نتيجة لانتشار وباء «انفلونزا الطيور» أو ما عرف بـ «زكام الدجاج» المتفشي بشكل وبائي في الكثير من دول آسيا كتايلند وفيتنام وكمبوديا وأندونيسيا وباكستان وتايوان وكوريا الجنوبية ولاوس وهونغ كونغ، وقد يمتد الخطر المحدق لهذا الفيروس الذي يصيب الدجاج والطيور الداجنة ويتسبب في نفقوها، أو قد ينتقل إلى الإنسان ويؤدي إلى وفاته، إلى الدول المجاورة وغيرها من الدول الأخرى في العالم.
لجأت هذه الدول إلى التخلص من ملايين الدجاج الموبوء بالإعدام الجماعي له، ودفنه في مقابر جماعية، شبيهة بـ «مقابر صدام الجماعية»، للقضاء على هذا الوباء الذي أصبح يشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد الوطني في تلك الدول، وتنتج عنه خسائر مالية كبيرة، بالإضافة إلى وقوع خسائر في الأرواح بين البشر في الكثير من الحالات، نتيجة للإصابة بهذا المرض المحير، الذي لم يتم حتى الآن التوصل إلى علاج ناجع له.
ويرى مراقبون ومسئولون طبيون أن مرض «انفلونزا الطيور» أو «زكام الدجاج» - كما كان يسمى في بداية الأمر - قد يكون أشد خطورة من مرض الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)... الذي انتشر في آسيا في أحد الأعوام ، وما زالت آثاره الصحية والاقتصادية تهدد المنطقة، وسبب إثارة ورعبا على المستوى الرسمي والشعبي، وأثار مخاوف كبيرة لدى الدول الأخرى، ما دفعها إلى اتخاذ جميع الإجراءات الوقائية، وتحملها كلفا باهظة لحماية مواطنيها والمقيمين فيها.
وتفيد المصادر الصحية بأن أكثر ما يخيف علماء الفيروسات الآن هو احتمال تحور الفيروس وظيفيا، أو طفرته إلى درجة أكبر ليسهل بعد ذلك انتقاله من إنسان إلى آخر، ما سيعني تفشي وباء عالمي، وفي حين أنه لا يمكن فعل أي شيء لمنع الفيروس من التحور، فإن علماء الفيروسات يوصون بالحد من الاتصال بين الإنسان والطيور، ما سيجعل تحور الفيروس صعبا.
من الناحية الاقتصادية ستتأثر أسعار اللحوم البيضاء في الأسواق العالمية، وستكون هناك أزمة في توفير مثل تلك اللحوم، التي تعتبر من المواد الاستهلاكية الرئيسية في الكثير من دول العالم، بالإضافة إلى الارتفاع الطردي الذي سينجم على أسعار البيض، الذي يعد من الوجبات المهمة جدا لسكان العالم، نظرا إلى أهميته في تحضير الكثير من الأطباق الغذائية، وهو مصدر رئيسي لتوفير المواد البروتينية.
ولعل المرء يقف متأملا يتفكر ويتدبر، متسائلا عن نزول البلاء أو هذه الأمراض الغريبة التي لم تكن معروفة ولم تكن موجودة في الماضي! وكثيرا ما يقف العلم بكل ما توصل إليه عاجزا عن تفسير ماهية هذه الأمراض، وكيفية الشفاء منها، أو إيجاد علاج ناجع لها، على رغم مواصلة العلماء والأطباء والباحثين في مختبراتهم على إجراء التجارب العلمية، لاستكشاف الأدوية والعقاقير الطبية، ولكنها في الكثير من الأحيان لا تعطي المفعول المطلوب والعلاج الشافي، ولايزال هؤلاء يواصلون الليل بالنهار للخروج بنتائج إيجابية لعلاج مثل تلك الأمراض، كـ «السرطان» و «الإيدز» وغيرهما من أمراض العصر، التي تنزل كالبلاء على بني البشر، ومن بينها مرض «السارس» و «إنفلونزا الطيور»، وقد تكون هذه الأوبئة والأمراض امتحانا من الله سبحانه وتعالى، أو ربما غضبا إلهيا على ما يرتكبه البعض من بني البشر من معاص وآثام وذنوب، وجرائم قتل وإبادة ضد البشرية، فاقت كل تصور وخيال، مخلة ومخالفة لتعاليم الرب الجبار في كل الشرائع والأديان السماوية.
فهل يتعظ ذلك الإنسان الشقي ويعود إلى رشده، ويبتعد عن كل ما يغضب الرب الجبار، ذا الجلال والإكرام، ويلتزم بأوامره ونواهيه، ويتعلم من مصائب وبلاوي هذه الحياة الدروس والعبر، تكون له سفينة نجاة وواحة أمن و أمان؟!
محمد خليل الحوري
العدد 1918 - الخميس 06 ديسمبر 2007م الموافق 26 ذي القعدة 1428هـ