كشف وزير العمل مجيد العلوي أن مجلس الوزراء أصدر قرارا بإدخال نحو 70 مرضا مهنيا ضمن قائمة الأمراض المهنية المدرجة على جدول تأمين إصابات العمل التابع للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، مشيرا إلى أن تلك الأمراض تم التوافق عليها مع منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية الدولية.
جاء ذلك على هامش افتتاح العلوي للمؤتمر العربي الثالث للسلامة والصحة المهنية والذي يأتي هذا العام تحت عنوان «نحو الارتقاء بالسلامة والصحة المهنية» في الفترة من 4 إلى 6 من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وأكد العلوي أن من بين الإجراءات التي تم اتخاذها لزيادة الوعي العمالي والتقليل من مخاطر الإصابات المهنية في البحرين زيادة عدد المفتشين للتأكد من الالتزام بالمعايير الموضوعة من قبل الشركات والعاملين في مواقع العمل، مشيرا إلى أن قسم الصحة والسلامة المهنية بوزارة العمل قام بمئات الزيارات التفتيشية على مواقع العمل ومساكن العمال.
وبشأن الحادث الذي شهدته البحرين الأسبوع الماضي وذهب ضحيته ثلاثة عمال آسيويين، أكد وزير العمل أن الوزارة أغلقت كل مواقع الشركة المعنية وتمت إحالتها إلى النيابة العامة، مبينا أن وزارة العمل تعمل حاليا على تنظيم حملة تفتيشية على مواقع العمل التي تستخدم بها السكلات لمطابقتها بالمعايير الدولية والتأكد من سلامتها وأمانها للحفاظ على أرواح العاملين.
وقال العلوي: «هناك مقاييس معروفة للسكلات وهي مقاييس هندسية وبعض الشركات لا تلتزم بها وقد يكون العامل لا يلتزم بتعليمات السلامة التي تقرها الشركة»، مشيرا إلى أن أسباب الحوادث المهنية كثيرة وهي موجودة في كل مكان به عمل وعمال ولا يمكن القضاء عليها، إلا أنه من الممكن تخفيفها والحد من الخسائر البشرية فيها.
وأكد العلوي أن النقص ليس في اللوائح التنظيمية بل في المطبقين لتلك اللوائح، مشيرا إلى أن القوانين موجودة والقرارات والإجراءات معمول بها، كما أن وزارة العمل ومنذ عامين بدأت في إعطاء شهادة «نيبوش» المعنية بمستويات السلامة والصحة المهنية وذلك حسب معايير مجلس السلامة والصحة المهنية البريطاني.
وأشار العلوي خلال كلمته الافتتاحية إلى أن المؤتمر العربي الثالث للسلامة والصحة المهنية يكتسب أهمية خاصة وذلك لما يتبناه من أهداف حيوية تصب في تطوير الجهود والاهتمامات التي توليها الدول العربية ودول العالم أجمع لتوفير العمل والبيئة العامة من الأضرار التي تهدد حياة الإنسان وسلامته وتسبب في الوقت نفسه هدرا للطاقات وتبديدا للثروات وإضاعة الوقت وتعطيل الإنتاج.
وبين وزير العمل أن إحصاءات منظمة العمل الدولية تشير إلى أن زهاء مليوني شخص سنويا يفقدون حياتهم بسبب العمل إلى جانب 270 مليون حادث مهني و160 مليون إصابة بمرض مهني سنويا، وذلك ما دعا بالكثيرين إلى اعتبار مخاطر العمل تفوق مخاطر الحرب.
وقال العلوي: «أولت البحرين اهتماما خاصا بالسلامة والصحة المهنية وحماية بيئة العمل، وأفردت لذلك النظم والتشريعات وأنشأت الأجهزة الرقابية لضمان حسن تنفيذها والتقيد بها، وهي عازمة على العمل الجاد من خلال الاستفادة من الخبرات والمستجدات العربية والدولية لبلوغ مستويات أعلى وأكثر قدرة على توفير أوجه الحماية وقد اتخذت في سبيل ذلك العديد من الخطوات المهمة، فجاء تشكيل اللجنة العليا للسلامة والصحة المهنية المبني على أساس مشاركة أطراف الإنتاج الثلاثة ونخبة من الخبراء والمختصين في هذا المجال من المؤسسات الحكومية والشركات الصناعية الكبرى، وتتولى اللجنة العليا مسئولية الإشراف على العديد من المشاريع والبرامج التطويرية وإعداد الدراسات الوطنية المختلفة في ذات المجال.
وأضاف العلوي «بهدف حماية العاملين في قطاع التشييد والبناء من الحوادث المهنية والأمراض الناجمة عن ضربات الشمس وأمراض الصيف، فقد أقر مجلس الوزراء في العام 2007 تشريعا وطنيا بحظر العمل تحت أشعة الشمس بين الساعة الثانية عشرة ظهرا والرابعة عصرا بالنسبة لعمال قطاع الإنشاءات خلال أشهر الصيف، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير لحالات الإنهاك الحراري أو حالات ضربات الشمس وحالات السقوط وإصابات العمل بشكل عام، كما وأنه مع بداية العام 2009 سيكون لزاما على أصحاب العمل نقل العمال من وإلى مواقع العمل من خلال استخدام المركبات الملائمة والمصممة لنقل الأفراد، في خطوة تحاكي التوجه الإنساني للمملكة واهتمامها بتحسين أوضاعهم وحمايتهم من المخاطر.
أما على الصعيد الدولي، فأشار العلوي إلى صدور المرسوم الملكي بشأن انضمام مملكة البحرين إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (155) بشأن السلامة والصحة المهنيتين، والتي تتضمن الحقوق الأساسية والمبادئ الاسترشادية للدول في هذا الجانب، مؤكدا أن البحرين تسعى في الوقت الحاضر للانضمام إلى الاتفاقية الدولية رقم (174) بشأن منع الحوادث الصناعية الكبرى وكذلك الاتفاقية رقم (167) المتعلقة بالسلامة والصحة في البناء، في خطوات أخرى لتعزيز التزام المملكة الدولي في مجال السلامة والصحة المهنية.
ودعا العلوي المشاركين في المؤتمر إلى إعطاء الأولوية لتطوير إدارة السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني من خلال دعم اللجنة الوطنية للسلامة والصحة المهنية لمساعدة الدولة على رسم البيانات والتنسيق بين مختلف الأجهزة ذات العلاقة ما يضمن تكامل وتركيز الجهود الوطنية وعدم تداخل الاختصاصات ويمنع التكرار والازدواجية في العمل، والعمل على تكامل التشريعات والقوانين الوطنية وبما يكفل تحديد كل المعايير والاشتراطات لتجنب المخاطر الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية في بيئة العمل وتغطية الحقوق والواجبات المفروضة على أطراف الإنتاج الثلاثة وفق أحدث المستجدات العلمية وفي إطار اتفاقيات العمل الدولية والعربية.
كما دعا إلى تفعيل الدور التثقيفي والتوعوي ونشر ثقافة السلامة على مستوى الفرد والشركة والمجتمع، والاهتمام بالتدريب والتطوير الأكاديمي للكوادر البشرية لتكون قادرة على مواكبة التطور العلمي المتسارع في العالم اليوم.
ومن جانبه، قال المستشار الإقليمي المسئول عن برنامج صحة العامل بمنظمة الصحة العالمية سعيد أرناؤط «إن منظمة الصحة العالمية تعتقد جازمة أن القوى العاملة التي تتمتع بالصحة عامل حيوي وأساسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المضمونة الاستمرار على جميع المستويات»، مشيرا إلى أن المنظمة تسعى جاهدة لتكون القوى العاملة هي إحدى الفئات السكانية الرئيسية المستهدفة بالسياسات الصحية.
وأشار أرناؤط إلى أن خطة العمل العالمية للمنظمة بشأن صحة العمال خلال الفترة 2008 إلى 2017، تشكل فرصة ممتازة للتركيز على مكان العمل، بغية تقوية أنشطة حفظ وتعزيز صحة الفئات السكانية العاملة وتقدم مقاربة شمولية للصحة العمومية.
كشفت منظمة العمل الدولية عن أن ضحية الحوادث المهنية في العالم كل عام أكثر من مليوني شخص، مشيرة إلى أن الأمراض والحوادث المهنية أهم أسباب الإصابات والوفيات بين العمال في العالم.
وأكدت ممثلة منظمة العمل الدولية سميرة التويجري أن في البلدان العربية تكثر التحديات والثغرات المؤسساتية التي تعيق الوقاية الفاعلة من الحوادث والأمراض المهنية، مشيرة إلى أنه من بين تلك التحديات شح الموارد المخصصة للسلامة والصحة المهنية، بما فيها تأمين الخدمات والتوعية، وتدني مستوى المصادقة على اتفاقات منظمة العمل الدولية وغيرها من الاتفاقات الدولية، وغياب القدرات الوطنية في مجال التدريب، وتطوير مهارات أهل الاختصاص في مجال السلامة والصحة المهنية، وضعف مكونات تفتيش العمل وغياب الخطط الوطنية الواضحة.
وأشارت التويجري إلى أن منظمة العمل الدولية قامت بوضع مبادئ توجيهية طوعية بشأن نظم إدارة السلامة والصحة المهنية، تعكس من خلالها أحكام الاتفاقات الدولية الخاصة بالسلامة والصحة المهنية التي تم اعتمادها من قبل مؤتمرات العمل الدولية منذ نشأتها في العام 1919، مبينة أن هذه المبادرة تهدف لمساعدة المنظمات والمؤسسات المختصة بغية رفع مستوى أداءها لخدمات السلامة والصحة المهنية.
وأضافت التويجري أن منظمة العمل الدولية بادرت أيضا إلى اعتماد إستراتيجية شاملة للسلامة والصحة المهنية في العام 2003، ومن ثم اعتماد الإطار الترويجي لاتفاقية السلامة والصحة المهنية في العام 2006 والتوصية المصاحبة لها، إذ تشكل هاتان الوثيقتان العمود الفقري لبرنامج السلامة والصحة المهنية المعتمدة على المستويات الدولية والوطنية والمؤسساتية، كما تستكمل هاتان الوثيقتان أدوات منظمة العمل الدولية الأخرى بشأن السلامة والصحة المهنية.
العدد 2252 - الثلثاء 04 نوفمبر 2008م الموافق 05 ذي القعدة 1429هـ