العدد 1918 - الخميس 06 ديسمبر 2007م الموافق 26 ذي القعدة 1428هـ

الشيخ الجمري... الشخصية الوطنية والرمز الكبير

مرت سنة على وفاة العلامة المجاهد الشيخ عبدالأمير الجمرى. الشيخ شخصية وطنية ودمثة الأخلاق وهو طبعا غني عن التعريف، إذ عرف في البحرين من خلال نشاطه في الإرشاد وهو خطيب حسيني مفوه ومناضل كما عرفه الإعلام العالمي، وحركات التحرير والنضال بشتى صورها ولغاتها المختلفة بأنه شخصية علمية وسياسية ونضالية.

عرفت أبا جميل منذ الستينات عندما كان طالب علم في النجف الأشرف، كنت أزوره في الحوزة ثم نتجول في المكتبات. في هذه العجالة أود أن اذكر بعض ما اذكر له من مواقف. العام 1966 صنف رسالة صلاتية على نهج العلامة الشيخ حسين العصفور طيبه الله ثراه، قبل أن يقدمها إلى المطبعة، أرسل نسخة منها إلى كل من الفقيه المرحوم الشيخ محمد أمين زين الدين والفقيه المرحوم الشيخ إبراهيم المبارك لمراجعتها، وقد شهدا له بالحصافة ودقة التأليف في الفقه، وكتبا توصيتهما بأن جائز العمل بمحتواها. عندما وصلت نسخة منها إلى المرحوم العلامة الشيخ باقر العصفور، علق عليها في كتيب صغير جدا، قرأ ذلك التعليق المرحوم الخطيب السيد محمد صالح السيد عدنان وقال انه لم يجد ثمة أخطاء في رسالة الجمري اللهم إلا سهوا طباعيا ونحويا بسيطا.

في العام 1975 زرت الإمام علي (ع) وانتهزت الفرصة لأزور الشهيد العلامة السيد محمد باقر الصدر. سألت العلامة الصدر عن بعض مسائل تتعلق بالمصارف، وعلى ضوء أطروحته المصرفية الإسلامية «البنك اللاربوي في الإسلام» فأجابني كالسيل المنحدر ثم سألني: أتعرف سماحة الشيخ عبدالأمير الجمري؟ قلت له: نعم، وأتذكر عبارته (رحمه الله): «هذا الشيخ جليل القدر ويستحق الاحترام» وقال السيد هذا كتاب سلمه إليه بيده. ولما رجعت إلى الوطن فعلت ذلك فورا. شكر السيد الصدر وشكرني.

كان - رحمه الله - يحدثني عندما طلب منه المشاركة في تأسيس أحد المصارف وحضر جلستين مع خبير الاقتصاد الإسلامي. بعدما قرأ بدقة قانون تأسيس المصرف انسحب وألغى عضويته، وحاول خبير مصري أن يعدله عن رأيه، قال «لا» وقال لي إن مثل هذه المؤسسات لا تناسبني، قلت له «كلامكم هو الصحيح».

كانت تجمعنا علاقات أدبية علمية مع رئيس تحرير مجلة «العرفان» اللبنانية المرحوم نزار أحمد عارف الزين، والباحث الكاتب والمؤرخ المرحوم السيد حسن ابن العلامة السيد محسن الأمين العاملي، وقد أقام لنا مأدبة عشاء في بيته في بني جمرة على شرف الزين، قدم فيها كل ما لذ وطاب من الطعام وفي أثنائها دار حديث تاريخي مهم جدا بينهما، ثم في اليوم الثاني تناولنا طعام الغداء في بيتنا بقرية كرانة وكان معنا المرحوم السيد علوي المشقاب (كان وكيلا لمجلة «العرفان»)، وكان شخصية اريحية بكل ما في الكلمة من معنى.

في العام 2002 كنت في لبنان والتقيت العلامة المرحوم الشيخ عز الدين الجزائري النجفي صاحب شرح «الصحيفة السجادية» وأثنى على فقيدنا الجمري، وقال لي إن «الشيخ من تلاميذي في علم الأصول وكان فاضلا».

لم ولن أنسى شخصه عندما تدخل لإصلاح ذات البين مع أحد أفراد أسرتي، عندما التقيته في مكتب بن سلوم بحضور العلامة الخطيب الشيخ أحمد الوائلي، شكرته فانتبه الشيخ الوائلي فقال «إن سعي الشيخ الجمرى كان مقدسا وهذا ما ينشده الإسلام الحقيقي».

مازالت في ذاكرتي مواقف الشيخ المجاهد الوطنية عندما كان عضوا في المجلس الوطني البحريني المنحل العام 1975، كان هو والمرحوم الشيخ عبدالله المدني من الكتلة الإسلامية، ووقعا عريضة ضد قرار «أمن الدولة» الذي نشرته صحيفة «الأضواء».

رحم الله شيخنا الجمري وأسكنه فسيح جناته.

علوي الخباز

العدد 1918 - الخميس 06 ديسمبر 2007م الموافق 26 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً