أفادت رئيسة المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة زهراء عيسى الزيرة بأن المركز قدم خدماته لما يقارب 835 طفلا منذ افتتاحه في العام 2002 إلى الآن ويبلغ مجموع الأطفال المسجلين في المؤسسة حاليا من 50 إلى 60 طفلا، ودعت إلى تنظيم حملة وطنية يشترك فيها جميع أصحاب القرار والمهتمون لنشر الوعي في المجتمع بشأن الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم والديسلكسيا وتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة التربية والتعليم والبدء بتفعيل فكرة المدارس الصديقة للديسلكسيا المتبعة في بعض الدول الخليجية للتمهيد لإنشاء لجنة عليا للمعسرين قرائيا للوصول إلى توقيع مذكرة تفاهم مع الجامعات بإلزامية طلاب التربية بمقررات خاصة بالديسلكسيا ليعرف كل معلم مبادئ صعوبات التعلم ومؤشراتها ليتمكن من إحالة الطفل إلى المختصين بدلا من التعامل معه على أنه مشكلة يجب التخلص منها.
جاء ذلك خلال حفل افتتاح المقر الدائم للمؤسسة الذي أقيم صباح أمس برعاية قرينة جلالة الملك ورئيسة المجلس الأعلى للمرأة سمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة التي أنابت نائبة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة الشيخة مريم بنت حسن بحضور عدد من الوزراء والسفراء والمدعوين.
وأكدت الزيرة أن الانتقال إلى المقر الجديد يهدف لاستيعاب أعداد أكبر من الطلبة الذين يعانون من الديسلكسيا وصعوبات التعلم وتوفير خدمات أكبر لهم لأسرهم، إذ يضم المقر عددا أكبر من الصفوف وخصوصا أن نظام التعليم فيها يعتمد نظام مدرس لكل طالب، كما يوفر المقر عددا من الغرف لإقامة الورش والترفيه وغيرهما.
وأشارت إلى أن المؤسسة تقدم خدمات نوعية في مجال التربية الخاصة والتعريف بكيفية التعامل مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يعانون من صعوبات وبطء التعلم والديسلكسيا وفرط النشاط الحركي، كما تقدم خدمات التشخيص والتقييم ووضع البرامج المتناسبة مع حاجات وقدرات هؤلاء الأطفال، ونؤمن بأهمية التقييم الشامل المبكر للأطفال ووضع البرامج العامة والفردية التي تعمل على تنمية قدراتهم وتمكنهم من الاندماج مع غيرهم من الأطفال.
«الإعاقة الخفية»
وقالت الزيرة: «المهمة صعبة لأن إعاقة هؤلاء الأطفال الخفية هذه لا تستثير الشفقة والعطف، فهم طبيعيون في هيئتهم الخارجية ومعظم تصرفاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وبعضهم عباقرة وفنانون لكنهم محبطون لأن من حولهم لا يتفهمون مشكلتهم، مشكلة أطفال الديسلكسيا أنهم لا يتمكنون من القراءة والكتابة بالطرق والأساليب العادية فهم بحاجة إلى تعلم فردي في البداية حتى يستطيع القراءة والكتابة وفهم الرموز الحسابية وغيرها».
ولفتت إلى إمكانية تمكينهم، واحتمالات تعرضهم للإساءة والإيذاء والإقصاء والإهانة وسوء الفهم والإحباط حتى من أقرب الناس لهم مثل الوالدين، وعطفت على أن من أكثر ما يقلق الوالدين هو عدم قدرة هذا الطفل على تهجي الكلمات التي قد يكون تعلمها عشرات المرات ويجد صعوبة في قراءتها على رغم ذكائه وتعدد مواهبه وقدرته على استخدام الحاسوب بكفاءة عالية وإصلاح الهاتف أو أي جهاز معطوب في البيت، ولفتت إلى أن التباين في القدرات العالية للطفل وتعثره الدراسي الذي تعكسه تقاريره المدرسية تحير الآباء وتزعجهم وتجعلهم يضطرون أحيانا للتصرف بطريقة قاسية وغير مسئولة أو مبررة.
ضرورة التعليم الفردي
وأوضحت «تختلف مشكلة كل طفل منهم عن الآخر فجميعهم يعانون من العسر القرائي الديسلكسيا إلا أن أحدهم يعاني من مشكلة في التحليل السمعي والذاكرة السمعية، وآخر لديه مشكلة في التآزر البصري والحركي والذاكرة البصرية، لذلك فإن البرنامج العلاجي الفردي الذي يحتاجه كل منهما مختلف لأن جذور المشكلة لديهما مختلفة، وهناك فئة أخرى من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة «ADHD» وهم يعانون من فرط الحركة واندفاعهم ونقص الانتباه والتركيز لديهم وغالبا ما يقع الظلم عليهم من ذويهم وأقرانهم لأن لا أحد يعرف لماذا يتصرفون بتلك الطريقة ولماذا لا يكتبون واجباتهم المدرسية ولماذا يقفزون على الكراسي والطاولات ولماذا يؤذون المحيطين بهم كبارا وصغارا».
وأضافت «يوصف هؤلاء الأطفال غالبا بالأشقياء والمزعجين ولكن لو علمنا بأنهم كأطفال الديسلكسيا يعانون من هذه المشكلة بسبب الجينات التي ورثوها من آبائهم ربما تفهمنا حالتهم وقدرنا مشكلتهم التي تكمن في الدماغ بحسب أغلب الدراسات التي بينت أن في الصدغ الأمامي من الدماغ مادة تسمى «الدوبامين» وهي تسهل عمليات انتقال الإشارات في الموصلات العصبية فإذا انخفض مستوى هذه المادة فإن ذلك يسبب نقصا في التركيز، فإذا انخفض مستوى تلك المادة في التركيز يبدأ في الانشغال بمن حوله ويضيع أثمن ساعات التعلم في الفصل أو المنزل فيكون في عالم والمعلم في عالم آخر».
الفئة المظلومة
وبينت «وهناك أيضا فئة أخرى تعرف بالفئة المظلومة وهم أطفال ADD أي الذين لديهم نقص في الانتباه ولكن لا توجد لديهم أعراض فرط الحركة، فأطفال ADHAقد ينفرون من حولهم منهم بفرط نشاطهم غير المقبول اجتماعيا، بينما هؤلاء لا أحد يعلم بما يعانون منه، إن الصفات السلبية والجارحة التي تطلق على الأطفال من ذوي تشتت الانتباه وفرط النشاط كالغبي والشقي والمزعج والأحمق تجعل الطفل يكبر وقد تمت برمجته على أنه عبء كبير على أسرته ومدرسته ومجتمعه وأنه فاشل لا محالة، فيفقد تقديره لذاته ويفقد ثقته بنفسه وبقدرته على النجاح والعطاء فينعكس ذلك على فشله عاما بعد عام في المدرسة وإحدى أحدث الإحصائيات البريطانية توضح أن 73 في المئة من المجرمين في السجون البريطانية يعانون من الديسلكسيا».
أهداف المؤسسة
وأوضحت رئيسة المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة «من أهم أهدافنا تقديم الخدمات المتخصصة في التقويم والتشخيص للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير الخدمات التربوية والعلاجية وإعداد البرامج والخطط الفردية وتهيئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتزويدهم بالمهارات الأساسية التي تساعدهم على الاندماج في المدرسة والمجتمع، ونشر الوعي في المجتمع المحلي وأهمية رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتعليمهم وتوجيه وتقديم الدعم المعنوي لأسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والسعي لإيجاد وتطوير التشريعات والقوانين التي تؤكد أهمية دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الحكومية ورياض الأطفال وتوفير خدمات تربوية وترفيهية وتأهيلية مناسبة لهم».
الوحدات العاملة في المؤسسة
واستطردت الزيرة «تنقسم المؤسسة إلى عدة وحدات متخصصة ومتنوعة البرامج والخدمات وهي وحدة التقييم والتشخيص والكشف المبكر وهي تعنى بفئتين من الأطفال من عمر ثلاث إلى ست سنوات، والأطفال من عمر أربع إلى ستة عشر عاما إذ يتم الكشف المبكر عن الصعوبات التي يعاني منها الطفل وتقييمه تقييما شاملا وبناء على هذا التقييم يتم وضع برنامج وخطة علاجية، ولدينا وحدة إعداد البرامج والخطط الفردية والجماعية وهي مختصة بوضع البرامج والخطط العلاجية بحسب حاجات الطفل التعليمية في المواد الأساسية وهي اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية ومهارات الحاسب الآلي».
وواصلت «كما لدينا وحدة الخدمات التربوية والتعليمية التي تعني بتنفيذ وتطبيق الخطط الفردية وتسعى إلى تطبيق البرنامج العلاجي بطرق حديثة وابتكاريه، ووحدة النطق واللغة التي تعنى بتقييم النطق وإعداد برامج علاجية للنطق واللغة فيما تهتم وحدة الخدمات الترفيهية بتنمية الجانب النفسي والروحي للطفل عن طريق تنظيم بعض الفعاليات والأنشطة الترفيهية التي تفسح المجال للطفل للاختلاط بالآخرين، ووحدة الدعم والإرشاد الأسري وتوعية المجتمع وتعني بتقديم الإرشاد والتوعية والتثقيف النفسي والاجتماعي والتربوي للأسرة بالإضافة إلى تثقيف وتوعية المجتمع بالمعلومات العلمية عن الإعاقة وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتقدم المؤسسة خطا هاتفيا للإرشاد لإعطاء الأسرة شعورا بأن هناك جهة متخصصة بإمكانها التخفيف من معاناتها إذا تعرض الطفل أو أسرته لأزمة نفسية طارئة، وأخيرا وحدة المكتبة والبحوث والدراسات وتهدف إلى إجراء دراسات ميدانية والتوصل إلى الطرق الأفضل لتنمية خدمات المؤسسة وبالتالي خدمة المجتمع بالمستوى الذي تطمح له المؤسسة».
من جهته قال مجيد الزيرة: «قبل 30 إلى 40 عاما زرع والدانا في قلب ابنتهما زهراء حب خدمة الناس وخدمة المجتمع والوطن، لقد كانا مثالا للأخلاق الحسنة وحب الخير للجميع وكانت تلك البذرة الأولى التي توافرت لها البيئة المناسبة، فقد جاهدت زهراء سنينا طويلة في طريق العلم والتعليم وفي العام 2001 أطلعت أفراد الأسرة بقرارها للبدء في مشروع تربوي جديد لذوي الاحتياجات الخاصة وكان المبرر الرئيسي لهذه الفكرة أنه لا توجد في البحرين مؤسسة متخصصة لإنقاذ هؤلاء الأطفال من الضياع، وقد جرى العرف في دول العالم وخصوصا العالم المتقدم أن تتحمل الدولة مسئولية إنشاء هذه المؤسسات أو على الأقل دعمها ماديا ومعنويا».
مشروع إنشاء المؤسسة
وأردف «وعند دراسة المشروع تبين أن رسوم التعليم لا تغطي كلف التشغيل المرتفعة وعليه ستكون المؤسسة في عجز مالي دائم، فكان جواب زهراء أن تصر على تأسيس المشروع ولو حصل العجز المالي فإنها ستغطيه من مالها الخاص وأنها على استعداد لبيع ما لديها من أسهم وعقار وبتوفيق من الله تعالى تأسس المشروع وبدأ باستقبال الأطفال وحصلت المؤسسة على دعم مالي من عدة مؤسسات فكان لابد من إيجاد حل جذري للمشكلة فكانت فكرة هذا المبنى لتوفير الفصول والتسهيلات والقاعات المتخصصة لتعليم الأطفال وتطويرهم في طابقين من المبنى، وتوفير الدعم المالي من خلال إيجارات المبنى لتغطية العجز المتوقع في موازنة تشغيل المؤسسة».
العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ