستهلك والتاجر ضحيتا النمو الاقتصادي والعمراني

«الكافل الله... يرزقنا... ويرزق غيرنا»، هكذا اختتم الحاج كلامه بعد دردشة دامت لأكثر من نصف ساعة تخللتها الكثير من الوقفات التي يستدركها بكلمات معبرة عما يكنه في قلبه عن رحلة معاناة دامت أكثر من ثلاثة أشهر، وتنهدات عميقة قال انها نتيجة عدم إحساسه بالأمان له ولأسرته. يحاول أن يطرح كل ما اختزنه في باله وقلبه طوال مشوار يبلغ أكثر من 35 عاما، يقول كلمة من هنا وأخرى من هناك، متخفيا بين عزةِ نفسِ أبت أن تستسلم لأي ظرف كان.

الحاج مهدي الذي اقترب عمره من العقد الخامس، رب لأسرة تتكون من خمسة أفراد يتولى رعايتهم، يعمل «جزافا» في السوق المركزي في المنامة منذ أكثر من 35 عاما، يتعلق بأية خيوط للأمل يكاد يؤمن أنها لن توصله لبر الأمان، بعد أن وجد نفسه على شفا جرف البطالة والفقر، وأمام توفير لقمة العيش له ولأبنائه. ملامح وجه الحاج مهدي بان عليها البشر وعلامات التفاؤل بمجرد مروري على «فرشته»، فالصحافة بالنسبة له هي الأمل وطريق الحل له ولجيرانه من الجزافين والصيادين في السوق. ما إن وقفت ألاحظه عن بعد حتى بدأ يقول: «حياك... اليوم رخيص وباجر غالي... لك رزقك ولي رزق عيالي».

معاناة وصبر مريران

ترحيبه جاء من القلب وكذلك الدموع التي تلألأت بها عيناه، ليضيف شارحا الأسباب «العمل كجزاف أو صياد أو سماك، أصبح يعني قطعا القلق والضغط والسكري. همومنا كثيرة ومعاناتنا كبيرة وصبرنا مرير لكن قلوبنا تتفتت كل حين». والتفت هامسا «لايمكنني أن أشتري أي نوعٍ من الأسماك من «الحراج» (مزاد بيع الأسماك في كل صباح في السوق) لبيعها لأكثر من ثلاثة أيام أحيانا، وخلال الأشهر الثلاثة الماضية لم ينتظم عملي نهائيا لارتفاع أسعار الأسماك بشكل خيالي، مستدركا بالقول «مكرمة بدل السكن التي أعطانا إياها الملك أخيرا سترت على الحال قليلاُ، وعساها تدوم وما تنقطع».

دوافع وأسباب الأسعار النارية

حرقة قلبه وهيجان مشاعره إثر تقليب الهموم ومواجع الحياة الصعبة، جعلته يلقي بكامل غضبه ولومه كغيره من الصيادين والسماكين على أعمال دفن وردم السواحل، التي دمرت بدورها أكبر مواطن تكاثر الأسماك في البحرين على حد قوله، ما جعل أسعار الأسماك ترتفع بشكل كبير. منبها بالقول إن «عدم اهتمام الحكومة بنا وتجاهل كل مطالبنا واقتراحاتنا يزيد من قلقنا، لأننا مواطنون وعمال كغيرنا من الآخرين، ولنا حق مثلهم في المطالبة بحقوقنا، إذ لا توجد في السوق أية دوريات مياه أو أقلها مسجد للصلاة على سبيل المثال».

وبجنبه كان جالسا السماك ميرزا أحمد الذي تداخل قائلا ان «أسعار الأسماك ستنخفض لتصل لمستواها الطبيعي المتوسط خلال الأسبوعين المقبلين، لو استمر الجو على هذه الحالة»، موضحا أن «برودة الجو خلال الفترة الماضية والمنافسة بين البائعين هي التي رفعت الأسعار لهذا المستوى سواء في البحرين أو باقي دول الخليج، إضافة إلى شح كميات الأسماك في المناطق القريبة التي يرتادها الصيادون، إذ من الضروري على الجهات المعنية النظر في أسباب شح الأسماك وانعدامها في المياه المحيطة بالمملكة لتلافي أوجه القصور وتفاديا لتفاقم المشكلة التي ستلقي بإفرازاتها على التاجر والمستهلك».

الدعم الحكومي مطلوب

وفي تعليقه على اقتراح بعض الصيادين والسماكين بتوفير الدعم الحكومي للأسماك: قال احمد «غالبية الصيادين والسماكين في السوق مستعدون لقبول ذلك، شريطة أن تكون الأسماك التي ستوفرها الحكومة صالحة وممتازة ومن المياه المحلية»، مشيرا إلى أن «أسباب تدهور سوق الأسماك لا يقتصر على غلاء الأسعار وأسبابها، وإنما إلى أمور ثانوية كثيرة، إذ على سبيل المثال أصبح الآسيويون والأجانب والعرب يدخلون بمضاربات مالية كبيرة في السوق على رغم أن إدارة البلديات في الوزارة تراقب ذلك، في الوقت الذي لا يقدر نظيرهم التاجر البحريني على مضاربتهم لعدم امتلاكه رأس مال يسمح له بذلك».

كما طالب عدد من الصيادين بان يصرف لهم مبلغ تقاعد حكومي، معللين ذلك بأنهم مواطنون وساهموا في خدمة الوطن لسنوات طويلة، وانه لهم الحق بان تؤمن لهم الدولة حياتهم في حال عجزوا عن العمل، وذلك وفقا لشروط ولوائح محددة. في الوقت الذي طالب آخرون بتدخل اتحاد النقابات فيما يتعلق بالتأمين.

... وللمستهلك كلمة

أما المستهلكون، فمنهم من اقتصر على شراء اللحوم والدجاج، ومنهم من بات يشتري الأسماك بكميات قليلة جدا ولنوع محدد. المستهلك حسين الحداد يقول: «سابقا كانت مشتريات الأسماك كثيرة ومتنوعة في الوقت نفسه، باعتبار أنها متوافرة بكثرة وبأسعار تتناسب مع موازنة ومدخول المستهلكين، أما العرض كان قليلا أيضا بالنسبة للوقت الحالي». ويضيف حسان الجوهر قائلا: «هذا ما حصلنا عليه من النمو الاقتصادي والعمراني الذي دمر الموارد الطبيعية كافة، وخصوصا مواطن الأسماك، ارتفاع في الأسعار أما دخل شهري محدود، إذ بمعنى آخر أصبح المواطن هو ضحية ذلك النمو، لأن فوائده وعوائده لا تأتي على المواطنين، سواء كانوا تجارا أو مستهلكين».

العدد 1626 - السبت 17 فبراير 2007م الموافق 29 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً