إلى صاحب الأمر في وهب الجنسية البحرينية لمن يشاء وحرمان من يشاء منها... أود التقدم إليكم بطلب الحصول على الجنسية البحرينية «الجديدة»، مع تأكيد كونها «الجديدة»، إذ إني وكما لا يخفى عليكم، أملك الجنسية البحرينية «القديمة» فعلا. قدّر الله أن يكون نصيبي الجنسية القديمة، الأصلية، بالولادة: ولادتي، ووالداي، وأجدادي الذين ولدوا على هذه الأرض قبل أزمان كثيرة من عثور الإنسان الجديد على درب يوصله إليها. لطالما رضينا بهذا النصيب ولم نجد منه أجمل، ولكن الآن بعد طول تفكر وتأمل، يبدو لي أخيرا أني أريد تطوير جنسيتي إلى النسخة الجديدة، ولا عزاء للأصول.
فكما ترون يا سادة، شابة في مكاني تمتلئ بالكثير من الطموحات، وتحتاج إلى الكثير من الأمور لتدبير معيشتها، فأنا أولا أرغب في الحصول على بيت يخصني وعائلتي في شبابي هذا - لا في عمر الستين - أرغب في الحصول على وظيفة لائقة بمهاراتي ودراستي، وإذا عملت أود أن يتجه الراتب إلى الأعلى دائما لا إلى الأسفل، أود أن تقوم الوزارات الحكومية بالاهتمام بمصالحي وتيسيرها، أرغب في أن أحصل على البعثات الدراسية للمستويات العليا، أرغب في أن يدافع البرلمانيون عن حقوقي تحت قبة البرلمان ويهاجمون بشدة كل من يحاول انتهاك أحد هذه الحقوق، أرغب في أن أكون مواطنة مؤكدة الولاء ولا يجرؤ أحد على التشكيك في ولائي للوطن - حتى لو ألصقت أعلام جميع الدول العربية على سيارتي.
أود أن أشعر بأني مواطنة عالية القيمة، وأن مؤسسات الدولة كلها تتحرك لخدمتي، لتحسين مستوى معيشتي، ولا تتوقف عن تقديم المزيد من المغريات كل يوم لأوافق على الحفاظ على مواطنتي، وأنها لا توفر مبلغا في خزانة الدولة في سبيل مدّ السبل لأبقى وأتجذر وتتغلغل أطرافي في كل شبر من الوطن.
هذه كلها يا سادة، أمور لا تحققها مواصفات الجنسية الأصلية، كما لا يخفى عليكم. فالجنسية الأصلية لا تقدم سوى الصبر مفتاحا وحيدا للفرج، وفي رواية أخرى، للقبر. حاولت الصبر طويلا والاكتفاء بالوقوف في طابور قائمة الانتظار الأزلي، لأجل تحقيق حاجاتي، لكن هذا الطابور لا يفعل شيئا سوى أن يمتد ويمتد ويمتد، وأنا محلك سر، بل أني لم أعد محلك سر، لأن بعض الجهات لم تعد في حِلّ من التعدي على محلي، وراتبي، وكهربائي المعتلة ومياهي المتقطعة وخليجي الملوث وسواحلي المتآكلة وسمكي الذي في البحر، وأخواني الذين يذهب دمهم للمجهول، وأطفالي الذين يختفون، وأخيرا... سمعتي التي تم رميها في القمامة.
الجنسية الأصلية يا سادة توقفت عن كونها نعمة لتتحول إلى نقمة، أصبحت ضررا وألما، وذنبا يتم معاقبتي عليه يوميا. في كل يوم أتلقى المزيد من الصفعات في حملة عقاب لا تتوقف، جريرتي الوحيدة أني مواطنة أصلية لم أعرف يوما وطنا آخر غير هذه الأرض، ولن أعرف.
هكذا لا أجد أمامي سبيلا سوى رفع طلبي هذا لتحويل جنسيتي البحرينية من الأصلية القديمة إلى الجديدة كاملة المواصفات والامتيازات، برجاء ألا تتأخر الموافقة على طلبي، ولا يتم رفضه، وأخشى أن يكون هذا مجددا بسبب كوني حاملة للجنسية البحرينية الأصلية عديمة الميزات.
ولا حول ولا قوة إلا بالله
القارئة: ابتهال أبوعلي
العدد 1796 - الإثنين 06 أغسطس 2007م الموافق 22 رجب 1428هـ