يسعى المصوّر الأميركي نورمان جرشمان من خلال معرض للصور الفوتغرافية يقيمه في متحف «يد فشيم» في القدس الغربية إلى تحطيم الصورة النمطية عن الإسلام وما لصق به في الغرب من تهمة الإرهاب.
ومن خلال معرضه يعرض المصور شهادات شفوية وصورا التقطها في ألبانيا توثق لقيام مسلمين هناك بإنقاذ حياة عشرات اليهود من الملاحقة والقتل على أيدي النازيين في الحرب العالمية الثانية.
وعن معرضه الذي أطلق عليه عنوان «كلمة حق» يروي جرشمان قصة «الوجه الآخر» لألبانيا وعن الأعمال الإنسانية التي قام بها مسلموها على رغم ما ترتب عليها من خطورة كبيرة.
ويقول جرشمان - وهو يهودي- إنه بعدما بلغته القصة صدفة وجد أنه واجب عليه الكشف عن الحقيقة، فكرّس أربع سنوات من السفر واللقاءات مع المسلمين الألبان؛ ليكشف عن معلومات ظلت طي الكتمان في ألبانيا نتيجة النظام الشيوعي الصارم الذي حكم البلاد عقب الحرب العالمية.
ويشير جرشمان في الشهادات الشفوية التي جباها من عشرات الألبان إلى أن المئات من اليهود في بلدان أوروبية مختلفة فرّوا من مطاردة النازيين ولجأوا إلى ألبانيا إذ احتضنتهم عائلاتها المسلمة وأخفتهم عن أعين الجنود الألمان.
نماذج من الشهادات
وفي المعرض شهادات لألبان إلى جانب صورهم يروون فيها كيف استضافوا اليهود الفارينَ من المحرقة في منازلهم بصفتهم «أقارب»، فتقاسموا معهم رغيف الخبز وسرير الفراش بدوافع دينية تستند لتعاليم الإسلام الداعية لإغاثة المحتاجين وللتآخي.
ويقول جرشمان إنّ ما دفعه لتنظيم المعرض هو اطلاعه على «الوجه الجميل للحضارة الإسلامية»، مبديا إعجابه الكبير بالصوفية ومساهماتها «في الثقافة والإنشاد والرقص».
ويضيف جرشمان «يبدو أنّ كلمة إسلام تثير اليوم تداعيات مرتبطة بالإرهاب فقط حتى تشكّلت حالة من الخوف غير المبرر منه، كما أنّ وصم المسلم بالإرهابي أمر غير مقبول، ويذكرني بفترة مكارثي حينما كان الأميركيون مقتنعين بأنه يختبئ تحت سرير كل ّمنهم شيوعي أحمر».
وتشير شهادات مسلمي ألبانيا الموجودة في المعرض إلى أنّ إقدامهم على حماية يهود أغراب يعود لقيمة أخلاقية كبيرة ترتبط بوفاء الإنسان بوعوده وأعماله وأقواله سيّان.
وتستذكر شهادات أخرى كيف أنّ رئيس حكومة ألبانيا في الحرب العالمية الثانية، مهدي فراشري، رفض طلبات النازيين بتسليمهم أسماء وعناوين اليهود في بلاده، وكيف أنه طلب من مواطنيه منح الملجأ والحماية لليهود واللاجئين الوافدين إليها.
كما تشيرالشهادات إلى أنّ فراشري أصدر تعليمات واضحة لمواطنيه الألبان بضرورة مساواة أولادهم بأولاد اليهود في المنام والمأكل ضمن أسرة واحدة، لافتا إلى تساوي بني البشر عند الله.
صاحب الدكان
أما أكثر الشهادات تأثيرا فهي بحسب جرشمان شهادة تتعلق بقصة علي باكير صاحب دكان ألباني توقفت أمام محله سيارة فيها جنود نازيون ومعهم عمّال سخرة ألبان وفتى يهودي استعدوا لإعدامه فقام باستضافتهم ريثما هرب الفتى من الشاحنة إلى الغابة.
ويستطرد جرشمان أنه بناء على شهادات سمعها في ألبانيا فإنه بعد ذهاب الجنود عثر باكير على الفتى ومنحه ملجأ لمدة عامين حتى هاجر إلى المكسيك بعد نهاية الحرب، مشيرا إلى أنّ اليهودي لايزال حيّا في الثمانين من عمره، وأنه يستعد للقاء ابن علي باكير بواسطته.
ويستعد جرشمان إلى جانب معرض الصور لعرض فيلم حول الموضوع ولتنظيم لقاء في القدس الغربية بين من تبقى من الناجين من اليهود والباقين من المنقذين الألبان
العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ