ذكر متعاملون في سوق العقارات أن معدل تملك الشقق ينمو بنسبة 40 في المئة في البحرين بسبب النقص الشديد في المساكن المتوافرة، والانتظار الطويل من قبل ذوي الدخل المحدود، الذي يستمر عدة سنوات، وأدى إلى توجه لإقامة البناء العمودي في ظل طفرة عمرانية ضخمة تشهدها المملكة.
وقال أمين سر ورئيس لجنة العلاقات العامة بجمعية البحرين العقارية ناصر الأهلي: «إن تملك الشقق ينمو بنسبة 40 في المئة في المملكة نتيجة التملك الحر المفتوح وتنفيذ قانون الطبقات الذي استحدثته البحرين لمواكبة التطورات العقارية إلى جانب قلة أسعار الشقق مقارنة مع أسعار الفلل».
وأضاف «إن تلاشي القدرة الشرائية أمام أسعار البيوت والفلل جعلهم يتوجهون إلى السكن في الشقق»، مؤكدا أن نسبة نمو تملك المواطنين للشقق بلغت 15 في المئة، والأجانب 25 في المئة.
وأضاف «أن نظام تملك الشقق الحر هو توجه عالمي إذ إن بعض العمارات السكنية تضم أكثر من 20 جنسية مختلفة». مشيرا إلى أن البحرين خصصت مناطق محددة للتملك الحر تشهد عمليات بناء ضخمة مثل منطقة الجفير. إلا أنه شدد على ضرورة حماية الأحياء السكنية والقروية والمناطق القريبة منها وعدم فتح تملكها لغير المواطنين، للحفاظ على استقرار أسعارها وعدم ارتفاعها إلى مستويات تفوق قدرة المواطن الشرائية.
وأضاف «أن صغر مساحة البحرين وارتفاع أسعار الأراضي أدى إلى التوجه للبناء العمودي وتوفير شقق بدل التوسع الأفقي»، مشيرا إلى أن فكرة البناء العمودي ونظام الشقق هو آلية لتوفير أكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية في أقل مساحة من الأرض.
وأكد استمرار نمو السوق العقارية، واستدل باتخاذ الشركات الإقليمية والعالمية المملكة مقرا لها، إلى جانب وجود جهات تمويلية ضخمة، إذ تمتلك البحرين أكبر جهاز مصرفي في المنطقة تبلغ موجوداته نحو 245 مليار دولار.
وأشار إلى وجود طلب ينمو بشكل كبير في سوق العقارات السكنية مع ظهور شركات ومؤسسات مالية توفر خدمات التمويل العقاري الذي يهدف إلى إيجاد حل لرغبة المواطن في الحصول على سكن وقدرته الشرائية، إذ يعتبر التمويل العقاري عنق الزجاجة لعمليات التملك وتوفير السيولة النقدية للتنمية العقارية في المجتمع.
وذكر مراقبون أن البحرين تشهد توجها قويا إلى البناء العمودي وتوفير شقق سكنية من قبل القطاع الخاص والعام لتقليل كلفة الأرض التي ارتفعت أسعارها إلى أربعة أضعاف خلال السنوات الماضية في ظل وجود طلب كبير على المنتجات السكنية إذ يبلغ حجم الطلبات في وزارة الأشغال والإسكان وحدها نحو 45 ألف طلب.
وقالوا: «إن الشقق السكنية توفر الجهد والوقت والمال إلى جانب سرعة التنفيذ لتقليل الفجوة بين زيادة عدد السكان وتوفير منتجات سكنية لهم، كما أن بناية مكونة من عشرة طوابق تحتوي على 20 شقة هو اختزال مساحة 20 وحدة سكنية في قطعة أرض واحدة على شكل طوابق ما يجنب كُلف الأراضي التي أصبحت أسعارها مرتفعة».
وقال القعاري سيد شرف سيد جعفر إن مبررات عزوف الشباب البحريني عن تملك الشقق غير واقعية، وموقفهم مشابه لموقف آبائنا الذين رفضوا الانتقال إلى العيش في بيوت مدينة عيسى، واليوم يندمون على تفويتهم تلك الفرصة».
وأضاف «في الوقت الذي يعزف فيه الكثير من البحرينيين عن هذا النوع من ملكية العقار، يشهد قطاع تملك الشقق إقبالا شديدا من قبل الإخوة المستثمرين العرب مثل المصريين والفلسطينيين والأردنيين إضافة إلى الخليجيين وخصوصا السعوديين الذين يمثلون حوالي 60 في المئة من المتعاملين في هذا المجال. وينظر بعض المستثمرين العرب إلى أن تملك سكن لهم في البحرين سيفتح لهم آفاق الإقامة الدائمة فيها والاستفادة بأقصى قدر من البيئة الاقتصادية المتنامية وربما الحصول على الجنسية البحرينية لاحقا».
ووجه حديثه إلى المواطنين قائلا: «إنني أوجه نصيحة إلى الشباب البحريني الذي يظهر معظمه الآن عزوفا غير مبرر وغير واقعي عن تملك الشقق، إذ يتمسك معظم الشباب بالنظرة القديمة السائدة التي لا تعترف إلا بالبيت سكنا عائليّا. ولعلنا نتذكر أن آباءنا رفضوا الانتقال إلى العيش في بيوت مدينة عيسى لأسباب ندرك الآن جيدا أن قصر النظر كان سيد الموقف فيها إذ نرى الكثيرين ممن رفضوا الاستفادة من المشروعات الإسكانية في مدينة عيسى في أواخر الستينيات من القرن الماضي يندمون الآن على تفويتهم تلك الفرصة.
وأتوقع أن يكون الأمر سيكون مشابها بالنسبة إلى الشباب العازف الآن عن تقبل فكرة السكن في شقق التمليك الإسكانية على رغم إدراكهم عدم قدرتهم على تملك البيوت».
وأكد أن تعويل الشباب على مشروعات الدفان الكبرى الحالية أو المستقبلية هو رهان خاسر من وجهة نظري وعلى جميع الأصعدة الآن؛ فإن تلك المشروعات لم يتم إنشاؤها لتلبية الاحتياجات الإسكانية لمحدودي الدخل وإنما لأغراض الاستثمار من قبل مجموعة من المتنفذين وبيوت المال الاستثمارية الضخمة، لذلك فلا بد لشبابنا من تغيير نمط تفكيرهم التقليدي إلى النظرة الواقعية قبل أن يتلاشى تماما حلمهم بتملك سكن بهم إلى الأبد.
العدد 2092 - الأربعاء 28 مايو 2008م الموافق 22 جمادى الأولى 1429هـ