طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قادة الاستخبارات الاسرائيلية بالبحث عن أدلّة دامغة على أنّ إيران تواصل سرّا تطوير برنامج نووي ثالث؛ لدحض ما خلص إليه تقرير جهاز الاستخبارات الوطنية الأميركية من أنّ طهران أوقفت برنامجها للتسلّح النووي في العام 2003.
ونقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن مصادر مطلعة في مكتب أولمرت القول: «إنّ الاستخبارات الإسرائيلية تسعى كي تثبت للعالم أنه بجانب البرنامج النووي العسكري الذي أوقفته إيران العام 2003، والبرنامج النووي للأغراض السلمية الذي تطوّره حاليّا، يوجد برنامج ثالث سري». («إسرائيل» تحاول أنْ تثبت أنّ الإيرانيين من خلال هذا البرنامج السري يحاولون تحقيق قدرة نووية عسكرية باستخدام أدوات خفية لتخصيب اليورانيوم)، بحسب المصادر ذاتها.
حملة دعائية
وبموازاة هذه المساعي تشنّ الدولة العبرية حملة دعائية للتشكيك في مصداقية تقرير الاستخبارات الوطنية التي تجمع بين أجهزة الاستخبارات الأميركية الـ16. ودشن أولمرت هذه الحملة بزعمه أنّ لدى إيران «برنامجا سريّا لم يطلع عليه الأميركيون».
ووفق المصادر المطلعة بمكتب أولمرت فإنّ هذه الحملة تشارك فيها شخصيات إسرائيلية غير حكومية خشية تأثر علاقات الدولتين، وتركز على أنّ الاستخبارات الأميركية فسّرت بشكل خاطئ المعلومات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
كما تحاول الربط بين تقرير الاستخبارات الوطنية الأميركية، وما خلص إليه هذا الجهاز قبل غزو العراق من أن الرئيس العراقي حينئذ صدام حسين يمتلك أسلحة غير تقليدية، وهو ما تبين خطؤه بعد الغزو، بالإضافة إلى الزعم بأن الاستخبارات أصدرت هذا التقرير لتفادي توجيه الاتهامات إليها في حال ثبُت فعلا عدم امتلاك إيران برنامجا نوويّا للأغراض العسكرية.
ولن تتوقف الحملة عند هذا الحد، بل ستذهب إلى التشكيك في موقف الرئيس الأميركي جورج بوش، بالقول: إنه شجّع على صدور التقرير بهذه النتيجة، على اعتبار أنه كان يبحث عن مبرر لعدم شنه حربا على إيران. ولدعم ما ذهبت إليه سمحت حكومة أولمرت بتسريب خلاصة تقرير لقسم الأبحاث بوزارة الخارجية الإسرائيلية تقول: «إن بوش اتخذ قرارا بعدم شن الحرب على إيران بسبب ضعفه»، بحسب المصادر ذاتها.
تقرير إسرائيلي
وفي سياق تداعيات تقرير الاستخبارات الأميركية أجرى الأميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة محادثات على مستوى عال اليوم في الدولة العبرية.
وذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية أنه التقى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، واستمع إلى تقييم استخباراتي إسرائيلي يفيد بأن إيران تعمل على تصنيع قنبلة، وربما تمتلكها بحلول العام 2010.
وقال المتحدث باسم مولن، جون كيربي لصحيفة «جيروزالم بوست» الإسرائيلية: «إنّ إيران لاتزال تمثل تهديدا كبيرا للمنطقة».
وأردف كيربي: «حاول الإيرانيون تطوير قدراتهم النووية، ومازال بإمكانهم تطويرها»، ودعا الرئيس بوش إلى فرض عقوبات دولية لكبح أنشطة إيران النووية.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2006 فرض مجلس الأمن الدولي مجموعتين من العقوبات على إيران؛ لرفضها وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم.
وتقول طهران: إن برنامجها سلمي لإنتاج الطاقة الكهربائية، وتتهم «إسرائيل» بتضخيم الشكوك حول البرنامج النووي الإيراني؛ لصرف الأنظار عن ترسانتها النووية الضخمة غير الخاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
خسائر «إسرائيل»
دوافع «إسرائيل» للهجوم على تقرير الاستخبارات الأميركية تعود إلى خسائرها من نشر هذا التقرير والتي عددتها وسائل الإعلام الإسرائيلية التي اتفقت على أنّ التقرير (ألحق ضررا كبيرا بـ «إسرائيل»).
«رهان «إسرائيل» على قيام إدارة بوش الحالية تحديدا بمحاولة إجهاض المشروع النووي الإيراني بعمل عسكري قد تلاشى بعد صدور التقرير»، بحسب رؤية صحيفة «هآرتس» لهذه الخسائر.
واعتبرت «هآرتس» أن «حكام تل أبيب يدركون أنه حتى الرئيس الأميركي القادم لن يكون بمقدوره استخدام الخيار العسكري مع إيران بعد صدور هذا التقرير».
كما أن (قدرة «إسرائيل» على إقناع العالم بالموافقة على فرض عقوبات اقتصادية (مشددة) على إيران آلت إلى الصفر على رغم محاولة بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس بذل جهود في هذا المجال»، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»).
أما تسفي بارئيل الباحث والكاتب الإسرائيلي المعروف فذهب إلى أن التقرير الأميركي أفقد تل أبيب «ثروة استراتيجية مهمة»؛ إذ إنه لم يَعُد بوسع «إسرائيل» «لعب دور الدولة العظمى الإقليمية التي تحدد خريطة التهديدات الاستراتيجية الدولية»
العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ