استمرت مساء أمس بجامع جدحفص فعاليات موسم العلامة المدني الثقافي التي تستمر حتى يوم غد (الاثنين) 24 مارس/ آذار الجاري بتنظيم من مكتبة المدني للمعلومات.
وقد افتتحت الجلسة بجزء من خطبة بصوت المغفور له الشيخ سليمان المدني حول التمسك بالحق، اعقبتها ورقة عمل قدمها الشيخ محمد علي الشيخ منصور الستري الذي أكد أن تنظيم هذا الموسم يعكس أهمية الفكر الذي نتحدث عنه، مشيرا الى أن الجانب الفكري في فقه الشيخ المدني وهو عنوان يحتمل أكثر من توجيه، الأول هو البحث في منهج الشيخ المدني ومدرسته الفقهية أصلا وتوصيفا ومميزات، وهذا التوجه يدعو الى الحديث أصلا عن مدرسة الحديث في البحرين، وإذا كانت هذه المدرسة العريقة التي وجدت على هذه الأرض منذ قرون عدة، لها صفات ولها مميزات ولها خصائص ولها سمات، فإن وقت المحاضرة لا يسمح لتناول هذا الجانب، أما التوجيه الثاني فهو البحث في الجانب الفقهي للشيخ المدني من حيث أنه يمثل طرحا فكريا دون سائر الإطروحات التي عالجها وتناولها كالإطروحات السياسية والاقتصادية والتنظيمية والفلسفية، وبيان أثر هذا الطرح الفقهي في فكره، موضحا أن التوجه الثالث هو البحث مباشرة في العلاقة بين الجانب الفقهي لدى الشيخ المدني الذي كان واضحا وبارزا في كل ما طرأ له من قضايا، سواء كان ذلك فقهيا خالصا كشئون القضاء، أو كان سياسيا كتناوله موضوع الديمقراطية الغربية أو موضوعا اجتماعيا كتناوله موضوع الفتن التي تطرأ في المجتمع، أو حتى كان موضوعا تاريخيا حيث كان دائما يضع هذا الموضوع في سياقه التاريخي والفلسفي والتنظيمي والفقهي من باب أولى.
وأرجع الحضور الى مجموعة خطب «الكلمة الطيبة» ومحاضراته التي نشرت في دعوة الحق، والى كتابه الذي كتبه في ريعان شبابه وحياته العلمية وهو «الاجتهاد والتقليد»، وقال: «ستجدون في كل ما تقدم أمثلة لما أقول، فالشيخ المدني في طرحه الفكري كان يتميز بعدة خصائص يجب أن نلم بها، وهي سمات شخصية ونفسية وبيتية أهلته لأن يكون الشيخ سليمان الذي نعرف، منها أولا تميزه بذكاء حاد أهله لاستشراف كثير من القضايا التي يتوقع حدوثها في مجتمع البحرين بل حتى في بعض مناطق العالم التي يلم بأحوالها كالعراق، وكان يتميز بشجاعة نادرة، فكان اذا اتخذ موقفا أو أراد أن يطرح رأيا فإنه لا يهتم كثيرا بردود الفعل التي ستحدث في جميع الجهات المعنية، وربما جر عليه ذلك كثيرا من التعب، لكن هذه الخاصية هي خاصية معروفة فيه يعرفها القاصي والداني وهي الشجاعة في الطرح، ويتميز أيضا بقوة البيان والحجة، مبنية على أصول علمية».
وتطرق الستري الى ان محاورات العلامة المدني كانت تستند الى الحجة والى البيان القوي ولم تكن المسألة مسألة تبني رأي وكفى، وإنما يعتمد المنطق والحجة والدليل والبيان.
أما السمة الأخرى التي تطرق اليها المحاضر فهي الشدة في ذات الله، «وكان اذا اعتقد أن هذا هو حكم الشريعة في أمر من الأمور أو قضية من القضايا فإنه لا يتردد بل يظهر صاحب الجسم الضعيف النحيف، يظهر بقوة وشجاعة وشدة في ذات الله، ولكنها ليست الشدة التي تفسد الرأي أو الشدة التي تجعل الآخر المتلقي يبتعد عنه، بل وجدنا أن أكثر الناس الذين عرفوه إنما يقبلون رأيه بدرجة أكبر حينما يجدونه في هذه الحالة الشديدة، وهي الشدة في ذات الله، وفي مجمل ما تناول قدس الله نفسه، وأنا هنا إنما التقط بعض المجالات التي بحث فيها، نجد دائما أن الحكم الشرعي هو الذي يوجه فكر الشيخ المدني، وقدم بعض الأمثلة بالإشارة الى مذهبه ورأيه وفكره في المطالبة أصلا بالديمقراطية الغربية، وهذا موقف وضعه في سياق من الفقه والحكم الشرعي، وكان يقول إنه لا تجوز المطالبة أصلا وابتداء بالديمقراطية الغربية لأنها تعني التدخل في حق الله سبحانه وتعالى من الحاكمية والتشريع، فليس لأحد أيا كان أن يشارك الله في الحكم وفي التشريع، وغاية ما هو مطلوب من الناس هو العبودية المطلقة لله وتنفيذ هذه الحاكمية وهذا التشريع.
العدد 2025 - السبت 22 مارس 2008م الموافق 14 ربيع الاول 1429هـ