ذاك الجسم البحريني الضعيف النحيف العليل ذو القلب المرهف الطيب الكريم، المبتلى بشتى بأمراض العصر والزمان وأقواها وسيدها وهو التوأم أو بالأحرى الثنائي الهالك الضغط والسكر الذي تفرع في الانتشار في ذلك الجسم العظمي وأخذ ينخر فيه بكل شراهة واقتدار.
هذا الجسم ليس على استعداد لسماع أي خبر مسيء يمس كرامة وعزة باكورة دخله الشهري، أو ليس لديه مناعة إذا صح التعبير لاستقبال أي مرض ولو حتى الصداع النصفي الذي يمر على الدماغ بشكل مؤقت.
انبرت هذه الأيام رائحة قطع التيار الكهربائي على المتخلفين عن الدفع الشهري لوزارة الكهرباء والماء، وأخذ الشارع البحريني يتحدث بجهر وسر وعلانية على ما كتب في الصحف المحلية عن صحة هذا الخبر، وفعلا تم تأكيد ذلك من قبل المسئولين في الوزارة ولن يستثنى أحد من القطع من المتخلفين عن الدفع في جميع مناطق البحرين.
ينبغي على هيئة الكهرباء والماء قبل البدء والشروع في هذا المشروع المجحف لعزة وكرامة المواطن، أن تدرس حال المتخلفين وظروفهم المعيشية والأسباب التي أدت إلى الامتناع والتوقف عن الدفع لكل هذه المدة!
هناك أسباب واضحة وجلية لذوي الدخل المحدود وأهمها وأقواها هو ضعف الراتب المنهار، الذي لم يطرأ عليه تغيير يذكر إلى حد الآن منذ انتشار طاعون الغلاء واشتعال السوق والسلع والمواد الغذائية نارا، ألم نضع في عين الاعتبار قدوم هرم الإفلاس الثلاثي المتمثل في شهر رمضان، وعيده، واستقبال العام الدراسي الجديد في آنٍ واحد؟ ألم نحاول إلى الآن التفكك والإفلات من شباك الغلاء وقبضته الحديد وسعيرها المحرِق؟ هذه أهم الأسباب الرئيسية قطعا التي جعلت المواطن يتخلف ويُجبر قسرا عن الدفع.
ومن هنا نناشد إخواننا من المعنيين في هيئة الكهرباء الماء بالتعامل مع الحل السلمي العادل الذي يكمن في دراسة الوضع وتخفيف أعباء القسط والدفع ولا ضير لو خُفف ذلك ليكون 10 في المئة إجمالي المستحقات المطلوبة للوزارة تجنبا عن أي إرباك وضغوط نفسية وعقلية ومالية تحدث للمواطن من جراء إلزامه دفع هذا الكم الهائل من المتأخرات الشهرية قهرا.
مصطفى الخوخي
العدد 2253 - الأربعاء 05 نوفمبر 2008م الموافق 06 ذي القعدة 1429هـ