اعتبر النائب البرلماني المستقل عزيز أبل اليوم (الأحد) وغدا (الإثنين) حاسمين أمام الكتل النيابية للوصول إلى توافق بشأن أزمة الاستجواب التي عطلت عمل المجلس ثلاثة أسابيع متتالية، في الوقت الذي يرجّح فيه أن لا تتم الاستجابة للطلب الذي تقدّمت به كتلتا الوفاق والمستقبل بعقد جلسة استثنائية هذا الأسبوع لمناقشة موضوع علاوة الغلاء إذ لم يرسل مكتب رئيس المجلس شيئا بهذا الشأن بعد. فيما تبقى الاحتمالات كافة قائمة بشأن السيناريو الذي يمكن أن تسير بشأنه الجلسة الثلثاء المقبل.
من جانبه بيّن نائب رئيس كتلة الوفاق النيابية خليل المرزوق أنّ الوفاق تنتظر حاليا الرد القانوني من مكتب رئيس المجلس على المقترح الذي تقدّمت به بعد أن عدلت بعض بنود الاستجواب، إذ بين الرئيس أنه سيستأنس برأي أربعة مستشارين قانونيين في هذا الشأن. وأشار المرزوق إلى أنّ كل الاحتمالات متوقعة وقائمة بخصوص جلسة الثلثاء المقبل، مؤكّدا أن لا علاقة لكتلته على الإطلاق بموضوع استجواب بن رجب، إذ رفضت الكتلة منذ البداية ربط هذا الاستجواب بالاستجواب الذي تقدّمت به. مشيرا إلى أنّ سحب الاستجواب أمر خاص بمقدّميه. وحمّل المرزوق رئيس المجلس المسئولية في تأخر البت في علاوة الغلاء؛ لأنه لم يدع بعد لعقد جلسة استثنائية كما يفترض به، إذ تقدّمت الوفاق مع عضوين من كتلة المستقبل بحسب قوله بمقترح لعقد هذه الجلسة لتخصص لموضوع الغلاء، بناء على أنّ اللائحة الداخلية للمجلس تعطي الحق لعشرة نواب لطلب عقد هذه الجلسة، وأن لا نص يعطي الرئيس الحق في الرفض أو القبول، « إلا أن الرئيس وعلى الرغم من تسلمه الطلب منذ الأربعاء الماضي لم يقم بأيّ إجراء في هذا الخصوص» حسب قوله.
ونفى المرزوق أن تكون لدى كتلته نية لتعقيد المجلس التشريعي، مشددا على أنها طرحت عدّة مبادرات للكتل لحلحلة الأزمة، غير أنّ أي مبادرة يقدّمها أحد الأطراف تنتهي بالتصويت على الاستجواب في المجلس « وهو ما ترفضه الوفاق» بحسب قوله. مشيراَ إلى اقتراح الوفاق بتحويل الرئيس موضوع الاستجواب للجنة التشريعية للاستئناس برأيها فيه والذي لم يلقَ صدى له بين الكتل النيابية.
من جانبه بين أبل أن لا علاقة مباشرة بين مقترح عقد جلسة استثنائية لمعالجة موضوع توزيع معونة الغلاء، وبين أزمة الاستجواب. مشيرا إلى أنّ اقتراح عقد الجلسة الاستثنائية تم بناء على وجود حاجة لتمرير موضوع توزيع علاوة الغلاء على المواطنين وحل مشكلة قائمة يعاني منها المواطنين. وأضاف « العقبة الرئيسية في توقف المجلس تتحملها الكتل النيابية بالدرجة الأولى، فالمسئولية لا تقع لا على الحكومة ولا المستقلين ، وهذا ما نأمل أنْ تدركه الكتل، فما يدور في المجلس ليس خلافا بين السلطة التشريعية والتنفيذية، وإنما هو خلاف بين السلطة التشريعية ونفسها، وتحديدا بين الكتل النيابية نفسها التي يجب أنْ تحتكم إلى العقل وتبدي بعضا من المرونة لتحقيق الغاية الأساسية من وصولها إلى المجلس، فتحقق مصلحة الشارع البحريني وليس شارعها الخاص. الأزمة القائمة تشمل صراعا بين الكتل له حلول كثيرة، وما يدور حاليا هو نوع من التحليل وليس طرحا لحلول. فكلّ طرف يحاول أنْ يحلل بناء على تبريره لموقفه السياسي من الاستجواب... بعد شهر كامل من الحوار في هذا الموضوع فإنّ موقف كل كتلة واضح تماماَ ولا يخفى على أحد، الخافي اليوم هو الحل الذي يتطلب المرونة والتنازل من جميع الأطراف». وشدد أبل على ضرورة أنْ تتفق الكتل النيابية على حل وسط في هذا المسار، مشيرا إلى أنّ التعطيل هو مسئولية الجميع. وشرح أبل مبادرته التي طرحها كحل للأزمة القائمة بقوله « أقترح أن تتم مناقشة الاستجواب في مسار موازي لعمل المجلس دون أنْ يشل حركة المجلس، ودون أن يخل بحقوق أي طرف أو كتلة نيابية، وذلك عبر نقل مناقشة الاستجواب وآلية طرحه إلى لجنة مختصة يشكلها المجلس بتمثيل من كافة الكتل بحيث تحتفظ كل كتلة بالدفاع عن رأيها الخاص. بحيث تكون هذه اللجنة مختصة أو مشتركة تناط بها مناقشة آلية استعراض الاستجواب على المجلس، ويمكن لهذه اللجنة أن تتفق على أنْ يعود الرأي النهائي بخصوص الاستجواب لهيئة المكتب أو للمجلس نفسه وأنْ يكون قرارها توافقيا وليس على أساس التصويت الذي يضع المسألة في مطب آخر».
واعتبر أبل أنّ الأزمة الحاصلة في مجلس النواب البحريني تشبه ما يتعرّض له أيّ برلمان في العالم، فهو خلاف قانوني سياسي بحسب توصيفه. إذ أشار إلى أنّه أحيانا يتغلب القانون وأحيانا تتغلب السياسة، مقترحا أنْ تتم الاستعانة بأكثر من خبير قانوني للاستفادة من آرائهم القانونية فيه، أمّا إبقاء الوضع على ما هو عليه فهو مضر للجميع لأنه « لا مكسب سياسي فوق خسارة الوطن» بحسب تعبيره. وأضاف « المسألة أخذت مداها ولابدّ أن يكون هناك حل، فالاستجواب ليس نهاية المطاف ويجب أنْ يحتمل المسار السياسي منعطفات للشد والجذب».
وذكر أبل أنه لا يمكن القول إنّ هناك عنادا أو تصلبا من قبل الكتل السياسية، فهي قناعات تتمسك كلّ منّا بها، لكنة أشار في الوقت ذاته أنه بعد شهر من الحوار في هذه المسألة لابدّ أن تتغلب الحكمة على الرأي السياسي، داعيا الكتل كافة للسعي للوصول إلى حل وسط تنتصر فيه العملية السياسية، بالاتكاء على سياسة « الحل الوسط» التي تعني الخروج « بلا غالب ولا مغلوب»، بحيث يجد كلّ طرف لنفسه مكسبا من هذا الحل. واعتبر أبل أنّ نقل قضية الاستجواب إلى لجنة مختصة يبعد مسألة الاستجواب عن الارتباط بمواعيد محددة لأخذ القرار ويعطي الكتل الفرصة للوصول إلى حل توافقي يرضي جميع الأطراف. مشيرا إلى أنّ مساحة الانتصار في هذه المسألة محدودة ونسبية، فما دامت العملية مستمرة ففرصة الانتصار في معركة أخرى تبقى قائمة دوما، على أن توجد قاعدة ثابتة للتنافس الشريف.
وعن رأيه في آلية الاستجوابين (استجواب الوزيرعطية الله الذي تقدّمت به الوفاق،واستجواب الوزير بن رجب الذي تقدّم به النائب عبدالله الدوسري بدعم من كتل المنبر والأصالة والمستقبل ) قال أبل إن الاستجوابين لا يزالان قائمين بحسب نص اللائحة الداخلية، فاستجواب الوفاق كان موجودا في الدور التشريعي الأوّل ولا حاجة لاستعادته لإدراجه مرة أخرى في هذا الدور، فيما يعتبر استجواب الوزير بن رجب قائما أيضا بعد تقديمه. مشيرا إلى أنّ الاستجوابين متوقفان عمليا في الوقت الحالي لحين البت في أمرهما.
العدد 2025 - السبت 22 مارس 2008م الموافق 14 ربيع الاول 1429هـ