لا يخفى على أحد اليوم أن ثقافة القراءة والاطلاع باتت مغيبة لدى الشعوب العربية عموما، ولدى الشباب العربي خصوصا، إذ توارى دور الكتاب في هذه الحقبة من الوقت وانحسرت موجة الثقافة إلى حد كبير، حتى بتنا شعبا لا يقرأ بالمرة، بعدما كنا أمة العلم والتعلم ومسقط رأس الحضارات ومنبعها الأول. عزوف الأمة العربية عن القراءة أزمة مهولة تستدعي منا إعلان حال الاستنفار على الفور والعمل على معالجتها بأسرع وقت ممكن، فالشباب العربي بات غير مدرك لقيمة وأهمية الكتاب والبحث والاطلاع والسبب في هذا يعود إلى ما يتعرض له الشباب من حملات إعلامية مركزة ومحمومة، تهدف إلى إشغال الفكر والعقل العربي في قضايا ثانوية تافهة كأخبار النجوم وآخر صيحات الموضة وإلى ما هنالك. أما المسئولية عن هذا كله فهي جماعية وتقع على كاهل الكتاب، القراء، الأهل، المؤسسات التعليمية، دور النشر ووسائل الإعلام على حد السواء، فالكل معن في هذا الأمر والكل عليه التعاون والتكاتف من أجل إعادة بعث الروح في الجسد العربي المتهالك. فعلى الأسر أن تعمل على تنمية حب الاستطلاع والقراءة في نفوس أبنائها وأن تسعى لعقد حلقات نقاشية أسبوعية تدور حول موضوع كتاب معين سبق لأفراد الأسرة قراءته، وعلى طبقة الكتاب أن تنشط وأن تبتعد عن الجمود الفكري والعبارات النظرية المزخرفة في كتاباتها، وأن تعمل على إيجاد لغة وسطية بينها وبين الشباب لكي تنجح في جذبهم واستقطابهم.
أما بالنسبة إلى وسائل الإعلام فعليها أن تجتهد في تقديم برامج تخدم هذا الغرض، كأن تخصص برامج معينة يتم فيها استعراض آخر الكتب المنشورة والتعرض لها بالنقد والتحليل والتمحيص وأن تسعى لتقريب صورة الكاتب والمثقف في نظر العامة. ويجب على الدولة أن تقيم معارض الكتاب بصورة دورية ومستمرة، على أن تكون الكتب ذات محتوى جيد، لا أن تكون الكتب مقتصرة على كتب الطبخ والأبراج.
هذا هو مجمل حديثي بكل اختصار، الساعي لتبديد العتمة الثقافية التي نشهدها الآن، الذي ارتأيت أن أجمعه وأوجهه إلى هؤلاء الذين أعنيهم لأوقظهم وأنصحهم وأذكرهم، فلعل الذكرى تنفع المؤمنين.
هدى الساهي
العدد 1796 - الإثنين 06 أغسطس 2007م الموافق 22 رجب 1428هـ