اتهم رئيس مجلس بلدي العاصمة مجيد ميلاد الجهاز المركزي للمعلومات بتعويم مطالبات المجلس البلدي والأهالي بوضع لافتات باسم الأحياء التراثية في العاصمة (المنامة)، كاشفا لـ «الوسط» عن مخاوف من «وجود نية مبيتة لإقصاء الأحياء القديمة من خريطة البحرين».
وقال ميلاد: «إن المجلس البلدي السابق طرح الموضوع من قبل، ورفع مقترحا بتسمية الأحياء القديمة في المنامة واقترح نماذج إلى اللافتات عبر اللجنة الفنية، ووافق الوزير السابق على ذلك المقترح». وأشار ميلاد إلى أن «من المفترض أن يكون قرار المجلس رسميا وأن ينفذ عبر الجهات المعنية بحسب القانون، ولكن الجهاز المركزي للمعلومات وللأسف لديه وجهات نظر أخرى عن الموضوع، ولذلك التقيت مدير إدارة قسم العناوين، وبحسب إدعائهم فإنهم لا ينوون إلغاء هذه الأحياء من خريطة البحرين ولا من الوجود، وردا على ذلك وجهت له سؤالا عن عدم ضم هذه الأحياء إلى العناوين الجديدة، فأجاب بأن بعض المجمعات كمجمع 306 على سبيل المثال يضم عدة أحياء مثل فريق سوار والعوضية، فبأي اسم يندرج هذا المجمع ولا يمكن وضع مجمع واحد بثلاثة مسميات».
وأضاف ميلاد «طلبنا من الإدارة عدم تحديد العناوين في البطاقات الشخصية، ولكن على الأقل توضع لافتات باسم الأحياء فأوضح أن ذلك مسئولية وزارة الأشغال والإسكان، وعلى إثر ذلك التقيت وكيل الوزارة عصام خلف الذي أشار إلى أن وضع اللافتات تندرج تحت مسئولية وزارته فعلا، ولكنهم بحاجة إلى قرار يرفع من الجهاز المركزي للمعلومات (...)»، متسائلا «ألا يعني ذلك أن هناك محاولة لإحباط كل التحركات الرامية إلى الإبقاء على هذه الأحياء؟».
وقال: «إن ذلك أثار حفيظة الأهالي بصورة شديدة، وخصوصا أن الكلام المكتوب في الصحافة والمنقول عبر هذه الجهات يختلف تماما عما يجري على أرض الواقع، ولاسيما بعد أن فشلت كل المساعي لتحديد هوية الأحياء التراثية، حتى أن بعض الأهالي أبدى استعداده لإزالة العناوين التي تشير إلى تلك الأحياء، وتبرع آخرون بوضع لافتات على حسابهم الخاص».
واستغرب ميلاد من توجه الجهات المعنية الذي وصفه بالسلبي، في الوقت الذي وجه سمو ولي العهد إلى المحافظة على البيوت التراثية في هذه الأحياء، فكيف بالأحياء نفسها، وأضاف معلقا «ألا يعتبر توجه الجهاز المركزي للمعلومات مخالفا لتوجهات القيادة؟ أم أن الجهاز يتحرك وفق خطة منفصلة؟».
وأشار إلى أن الخريطة القديمة للمنامة كانت تحوي أسماء الأحياء القديمة، إلا أن الخريطة الجديدة لم تكن تحتوي عليها، مضيفا أن «هذا يدل على أن التوجه الحالي يذهب نحو إلغاء الأحياء القديمة، وخصوصا بعد أن هجرها عدد كبير من الأهالي لأسباب عدة».
أحياء مهملة بلاد هوية!
وتطرق ميلاد إلى الإهمال الذي تعيشه الأحياء القديمة في المنامة قائلا: «إن الإهمال الذي تعيشه الأحياء التراثية يأتي نتاجا لإهمال الجهات الرسمية، كما أن الأهالي يتحملون المسئولية كذلك. أما بالنسبة إلى الجانب الرسمي فإنه لم يكترث لمدة طويلة جدا بهذه الأحياء، ما جعلها أحياء آيلة للسقوط بالكامل، وفي بعض الدول تعتبر الأحياء المشابهة تراثا تاريخيا ومصدرا للدخل، إذ إنها تعد مقصدا سياحيا، ولدينا صنعاء مثلا، إذ ساهت منظمة «اليونسكو» في بنائها وأضحت معلما تراثيا ضخما».
وأضاف «كما أن البنية التحتية لهذه الأحياء من شبكات مياه وكهرباء ومجارٍ قديمةٌ جدا، وآن الأوان لاستبدالها بدل صيانتها التي لا تغير الواقع كثيرا لأنه لا يمكن اللجوء إلى الحلول (الترقيعية) في كل مرة، وقد أوصلنا وجهة نظرنا هذه إلى وزير الكهرباء والماء خلال زيارته الأخيرة لمجلس بلدي العاصمة».
وقال ميلاد: «لدينا الآن دراسة عن الأحياء التراثية في المنامة وكيفية إحيائها، وقد أجرتها وزارة البلديات والزراعة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع 7 مستشارين، وتم تحويل المشروع إلى لجنة الخدمات والمرافق العامة بالمجلس البلدي، وتضمنت الدراسة مقترحات في كيفية إعادة إنعاش الأحياء القديمة وخصوصا مجمع 301، وإذا كان هناك توجه رسمي لإحياء هذه الأحياء فإنه سيكون عبر تطبيق هذه الدراسة على أرض الواقع».
وتحدث عن مسئولية الأهالي في إهمال أحياء المنامة التراثية، مبينا أن «الكثير من العوائل المعروفة والتي لها امتداد تاريخي في هذه الأحياء قامت بهجرانها إلى مناطق أخرى، كما أن قسما آخر من العوائل أجَّرت منازلها القديمة على العمال العزاب، ما زاد من تهالك المنطقة من ناحية العمران والإنشاء وسبب نفورا لدى بقية العوائل التي باتت تخشى على أبنائها من هؤلاء العمال».
وطالب ميلاد الجهات المعنية بالنظر بجدية في وضع الأحياء التراثية في منطقة المنامة، محذرا من أن السياسة الحالية التي تستهدف «إقصاء الأحياء من الخريطة والوجود»، على ما عبَّر، ستؤدي إلى إحداث مشكلات كثيرة، وخصوصا بعد أن تحولت الأحياء التراثية إلى أحياء متهالكة تملؤها الأوبئة والمشكلات الاجتماعية.
العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ