دعا رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة النائب جواد فيروز وزارة الأشغال والإسكان إلى إعادة النظر سريعا في نصّ وثيقة ملكية المواطنين للوحدات السكنية التي حصلوا عليها بعد سدادهم جميع التزاماتهم المالية والأقساط المفروضة عليهم، وانتقد «وجود قيود واشتراطات في الوثيقة تحدّ من حرية المواطنين في التصرف في ملكهم الخاص من خلال نصّ أوردته الوزارة في الوثيقة يحظر التصرّف في الأرض أو البيت المقام عليها بأي تصرف ناقل للملكية للغير قبل الحصول على إذن كتابي صادر من الحكومة، كما لا يؤجر البيت أو يسمح للغير بالانتفاع به بأيّ وجه ومن وجوه الانتفاع».
كذلك انتقد فيروز مصطلح «هبة» الذي تتضمّنه وثيقة الملكية، إذ إن «المواطن يدفع ما يقارب من مجموع كلفة المسكن، ولا محل لاستخدام لفظ الهبة»، داعيا الوزارة إلى أن «تستخدم المصطلحات القانونية الصحيحة، فالتصرّف القانوني الذي ينقل ملكية المساكن للأفراد هو البيع وليس الهبة» وهو ليس داخلا تحت التصرّفات المحظورة في نقل الملكية.
واعتبر النائب فيروز أن ما أورده الردّ الرسميّ الصادر من الوزارة للصحف المحلية احتوى واشتمل على عدد من المغالطات القانونية بشكل واضح، فـ «الشريعة العامة هي أن لكل مالك سلطات استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه وفقا للمادة 769/ مدني، ومن دون مقدرة المالك على استعمال السلطات الثلاث التي استقر عليها الفقه القانوني فإن ذلك يعتبر مصادرة لحق الملكية الأمر الذي حظره الدستور، ولذلك جاء نصّ الدستور بأنه لا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون، أي بصورة استثنائية».
وأضاف «اتفق فقهاء القانون على أن المنع المقبول قانونا وقضاء هو الذي يرد على سلطة التصرف فقط، أي أن كل مـنع وارد على سلطة استعمال الشيء أو استغلاله يقع باطلا بقوة الدستور والقانون، كما أن القانون المدني اشترط أن يدفع لهذا الشرط باعث قوي يقبله القضاء، وأن يكون لمدة معقولة، فلا يجوز أن يكون الشرط مؤبدا، وإلا ألغى جوهر حق الملكية وأهدر الصون الذي قرره الدستور لها»، مشيرا إلى أن البند الأول في المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 1976 في شأن نظام الإسكان الذي تستند عليه الوزارة في ردها أوضح أن للمالك وفقا للقانون المدني سلطات استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه، وأن المنع من التصرف غير جائز إلا بصورة استثنائية وفقا للقانون، كما نصّت المادة رقم 3 من المرسوم بقانون المشار إليه في رد الوزارة بأنه (لا يجوز لمن آلت إليه ملكية أحد المساكن نفاذا لهذا القانون أن يبيعها للغير دون موافقة وزارة الإسكان، وبشرط أن تكون قد مضت سبع سنوات على تاريخ تملكه المسكن)، فالواضح أن الأمر المحظور هو بيع المسكن الذي يحصله المواطن وفقا لقانون الإسكان. ولما كان الاستثناء من القاعدة العامة التي قرّرها الدستور في المادة سابقة الذكر يجب ألا يتوسع فيه ولا يقاس عليه وفقا لقواعد التفسير، فإنه لمن آلت له ملكية أحد المساكن وفقا لقانون الإسكان أن يتصرف في المسكن بكلّ التصرفات القانونية الناقلة للملكية عدا البيع ولمدة محددة، فله أن يهب المسكن أو يكون محلا للمقايضة، كما أن لمن آلت إليه ملكية المسكن أن يستغله بكل التصرفات القانونية التي تحقق له الانتفاع والاستغلال كالإيجار وغير ذلك».
وأكد النائب فيروز أن «هذا هو التفسير الذي يتفق مع أحكام الدستور والقانون، وأيّ توسع في المحظورات على المالك يعد إهدارا لحق الملكية الذي صانه الدستور. ويجب أن تتقيد القرارات الوزارية التنفيذية لهذا القانون بحدود النصّ، لاسيّما وأنه لم يفوّض الوزير المختص بالإسكان بإضافة قيود أخرى في خصوصية هذه المادة ما يجعلنا بعيدين عن جدلية عما إذا كان يصحّ التفويض في أمر أوكل المشرع الدستوري بالمشرع العادي تنظيمه»، وأضاف «أن القانون منع البيع دون الهبة أو المقايضة، فيما الوثيقة حرمت المالك من سلطة مهمة من سلطاته وهي استغلال ملكه سواء بالتأجير الكلي أو الجزئي أو غير ذلك، الأمر الذي ينطوي على مخالفة دستورية صريحة لا سند لها من القانون ولا حتى القرارات الوزارية أصلا، وعليه فإن محاججة الوزارة لا تقوم على سند، والحريّ بها تعديل الوضع غير الدستوري الذي تقوم به، إلى جانب أن المنع المنصوص عليه في وثيقة الملكية غير محدد بزمن معقول ما يجعله مخالفا للقانون الذي حدد المدة بسبع سنوات».
العدد 1724 - السبت 26 مايو 2007م الموافق 09 جمادى الأولى 1428هـ