اعتبر عضو كتلة الوفاق النائب السيدحيدر الستري أن «سترة تمثل فضيحة حكومية كبرى، وتعكس فشل الحكومة الذريع في الانجاز والعدالة الاجتماعية، وبالتالي على الحكومة أن تتعامل مع هذه الفضيحة بروح وطنية مسئولة» على حد قوله.
وأقر الستري في حوار شامل مع «الوسط»، بأن «الوفاق» محاصرة في البرلمان، بسبب الوضع الذي أفرزه التوزيع الظالم للدوائر الانتخابية، متهما الكتل الأخرى بأنها «تستغل الحرية لمصادرة الحرية».
من جهة أخرى، رحب النائب الستري بتوسيع صلاحيات مجلس التنمية الاقتصادية، وشدد على أن «الناس تنتظر من المجلس أن ينقذ الأجهزة الحكومية المترهلة»، مضيفا: «يبدو أن مقياس المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أكبر من الحكومة، لذلك فإن الحكومة مطالبة بإثبات العكس».
ونفى الستري - الذي يشغل أيضا منصب عضو الهيئة المركزية في المجلس الإسلامي العلمائي - «وجود أية أجندة سياسية سرية يخفيها المجلس»، رافضا محاكمة الناس على مجرد تبنيهم نظريات فكرية، مبينا أن «العلماء ليس لديهم مشروعهم السياسي الخاص».
إلى ذلك، نفى الستري سقوط سترة من يد «الوفاق»، واعتبر أن «سترة وفاقية تكاد أن تصل إلى نسبة 100 في المئة»، وفي حين نفى وجود نقمة من أهالي سترة على «الوفاق» أقر بأن «سترة صريحة مع (الوفاق) أكثر من غيرها بسبب واقع المعاناة الكبيرة التي تعيشها»... وهنا يأتي الحوار:
*أين موقع «سترة» من معادلة المشروعات العمرانية التنموية التي تترد على لسان الحكومة باستمرار؟ هل يعكس الواقع على الأرض حقيقة هذه التصريحات؟
- سترة منطقة كبيرة عدد سكانها نحو 30 ألف مواطن، و30 ألف من الأجانب يقتسمون هذه المساحة بالمناصفة مع الأجانب، والأجانب أيضا من الناحية المتدنية التي تتناسب مع عدد المصانع الكبير والمكدس في مساحات كبيرة من منطقة سترة، وهذا العدد الكبير من الأجانب والمصانع يعني الكثير من الأضرار والكثير من المعاناة والكثير من الدلائل والمؤشرات، على أن المجال مفتوح واليد مطلقة لانتهاكات مؤلمة لهذه المنطقة.
جزيرة سترة منكوبة، وتحيط بها السواحل المحرمة على أبنائها، بحيث لا يوجد ساحل في أي جهة من جهات سترة الأربع من دون أية مبالغة، وأيضا جزيرة سترة على كبر حجمها وموقعها الاستراتيجي اقتصاديا على الأقل أو في تصوري أن 80 في المئة من اقتصاد البحرين مصادره في سترة وما يحيط بها.
أزمة البنية التحتية
*وماذا عن مستوى التخطيط والبنية التحتية؟
- مقابل هذه الأهمية الاستراتيجية للمنطقة نجد بنية تحتية معدومة، في مجال الشوارع والأرصفة وفي مجال التشجير والتخطيط الخاطئ، بحيث كلما فكرنا في مجال من مجالات التطوير للبنية التحتية يأتي الجواب محبطا على الدوام، لأن التخطيط السيئ لا يسمح بتطوير أي مجال من مجالات البنية التحتية، بل حتى مستوى التشجير يأتي الجواب عنه أن الشوارع والأرصفة توجد تحتها خدمات، وبالتالي غير ممكن حتى تحقيق هذا المطلب البسيط للأهالي.
وإذا جئنا إلى مستوى الخدمات، فإن الأمثلة البارزة هي عدم وجود مدرسة ثانوية للبنين في منطقة بهذا الحجم، واضطرار الطلبة من أبناء سترة للدراسة في المرحلة الثانوية خارج سترة وعبر الجسر أو المنفذين في الشمال والجنوب المزدحمين بالاختناقات المرورية المستمرة، ما أدى خلال سنوات طويلة إلى حادث حالة تسرب استثنائية مقارنة بكل مناطق البحرين والتدني في المستوى الدراسي، بحيث جاءت المدرسة الابتدائية الإعدادية في سترة في نهاية القائمة بالنسبة إلى كل مدارس البحرين.
المركز الصحي طاقته الاستيعابية لا تتناسب مع عدد المراجعين بالإضافة إلى استخدام العدد الكبير من الأجانب للمركز نفسه وإهمال مستشفى الولادة إلى مستوى إيقاف الخدمات فيه وإقرار مستشفى ولادة بعيد عن سترة، بدلا من أن نرى تطويرا لهذه الخدمة، والسوق لا تتناسب مع العدد الكبير لبحارة سترة، ويفترض أن تكون هناك سوق تتناسب مع هذا العدد ومع أهمية هذه الثروة والمورد الغذائي.
وعلى مستوى المنافذ فإن سترة جزيرة بحجم جزيرة المحرق كما كان يعلّم طلبة المدارس، وكنا نتمنى وذكرنا ذلك كثيرا أن منافذ سترة يجب أن تتناسب مع منافذ المحرق، أضف إلى ذلك أن منافذ سترة يمر عليها أكبر عدد من العمال والموظفين في البحرين بسبب وجود المصانع الكبيرة والمنشآت الصناعية مثل الكهرباء وتحلية المياه وغيرها.
4000 طلب إسكاني في سترة
قد يكون في سترة أكبر عدد من البيوت الآيلة للسقوط، وهناك حالة إحباط لدى الممثل البلدي من القدرة على وضع حد لهذه المشكلة التي يجب أن ينظر إليها كحالة ضرورية وعاجلة، مع سهولة الحلول في هذا المجال، ولم نجد أي ذكر في كل ما استعرضته وزارة الإسكان بالنسبة إلى المشروعات الإسكانية مع أن لدينا أكثر من 4000 طلب ونحن كررنا وشددنا على حاجة سترة إلى مشروع إسكاني يتناسب مع حجم المنطقة وتحدثنا عن مناطق مناسبة لمثل هذا المشروع بحيث يخدم كل أهالي المحافظة الوسطى، ونتمنى الاستجابة في هذا المجال أسوة بالمدينة الشمالية ومدينة المحرق.
*يقال إن الحكومة وعدت بتنفيذ مشروع إسكاني لأهالي سترة على غرار بقية المناطق؟
- لا يوجد شيء واضح وتابعنا بشكل مستمر، وحتى الآن لا توجد أجوبة واضحة بهذا الشأن، ونتمنى أن يتدخل جلالة الملك أو سمو رئيس الوزراء بحيث يدشن مشروع من هذا القبيل، ونحن دائما تقلقنا حالة الإحباط والشعور بالإهمال الحكومي للمنطقة وأطلقنا نداءات ومناشدات ومطالبات بهذا الخصوص، وآخرها زيارة وزير البلديات التي جاءت بمثابة تأكيد للوصف الذي كنا نؤكده ونكرره على الدوام، أن «سترة جزيرة آيلة للسقوط».
*هل تشعرون أن سترة تتعرض لعقاب على مواقفها السابقة... بمعنى أنها تدفع ضريبة التسعينيات؟
- السؤال الذي يجب أن يثار هو: لماذا تتصرف الحكومة بهذه الطريقة؟ وإذا كانت الحكومة تفكر بهذه الطريقة فنحن حقيقة أمام أزمة كبيرة وخطيرة وأمام نهج مقلق لتكريس التمييز الخدماتي والتمييز المناطقي وإشعار الأهالي بالنقمة الرسمية عليهم دون سواهم، ونحن نستنكر مثل هذه التصرفات إن وجدت سواء تجاه أبناء سترة أو تجاه أبناء الشعب عموما، وهذا النهج خاطئ وخطير ويتسبب في تعميق حالة الفشل لدى أي حكومة تمارس هذه الطريقة تجاه شعبها.
*ما هي مردودات الزيارة الملكية التاريخية لسترة تزامنا مع عهد الانفراج؟
- في الحقيقة، الأهالي يشعرون بأن الحكومة عملت بشكل أو بآخر على أن تنسى هذا الحادث التاريخي، وامتنعت عن تنفيذ أي مردودات ايجابية لهذه الزيارة يلمسها أبناء المنطقة.
*ولكن مشاركة «الوفاق» في السلطة التشريعية، هل غيرت مجرى المعادلة؟ وأنت شخصيا ماذا قدمت لسترة؟
- لم أتمكن من تقديم شيء يتناسب مع حالة الحرمان والتهميش والإقصاء على رغم مطالباتنا المتكررة والكثيرة والنداءات التي دشنا بها عملنا النيابي والبلدي، ونقلتها الصحافة بشكل متكرر، فيما يخص حالة التمييز الرسمي في المنطقة. أعتبر سترة فضيحة حكومية كبرى، يتوجب على الحكومة الإسراع في التصدي لها بروح رياضية جريئة ومسئولية وطنية.
لا توجد نقمة ستراوية على «الوفاق»
*من الواضح أن حضور «الوفاق» في سترة قل بكثير عن السابق بسبب انتشار ثقافة المقاطعة، وهناك جملة مؤشرات تدل على ذلك...
- نسبة المشاركة في سترة كانت كبيرة جدا، وحصلت على أكبر نسبة من كثافة أصوات الناخبين على مستوى البحرين، ولا توجد حالة من النقمة على «الوفاق»، ولا توجد هوة في سترة بين «الوفاق» والشارع، بل على العكس... سترة من أكثر الناس حرصا عليها، ودفاعا عنها.
ومن دون مبالغة، أستطيع أن أقول إن سترة وفاقية بنسبة قريبة من 100 في المئة، ولكن سترة قد تكون أكثر صراحة مع الجميع بسبب المعاناة التي تعيشها المنطقة وشعورهم بضرورة إيصال صوتهم على الدوام من أجل التخفيف من هذه المعاناة، وعندما يكون أهالي سترة صريحون مع «الوفاق» فإن ذلك يرجع لمحبتهم وإخلاصهم إلى «الوفاق».
من الطبيعي أننا في «الوفاق» عموما نشعر بأن علينا أن نكثف جهودنا بشكل اكبر كجمعية وليس ككتلة فقط، وتوجد لدينا أفكار متواصلة في هذا المجال ونتمنى من شارع «الوفاق» وكل المواطنين أن يشعروا بضرورة الشراكة في إنجاح برامج التواصل، لأن نجاح هذه البرامج يخلق حيوية سياسية في البلد ويعمل على تطوير الحياة الديمقراطية بشكل أسرع وهذا يصب في مصلحة الجميع.
*وكيف تفسرون ما حصل للندوة الجماهيرية في سترة، وخصوصا الهجوم على قادة «الوفاق»؟
- البعض يريد أن يصفه بأنه هجوم، ولكن ما حصل ليس كذلك، والدليل أنه بعد دقائق وجيزة من حديث الشيخ علي سلمان ساد شعور بأن الصحيح هو دعم «الوفاق» ودعم الرؤية التي تطرحها.
*وفي أي خانة تصنف الشعارات والكتابات على جدار منزلك في سترة؟ وما هي الرسالة التي يراد إيصالها إليك؟
- أنا بصراحة لم أتوقف عن الدعوة إلى استخدام التعبير بحرية، والتنويع في هذه الأدوات والوسائل، وحتى بعد أن وجدت الكتابات على جدران منزلي قابلت ذلك بحالة من التقبل، وأبديت استعدادي لاعتبار منزلي صفحة كبيرة لاستخدام رسائل المواطنين بكل حرية وشفافية وصراحة.
*هل هناك تصادم بينكم وتيار المقاطعة في سترة ورموزه؟
- نحن لا نعيش مثل هذا الشعور، ومسئوليتنا احترام وجهات النظر المختلفة، وأملنا كبير بأن وجهات النظر المختلفة أحيانا ستصب في هدف واحد، وأنا أراهن على عقلانية قادة المعارضة، حتى من يتبنون خيار المقاطعة، وخصوصا أن المعارضة في البحرين أثبتت أنها تلتزم بالنهج العقلاني وتضع الوحدة الوطنية على رأس أولوياتها، ولا توجد حالة صدام بين مكونات سترة.
حوار المعارضة لم يصل إلى طريق مسدود
*وكيف تفسر عدم تفاعل «الوفاق» مع حوار المعارضة... يبدو أنكم غير متحمسين بما يكفي مع هذا المشروع؟
- لا، بالعكس، «الوفاق» متفاعلة مع مشروع حوار المعارضة وهي تحضر اللقاءات على الدوام، وتطرح مرئياتها مع غيرها من الجمعيات السياسية الأخرى وتتبادل هذه المرئيات بشكل حر وديمقراطي، وتعمل على إنجاح هذا المشروع وتحويله إلى مشروع ايجابي يفيد البلد عموما. ومشروع المعارضة، هو مشروع حوار، وطبيعة هذه المشروعات واعتمادها على تبادل الأفكار وبلورة الرؤى المشتركة تشكل اضاءات لحركة المعارضة.
*وهل تعول «الوفاق» على مثل هذه اللقاءات لإحراز تقدم ما في التنسيق بين فصائل المعارضة؟
- إن الحوار من أهم المتطلبات لأي عمل وأي بلد، وخصوصا أنه ضمن فصائل المعارضة، لا يوجد احد يستغني عن الحوار بشكل متواصل وبشكل دوري، وهذا لا يعني ضرورة انتظار قرارات عاجلة أو قريبة، ولكن هذا الأمر يؤسس لمنهجية في المستقبل، وأي وجود يدخل في مشروع حوار يظل يؤتي بثمار طيبة حتى لو توقف في فترة من الفترات، لأنه سيشكل بداية طيبة وقادرة على أن تتجدد حتى بعد فرض توقفها في أية فترة وحوار المعارضة لم يصل إلى طريق مسدود.
لم نخذل المعتقلين
*حوادث ديسمبر/ كانون الأول (وفاة الشاب علي جاسم مكي وما تلته) أثبتت أن «الوفاق» هي ردة فعل لتحرك الشارع ولم تعد هي المحرك... هل هذا الأمر واقعي؟
- هذا موقف تتشابه فيه «الوفاق» مع سائر الفصائل السياسية في المعارضة، والموقف الذي حصل في ديسمبر هو أن الأطراف الفاعلة فيه هي مجاميع من المواطنين والحكومة والأجهزة الأمنية خصوصا.
تابعنا تفاصيل الأزمة، ورفضنا الموقف السلبي من الأزمة، لم يكن موقفنا سلبيا من الأزمة، ولكن الظروف تختلف من حدث إلى آخر، وبالتالي طبيعة التعاطي مع الظروف المختلفة والاستثنائية.
*ماذا عملت «الوفاق» من أجل ملف المعتقلين السياسيين؟
- كونا لجانا مختصة بمتابعة الملف، وقمنا بزيارات لأهالي المعتقلين وتواصلنا معهم من خلال هذه اللجان المتخصصة ومازلنا نتواصل وكانت دعوتنا صريحة إلى ضرورة التعاطي العادل مع المعتقلين والإسراع في إطلاق سراحهم، وهناك تواصل مع قيادات الدولة على الموضوع.
*هل تعتقد أن أداء كتلة «الوفاق» مقنع لجماهيرها فضلا عن الآخرين؟
- الأمر لا يتعلق بمسألة أداء «الوفاق»، وكل الأمر يتعلق بسوء أداء الحكومة وبط أدائها، وعدم تماسك هياكلها وأجهزتها وغياب التكامل في هذه الأجهزة، فالإخفاق عند الحكومة وليس «الوفاق».
*ما هي الخيارات السياسية المستقبلية للمجلس الإسلامي العلمائي... حكومة الفقهاء غير مطروحة، ولكنه اليوم يعيد صوابية خيار ولاية الفقيه ...
- العلماء في نظري الشخصي هم جزء من نسيج هذا المجتمع، وجزء من نسيج هذا الشعب، وبالتالي هم يواكبون معاناة هذا الشعب، ويتعاطون بشكل ايجابي كامل مع مطالب هذا البلد، وهذه المطالب تحرك في إطار تحقيق العدالة والمساواة، وحلحلة الملفات الأساسية المعروفة وعلى رأسها الملف الدستوري وملف تكافؤ الفرص وملف الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير وملف التجنيس وملف البطالة وتدني الأجور وملفات الفساد، وهذه الملفات يشترك العلماء فيها مع أبناء هذا الشعب، ولا يوجد أي جديد في هذا المجال.
فقط ما أريد زيادة توضيحه أنه من الخطأ ملاحقة بعض الرؤى الفكرية العامة ومحاكمة العلماء أو غيرهم على أساسها، لا يوجد احد لا يطرح بعض الأفكار العامة، ونحن كدينيين من الطبيعي أن نفضل رؤية الدين على بقية الرؤى الأخرى، رؤية الدين في مجال التربية والأخلاق والمجال الاجتماعي والاقتصادي، ولكن كل ذلك لا يعني تحريك مشروع سياسي خاص غير متوافق عليه وطنيا، العلماء يحتكمون إلى الخيار الواقعي للبلد.
*ولكن البعض يطرح أن «المجلس العلمائي» يحمل أجندة سياسية سرية؟
- مثل هذا الكلام يعتبر من أكثر ما يهدد وضع البلد، ومن يطلق مثل هذا الكلام هم فئة يعتاشون على إطلاق الشكوك وتكريس الشكوك وفجوة الثقة بين أبناء البلد ويتوهمون أن هذه الطريقة تشكل حماية بالنسبة إليهم، في الواقع هذه الأساليب لا يجادل احد من العقلاء بأنها أساليب تدميرية بالنسبة إلى الجميع. «المجلس العلمائي» ليس لديه أجندة سياسية سرية معلنة، ومع الأسف تعودنا على مثل هذه الاصوات الناشزة والمرفوضة وطنيا وإن كانت لا تشكل شريحة يعتد بها، لأن أبناء هذا البلد اثبتوا عبر التاريخ أن خيارهم الأول هو التعايش، وعملوا على الدوام مجتمعين على وأد أية فتنة من هذا القبيل.
«المجلس العلمائي» لا يختلف عن غيره من الفصائل إلا في مجال الاشتغال اليومي يضاف إليه المجالات العلمية والتعليمية والتربوية والجوانب الأخلاقية المهمة لأي مجتمع ولأي بلد لخدمة الاستقرار والمحافظة عليه.
*الشيخ عيسى قاسم... بصفته الأب الروحي لهذا التيار... كيف ينظر إلى مستوى أداء الكتلة؟ هل هو مقتنع من وتيرة العمل؟
- من خلال متابعة الشيخ عيسى قاسم لأداء الكتلة كغيره من المتابعين يتفق بشكل عام مع الآخرين في هذا الأداء، ويستشعر كالكثير من المتابعين بل يؤكد أن المشكلات في البلد بحاجة إلى قرارات سياسية عليا من اجل وضع حلول مقنعة وكافية إليها.
*وهل شعرت «الوفاق» بأنها محاصرة في المجلس؟
- نعم، «الوفاق» محاصرة بسبب تأثيرات التوزيع غير العادل للدوائر الانتخابية ونتائج هذا التوزيع الذي انعكس على العمل اليومي في المجلس، للأسف الشديد أن الحكومة مضافة إليها الكتل النيابية الأخرى لم يجيدوا استخدام هذا الوضع واستثمار هذه الفرص المؤاتية بالطريقة التي تبعد عنهم الشبهة وتكرس حالة الامتعاض تجاهها من قبل أبناء الشعب، وهذه المواقف إذا استمرت ستعزز الشعور بغياب الحكمة لدى الكتل النيابية والحكومة وافتقادهما للحس السياسي العملي والمسئول، حتى في المجال الحرفي.
*ولكن هذه الكتل في المقابل ترى أن من حقها رفض الاستجواب وتحقيق التمييز كما من حق «الوفاق» تبنيهما؟
- لا توجد حرية ومشروعية في تدمير البلد، وهذه المسألة لا تدخل في إطار حرية الآراء والقناعات، بل تدخل في إطار مستقبل البلد وضرورة مراجعة الحس الوطني والمسئولية الوطنية تجاه بلدنا، ولا أتصور أن المواطن سيستغفل بهذه السهولة وسيتم تضليله بمثل هذه الكلمات التي تريد استغلال الحرية لمصادرة الحرية.
لماذا الاصرار على الاستجواب؟
*ولكن لماذا كل هذا الإصرار على استجواب وزير شئون مجلس الوزراء؟
- في أي بلد من بلدان العالم وليس في البحرين فقط مسألة التمييز العنصري والطائفي هي من أكبر المشكلات في البلد واكبر المعوقات لأي مشروعات تنموية، ولا يقلل من أهمية ذلك الحديث عن الخوف من الاصطفاف الطائفي، فعندما حصلت هذه المشكلة في جنوب إفريقيا وغيرها بادرت الشعوب لمقاومتها، لأنها لا تستقيم مع مبدأ العدالة. ولم يستطع أحد تحريك أي مشروع وطني ايجابي مع وجود مشكلة التمييز والعنصرية والتعامل مع المواطنين بنظرة غير متساوية، وهذا الملف من الطبيعي أن يشغل المواطن عن التفرغ لبناء وطنه، ونتيجة الفشل في كل الخطوات التي تزعم الحكومة أنها تقوم بها.
*ولكن هل يعقل أن مشكلة كبيرة بهذا الحجم تختزل في شخص واحد؟
- هذا هو النموذج الأبرز، والملف المنسوب لهذا الوزير هو أخطر ملف خطط بشكل منهجي وتنظيمي واستغل إمكانات البلد وصلاحياته الرسمية والوظيفية لتحريك هذا المخطط الخطير، وإيقاف هذا الوزير سيجعلنا نتقدم خطوات واسعة في هذا المجال وسيشعر المواطن بأننا بدأنا في حل المشكلة بجدية، وهذا الأمر مهم بالنسبة إلى إعادة الثقة بين الشارع والحكومة.
*وهل أنتم متفائلون من تحقيق تطورات ايجابية على مستوى هذا الملف، وخصوصا أن «الوفاق» جربت سابقا هذا الطريق ولم تنجح؟
- سواء كانت النتائج سلبية أو ايجابية، تبقى المشكلة مدمرة والسكوت عنها وعدم استجابة الكتل الأخرى يجعل هذا الملف معوقا لكل تطلعاتنا الوطنية وطموحاتنا في المشروع الإصلاحي للبلد.
نساند توجهات سمو ولي العهد
*وكيف تنظر «الوفاق» إلى التطورات فيما يتعلق بتوسيع صلاحيات مجلس التنمية الاقتصادية وضم 11 وزيرا فيه؟
- هذا مشروع جديد، وقد تكون الضرورة هي التي حتمت مثل هذا المشروع نتيجة لمستوى أداء الحكومة وتباطؤها ووقوفها عاجزة عن مطالبات واضحة وبسيطة يتطلع الجميع إلى سرعة حلها بمجرد إقرار «الوفاق» بالمشاركة. أتصور أن سمو ولي العهد يعيش مثل هذا الشعور ويستغرب تلكؤ أو بطء أو عجز الحكومة عن تلبية هذه المطالب، وبالتالي جاء هذا الموقف من سمو ولي العهد مطابقا تماما لهذا الشروع، وهناك حاجة إلى التغيير، والأجهزة الحكومية اعتادت على الكسل والبيروقراطية والتذرع ورمي المشكلات على بعضها بعضا تهربا من المسئوليات، وبالتالي تنظر «الوفاق» بإيجابية لكل خطوة وتنشد التصحيح وحماية المشروع الإصلاحي بالبلد.
لمن تذهب إيرادات الدفان؟
*وماذا تأملون على صعيد تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية المتعلقة بالردم البحري؟
- من الطبيعي أن من أولويات «الوفاق» البارزة في هذا الموضوع هو مسألة دراسة الأضرار الكبيرة الناشئة بسبب أعمال الردم والدفان وشفط الرمال، وضرورة تحلي الجهات الرسمية بالشفافية الكافية في هذا الموضوع، والخشية من الافتقار لدراسة مجدية له ومفيدة وطنيا، وخصوصا في مجال استثمار هذا الدفان في حل المشكلة الإسكانية الكبيرة التي تزيد على 40 ألف طلب إسكاني.
من الواضح أن عملية الدفان تدر بإيرادات مالية كبيرة من الضروري أن نعرف أين تذهب، ومن جهة أخرى فإنه عندما تسير هذه المشروعات بهذه الوتيرة المتسارعة من المؤكد أن تكون النتيجة خسائر كبيرة للبلد، فلا يعقل أن تعطى كل هذه المساحات عن طريق الهبة بعيدا عن مصلحة المواطن، والملاحظ أن الحسبة البسيطة لهذه المشروعات تجعلنا نعرف التكاليف الباهظة التي تصرف عليها.
*ألا تخشى من أن يكون تشكيل اللجنة كالبكاء على الأطلال ليس إلا؟!
- من الطبيعي أن الحكومة استغلت الوقت الفائت بعيدا عن الرقابة، ولكن مسئوليتنا أن نفتح الملف ولا يجوز السكوت عليه وغض الطرف عنه وعما ستقود إليه نتائج التحقيق الجدي في هذا الملف من إيقاف الحكومة على أخطائها واطلاع المواطن بشكل أكبر على هذه الأخطاء وتدارس كيفية الخطوات التصحيحية لهذه السياسات، بالإضافة إلى أن مثل هذه المشروعات لم تتوقف ولا نتصور أنها انتهت
العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ