العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ

الجمعيات: «تقاعد النواب والشورى» يستنزف أموال الشعب وسيقلب الشارع

المؤيد: نصف الشوريين أثرياء لا يستحقونه... شريف: تواطؤ بين الحكومة ونواب المعارضة على تمريره

وجه رجال أعمال وقادة الجمعيات السياسية انتقادا لاذعا لمشروع تقاعد الوزراء وأعضاء مجلسي الشورى والنواب الذي سيعرض على المجلس الوطني قريبا، والذي ينص على زيادة رواتب أعضاء مجلسي الشورى والنواب بمقدار 1000 دينار شهريا فضلا عن زيادة رواتب الوزراء بنسبة 2000 دينار، موضحين أن المشروع الجديد سيستنزف ملايين الدنانير من أموال الشعب باستمرار من دون جدوى.

ودعا رجل الأعمال البارز فاروق المؤيد في تصريح لـ «الوسط» أعضاء مجلسي الشورى والنواب لرفض المشروع الجديد، وقال إن الشعب انتخب النواب من أجل الحفاظ على الأموال العامة لا تبديدها عبر خلق امتيازات شخصية على حساب حقوق المواطن في المشروعات التنموية وعلى رأسها الصحة والتعليم والمشروعات الإسكانية وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، واعتبر أن الزيادة تهدف لإسكات المجلس.

وتساءل المؤيد «هل من المعقول أن يحصل الموظف الحكومي الذي يعمل 40 عاما ليحصل 80 في المئة من راتبه بعد تقاعده، بينما يعمل النائب 4 سنوات ليحصل على 60 في المئة و8 سنوات ليحصل على 80 في المئة؟ بالتأكيد أن كل عاقل ومنصف ومحب للبحرين سيعرف أن هذا المنطق يتنافى مع العدالة الاجتماعية بين المواطنين».

وأوضح المؤيد أن «مشروع التقاعد الحالي لأعضاء المجلسين ليس مبررا، من المؤسف أنه بدلا من أن يعمل النواب بكل جهد ليحافظوا على أموال الناس يبذروها لمصلحتهم الشخصية والخاصة، فليس لهذا المشروع مبرر أبدا وخصوصا إذا عرفنا أنه سيشمل طبقة أصلا هي في غنى عنه».

وأشار المؤيد إلى أن الموافقة على القانون الجديد «خطأ كبير يرتكب بحق البحرين، فلماذا يستنزف المشروع الملايين ليصرف رواتب تقاعدية مدى الحياة مبالغ فيها، والمفترض توجيه هذه الأموال الطائلة إلى المشروعات التنموية التي تخدم المواطن، كما أن عضوية السلطة التشريعية تعتبر منصبا تشريفيا من الناس، ويجب ألا يستغل هذا الموقع لمصالح خاصة»، معتبرا أن «هذه الزيادة تهدف لإسكات المجلس، وممثل الشعب يجب ألا يقبل بهذه الزيادة غير المعقولة».

وعلى صعيد متصل ذكر المؤيد أن أعضاء مجلس الشورى الحاليين أغنياء ولا يحتاجون إلى تقاعد «أكثر من نصف عدد أعضاء مجلس الشورى الحالي أغنياء وليسوا في حاجة للتقاعد، بل إن بعضهم أغنى من موازنة الدولة، فهل من المعقول أن يحصلوا على راتب تقاعدي من أموال الناس على حساب حق المواطن البسيط في الإسكان والتعليم المتطور والخدمات الصحية (...) نعتقد أن هذا المشروع جانبه الصواب، وإذا قبل به النواب سيواجهون ردة فعل شعبية غاضبة».

شريف: تواطؤ بين الحكومة ونواب المعارضة على تمرير المشروع

وفي تصريح لافت اتهم الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) إبراهيم شريف النواب بالتواطؤ مع الحكومة في هذه القضية، وقال شريف: «مع الأسف فإن نواب المعارضة لم يقدم أحد منهم موقفا رافضا، لأن فيه إحراجا بالنسبة إليهم».

ولفت شريف إلى أن «المواطن لا يحتسب له 15 في المئة سنويا والمواطن لا يجمع بين راتبين تقاعديين، وما يحتاجه الشعب من النواب ليس تمويل جيوبهم الشخصية، فنحن مع زيادة المخصصات للمكاتب شرط أن يأتي النواب برصيد لتوظيف استشاريين متخصصين، وسيعم الخير على المواطنين الآخرين».

وأضاف شريف أن «متوسط الأجر في الحكومة 700 دينار وفي القطاع الخاص 400 دينار، وهذا معناه أن النواب يحصلون على أكثر من ثلاثة أضعاف الأجر الحكومي، ويحصلون على نحو 6 أضعاف من متوسط الأجر في القطاع الخاص(...) صمت النواب على هذه المسألة عيب، فمن حصل من المواطنين على زيادة بنسبة 20 في المئة، وفي البلدان المتقدمة النائب لا يحصل إلا على ضعفين من الأجر المتوسط وليس خمس مرات فضلا عن الإضافات الأخرى».

وأوضح شريف أن صرف الزيادة الجديدة للنواب والشوريين «محكومة بنص المادة 90 من الدستور والمادة 40 من قانون مجلسي الشورى والنواب، وهذا يتطلب تعديل المادة 40، وربما تكون هذه أول فرصة لإجراء أول تعديل دستوري!، وما يزعجني أن نواب المعارضة لا يبدون اعتراضا ويسمحون للحكومة بأن تشوه صورة نواب المعارضة».

المهزع: هل همكم زيادة امتيازاتكم الشخصية؟!

وبدوره أشار الأمين العام لجمعية الوسط العربي الإسلامي جاسم المهزع إلى أن «المزايا والعطايا التي ستمنح لأعضاء مجلسي الشورى والنواب في المشروع الجديد ستتسبب في اتساع الهوة بين الطبقة الفقيرة والغنية وخصوصا مع انعدام وجود الطبقة الوسطى».

وأضاف المهزع «نأمل أن يلتفت النواب والشوريون أولا إلى الطبقات الفقيرة التي تمثل الغالبية الساحقة من أبناء الشعب، ونأمل أن يكون الهم الأول هو تقديم المزايا للمواطن قبل سعيهم الحثيث إلى المزايا الشخصية، ولا يعقل أن يدعو النواب الحكومة إلى التوزيع العادل للثروة وهم يسعون عمليا إلى امتيازات ذات نفعية خاصة».

وألمح المهزع إلى أن الزيادة المتوقعة في رواتب النواب والشوريين (1000 دينار وفق ما ذكر في المشروع الجديد) تساوي راتبا كاملا لخمسة موظفين يعملون بـ 200 دينار شهريا، مضيفا «إذا كان الحد الأدنى للرواتب مازال 200 دينار، وهناك مفارقة أخرى عجيبة أيضا، ففي حين أن النواب سيحصلون على زيادة في الراتب بنسبة 40 في المئة من دون جهد نجد أن زيادة الـ 15 في المئة للموظفين جاءت مبتورة بعد سنوات من المطالبة المستمرة والاعتصامات وبعد أخذ وعطاء».

وحذر المهزع من أن الموافقة على المشروع الجديد «ستتسبب في نقمة غير مسبوقة في صفوف الجماهير والطبقات الشعبية المختلفة، وخصوصا أن هناك غضبا على النواب في الشارع، وهو أمر لا تنكره حتى الكتل البرلمانية نفسها، ونعتقد أن موافقة النواب على هذا المشروع من دون الرجوع إلى قواعدهم الشعبية يحمل خطرا كبيرا، وهو أمر سيزيد على الضجة التي أعقبت موافقتهم على مشروع الـ 1 في المئة».

وتساءل المهزع عن دور النواب في تحديد وتوجيه الفائض من الإيرادات النفطية «الكل يتساءل أين الفائض في سعر النفط، لم لا نرى الأرقام الحقيقية ولا نعرف الآليات التي سيصرف من خلالها هذا الفائض الكبير، وخصوصا أن سعر النفط الحقيقي يعادل ثلاثة أضعاف سعره في الموازنة الذي قدّر على أساس 34 دولارا ونصف الدولار».

وتابع المهزع «بودنا لو أن الإخوة النواب يشرحون لنا و للجماهير ما يقومون به من جهد لتحديد دخل البحرين من النفط الذي ذكرت تقارير إعلامية أنه يصل إلى 11 مليار دولار في السنة، فأين يذهب الفائض وكيف سيوجه هذا الفائض، مردفا «النائب عندما ينتخب من الشعب هل من أجل اللهث وراء المزايا والعطايا لنفسه، وجميع الكتل ساكتة عن هذا الموضوع الخطير».

وأوضح المهزع أن «الطبيب الذي يخدم منذ شبابه تزيد مدة خدمته على 30 سنة ولن يصل راتبه الأساسي إلى راتب النائب، وفي بقية الدول الخليجية يعمل الموظف 20 سنة ويحصل على راتب قد يصل إلى 100 في المئة من راتبه، بينما الموظف في البحرين يجب أن يعمل 30 عاما ليحصل على 60 في المئة، والنائب يعمل 4 سنوات ويحصل 60 في المئة (...) ما يجري فيه انحراف عن العقل والمنطق والمصلحة الوطنية العامة، فلا يجب أن نخلق نظاما من شأنه أن يزيد من اتساع الهوة بين الطبقات وهذا سيخلق بالضرورة عدم استقرار شعبي، ففي المدخول النفطي الحالي يجب أن يشعر المواطن البسيط بهذه الزيادة، في حين أنه يشعر بالزيادة بالغلاء في أسعار المواد المستوردة، وجاءت الزيادة بالنقمة عليه، لذلك ندعو النواب لرفض المشروع».

جمعة: هل من أولويات الشعب زيادة رواتب الوزراء والنواب؟

إلى ذلك رأى رئيس الهيئة المركزية في جمعية الميثاق أحمد جمعة أن «موضوع تقاعد الوزراء والنواب والشوريين ليس أولوية للشعب الذي يعاني معاناة كبيرة في تلبية احتياجات الحياة اليومية في ظل الغلاء والتضخم الكبير في الأسعار وتدني الرواتب». وتساءل جمعة «لماذا الوزراء والنواب والشوريون يسارعون الخطى في الامتيازات بينما المواطن العادي الذي يعاني تتلكأ عليه الأمور وتغلق في وجه الأبواب، فهناك مفارقة غريبة، ونتمنى من النواب أن يكون دفاعهم المستميت عن حق المواطن أولا، وإذا حققوا شيئا مقنعا للمواطن يمكنهم حينها المطالبة بتوسيع دائرة امتيازاتهم الشخصية، فيجب أن يحقق النواب جزءا من برنامجهم الانتخابي الذي وعدوه الناس ثم يفكروا في أنفسهم، وهذا هو المعيار الإنساني والعقلي والوطني».

وأضاف جمعة «هل الرواتب الحالية للوزراء والنواب أقل من مستواهم المعيشي، فنحن نجد أنه عندما تطالب أية شريحة اجتماعية بزيادة في رواتبها من أجل تحسين وضعها المعيشي يحوّل الموضوع من هيئة إلى هيئة وينظر فيها وقد لا يستجاب لها، فهل الزيادة التي ستمنح للنواب جاءت بعد زيادة وتمحيص، يجب أن نسال، وعليهم بفقه الأولويات».

«أمل»: ما يجري تهور يفوق التصور

وبدوره قال عضو الأمانة العامة في جمعية العمل الإسلامي (أمل) فهمي عبدالصاحب: «إن إغناء فئة من الناس تمثل مصالحهم لا يقبله العقل ولا الدين، وإنما من حق النواب أن يطالبوا بزيادة معقولة، على ألا يكون الفارق فاحشا بينهم وبين الطبقات الاجتماعية المختلفة».

وقارن عبدالصاحب بين وضع الوزراء والنواب والشوريين في البحرين وبين إحدى الدول اللاتينية قائلا: «في تلك الدولة عندما تسلم الرئيس السلطة في انتخابات عامة أمر بتخفيض رواتب جميع الوزراء ليقضي على التباين في مستوى المعيشة، ومن هنا نعرف أن ما يحصل عليه النواب هو دغدغة لعواطفهم ليميلوا لهذه الجهة أو تلك».

وأضاف عبدالصاحب «من حق النواب أن يطالبوا باحتساب التقاعد ولكن ليس بهذه الطريقة، فما يجري يفوق التصور، ونقول للنواب الكرام ألزموا جادة الحق، فهناك آلاف العمال الذين لا يتجاوز رواتبهم 200 دينار، ويجب توزيعها بالتساوي على الجميع» معتبرا أن «الموافقة على المشروع ستسبب حنقا كبيرا في الشارع بالنسبة للمواطنين ذوي الدخل المحدود، ويجب أن يضعوا العقل هو المعيار الأساسي، فإذا كان النائب يسعى داخل المجلس لامتيازات بعد تقاعده فتلك طامة كبرى، ومن هنا علينا أصلا مراجعة رواتب الوزراء والنواب والشوريين فضلا زيادتها».

العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً