العدد 2117 - الأحد 22 يونيو 2008م الموافق 17 جمادى الآخرة 1429هـ

حمادة: لا طائفية في منع «مصنع الأسمنت» ونطالب بتقييم محايد للأثر البيئي

سمير ناس يؤكد بندوة مجلس الدوي أن الاستيراد هو الخيار الأمثل للبحرين

نفى رئيس مجلس بلدي المحرق محمد جاسم حمادة وجود أية دوافع سياسية أو طائفية تقف وراء قرار المجلس البلدي منع تشييد مصنع الأسمنت بمنطقة الحد الصناعية، وطالب بتعيين شركة متخصصة بالبيئة وتكون محايدة لتقييم الأثر البيئي للمشروع وفق المعايير والاشتراطات البيئية المطبقة دوليا.

وأضاف حمادة في ندوة مجلس الدوي بالمحرق مساء أمس الأول: «ليس لدينا أي خلاف مع رجل الأعمال فاروق المؤيد ولا مع عادل العالي وأنا أعرفهما منذ زمن بعيد»، متوعدا بمواجهة ما أسماه «الضغوط المتزايدة» التي تمارس على المجلس لثنيه عن قراره، فيما رأى رئيس لجنة المقاولين في غرفة تجارة وصناعة البحرين ورئيس المجلس النوعي لقطاع الإنشاءات سمير ناس أن «إنشاء مصانع للإسمنت في البحرين غير مجد اقتصاديا».

وانتقد حمادة بشدة ما أسماها «الحملة الإعلامية التي قامت ولم تقعد ضد قرار المجلس البلدي برفض إقامة مصنع الأسمنت بالحد، وادعوا زورا أن هدف المنع له علاقة بالمستثمرين المتقدمين للمشروع وهما رجلا الأعمال فاروق المؤيد وعادل العالي، ولكن المسألة ليست على هذا النحو، فكل القصة أننا ممثلون للأهالي، وهناك رفض شعبي كبير من الأهالي لإقامة هذا المصنع في هذه المنطقة»، محذرا المصانع الموجودة بأن المجلس البلدي سيقف ضدها أيضا إذا لم تصحح أوضاعها البيئية.

وجدّد حمادة مطالبته الحكومة بتوفير الضمانات التي اشترطها المجلس البلدي للموافقة على المشروع، وأضاف «مع الأسف لا الحكومة ولا الشركة ولا الهيئة العامة للبيئة وفرت لنا الضمانات المطلوبة، لقد حولوا المسألة وأخرجوها عن سياقها الطبيعي، وصوروها للرأي العام بأنها خلاف شخصي وسياسي وطائفي، وأصبح الكل يلوم المجلس البلدي».

وأضاف حمادة: «المعارضون لقرار المجلس أخذوا يدغدغون مشاعر الناس من خلال إيهامهم بأن قرار المجلس بمعارضة المصنع وفق غياب الشروط سيوقف بناء مشروع البيوت الآيلة للسقوط، ولم يقولوا للناس إن المصنع سيوقف بناء الأبراج العاجية أو سيوقف الدفان المتسارع في البحار، ومع الأسف لم يقل أحد كلمة حق في هذا الموضوع لأسباب مختلفة، وأصبح المجلس البلدي في مرمى السهام من كل جانب على قرار اتخذه في حدود صلاحياته وهو متمسك به».

وطالب حمادة بـ «تعيين شركة محايدة متخصصة في البيئة تتبع المجلس البلدي لتقييم الوضع البيئي ليس لهذا المصنع وإنما لكل المصانع الأخرى الموجودة فعلا، وأي مصنع يثبت مخالفته سنطالب بإيقافه فورا (...) هيئة البيئة تقوم حاليا بطلب تقارير نصف سنوية من المصانع الموجودة في منطقة الحد، ولكن يمكن أن نوجه سؤالا لكل من يحمل قدرا من الوعي: هل المصانع ستكتب تقارير ضد نفسها!».

وردا على سؤال عمّا إذا كان المجلس البلدي لا ينوي الرجوع عن قراره بمنع تشييد المصنع، قال حمادة: «مازلنا عند قرارنا، ولن تثنينا الضغوط المتزايدة، والمصنع لن يقام في ظل الظروف الحالية، ونحن لم نطلب طلبا مستحيلا ولا هو عصي على التحقيق، فكل ما طلبناه أن يتم تطبيق المعايير والاشتراطات التي نص عليها المرسوم الأميري للعام 96 الذي حدد الشروط البيئية كاملة، ولو تم الإيفاء بهذه المتطلبات فستحل المشكلة القائمة حاليا».

حمادة حذر أيضا من أن «جميع مصانع الحد إذا لم تعدّل أوضاعها البيئية سنقف ضدها، لأن الإحصاءات الواردة من وزارة الصحة تفيد بأن غالبية أمراض السرطان تنتشر في الحد والمعامير، وهذا يعني أننا أمام أزمة خطيرة جدا تنهك حقوق الإنسان البيئية بل تطال حقه في الحياة في بيئة سليمة وصحية»، معبرّا عن رفضه لأية وساطات لتمرير المصنع «في حال بقيت أسئلة كبيرة لاتزال تثار حوله من الناحية البيئية».

من جانبه أوضح رأى رئيس لجنة المقاولين في غرفة تجارة وصناعة البحرين رئيس المجلس النوعي لقطاع الإنشاءات سمير ناس «أن الأسمنت يعد مادة أساسية للاقتصاد بأبعاده المختلفة، وشح الأسمنت يؤثر على واقع الحركة الصناعية والتجارية والاقتصادية، لأن العملية مترابطة كالعقد الذي إذا سقطت منه حبة تساقطت الحبات الأخرى أيضا».

وقال ناس: «من الواضح وجود اختلاف كبير في الرأي بشأن هذا الموضوع، ولكن المتفق عليه أن البحرين تحتاج إلى 8000 طن من الأسمنت يوميا، وما يدخل البحرين حاليا هو 4000 طن فقط في حين أن النهضة الاقتصادية والطفرة العمرانية التي تحتاجها البحرين بحاجة لتوافر كميات كبيرة من الأسمنت في السوق المحلي».

وأوضح ناس أن وزارة الأشغال أنشأت مختبرا خاصا لاختبار نوعيات الأسمنت المصرح باستخدامها في البحرين بهدف حماية المواطن من الأسمنت ذي المواصفات الرديئة والمتدنية التي قد تؤثر على سلامة المنشآت وبالتالي على أرواح المواطنين مستقبلا، ويعتبر هذا القسم من أفضل نظم الجودة والمراقبة المطبقة عالميا في مجال الاسمنت.

وأضاف ناس «حاليا توجد أربع شركات تورد الأسمنت، ولكننا مع الأسف في البحرين نتعامل بنوع من إدارة الأزمات وليس بناء على الإدارة الصحية التي تخطط للمستقبل بشكل علمي ومنهجي، فعندما وقعت الأزمة الأخيرة في قطاع الاسمنت تحرك الجميع في حين أنهم من المفترض أن يوفروا حلولا لهذه الأزمة منذ فترة ليست بالقصيرة، ولو كنا فعلنا ذلك لما وقعت الأزمة الحالية».

ورأى ناس أن إيجاد مصانع استراتيجية للأسمنت في البحرين ليس مجديا، مضيفا «في البحرين لا توجد المادة الخام (الحجر الجيري)، ولا توجد المساحات الجغرافية المطلوبة لتشييد مثل هذه المصانع، وإذا وجدت فستكون مكلفة جدا، كما أن تكاليف الطاقة ستكون عالية جدا إذا ما قورنت بالسعودية، وبالتالي فان المواطن سيدفع كلفة أعلى».

وبيّن ناس أن «المملكة العربية السعودية تقوم حاليا بتوسعة ضخمة لحوالي 20 مصنعا منتشرة على أرجاء المملكة، والتوقعات تشير إلى وجود فائض في الأسمنت في السعودية بحلول العام 2009 يحتاج إلى متنفس لتصديره، ويمكن أن يستفيد منه السوق البحريني».

ودعا ناس إلى عدم التعويل كثيرا على خيار استيراد الأسمنت من تركيا، موضحا أن «البحرين لا تمتلك المرافق المؤهلة لاستقبال البواخر، وكما يعلم الجميع فإن ميناء الشيخ خليفة مؤجر وميناء سلمان لا يمكن استخدامه إلا بموافقة خاصة، كما أننا نحتاج إلى خزانات ضخمة تتسع للأسمنت المستورد بالباخرات».

وبدوره أشار الباحث البيئي محمد عيسى كويتي إلى تقرير اقتصادي دولي حذر من أن «الفوائض النفطية الكبيرة يتم تحويلها إلى أبراج وجزر، فالفائض النفطي يحوّل إلى كونكري، وهذا يحد من قدرة الدول على تحسين مستوى المعيشة وتوفير مزيد من فرص لعمل لمواطنيها (...) ونحن نعتقد أن سببا رئيسيا من أسباب الأزمة الحالية في نقص الأسمنت يعود إلى قرار البحرين بالسماح بتملك الأراضي للأجانب، والبحرين تنافس منافسة خاسرة نظرا لاختلاف المساحة مع دول الخليج الأخرى».

أما الناشط البيئي غازي المرباطي فأكد أن أزمة الأسمنت الأخيرة «تدل على عدم وضوح الرؤية لدى الحكومة تجاه هذه القضايا، وهناك تخبط في الأولويات، فحتى المخطط الهيكلي الاستراتيجي للبحرين الذي سيمتد حتى العام 2030 لم ينجح في فصل التشابك بين المناطق الصناعية والسكنية».

وحمّل المرباطي الهيئة العامة للبيئة جزءا من المسئولية في الأزمة الحالية قائلا: «أتحدى هذه الجهة أن تنشر دراسة تقييم الأثر البيئي لهذا المصنع على الرأي العام لتوضح الحقيقة كاملة للجميع، ويجب أن تحدد هذه الجهة مسئوليتها المستقبلية عن المخاطر المتوقعة لهذا الملف».


المدني: المصنع لا يتعارض مع الاشتراطات البيئية

أفاد نائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية والبيئة إسماعيل المدني في تصريح سابق لـ «الوسط» بأن «مشروع مصنع الأسمنت المزمع إقامته في الحد سليم من الناحية البيئية، ولا توجد أية تحفظات لدى الهيئة على إقامته». وذكر المدني أن «الهيئة دعت مجلس بلدي المحرق إلى (جلسة استماع) للتباحث بشأن المصنع لكن لم يحضر أي منهم». ونفى ما تردد عن أن الهيئة تقف وراء تأخر المشروع، وقال: «لقد أنهينا المهمة الموكلة إلينا وقدمنا الدراسة البيئية المطلوبة منا». ورأى مراقبون أن عرقلة تشييد المصنع جاءت بسبب تحفظات على الأسماء القائمة عليه (رجلا الأعمال البحرينيان فاروق المؤيد وعادل حجي حسن العالي)، غير أن رئيس مجلس بلدي المحرق محمد حمادة نفى في تصريح لـ «الوسط» أن تكون هناك اعتبارات شخصية وراء وقف المصنع، وأرجع إيقافه لـ «دواعٍ بيئية بحتة»

وأفاد المدني بأن «هناك آلية لتعاون الهيئة مع المشروعات الكبيرة تتضمن عدة مراحل، إذ تقوم على أن يتقدم صاحب المشروع بطلب للجهات المعنية وتقوم بعدها وزارة الصناعة والتجارة بالطلب من الهيئة بدراسة المشروع من ناحية بيئية بحتة، ولا نتدخل في الأمور الأخرى، سواء كانت أمورا سياسية أو اقتصادية، نتأكد فقط أن المشروع المزمع إقامته لا يضر البيئة، وأنه يتطابق مع الأنظمة البيئية للبحرين».

وأوضح المدني أن الإجراءات التي تتخذها الهيئة لدراسة الناحية البيئية للمشروعات الصناعية تقوم على دراسة داخلية للمشروع من خلال الاختصاصيين الموجودين في الهيئة وهم مختصون في تقييم المصانع، وفي حال كان المشروع كبيرا يتم إجراء دراسة تقييم الأثر البيئي وبعد الانتهاء من هذا الموضوع بشكل متكامل والتأكد من توافق المشروع مع الاشتراطات البيئية نقوم بعمل ما نسميه بـ «جلسة استماع» أو تقديم بحيث يقوم صاحب المصنع بتقديم الاعتبارات البيئية التي وضعها في الحسبان، وتدعى لهذه الجلسة جميع الجهات ذات العلاقة سواء المجلس البلدي أو النواب أو الجمعيات، وجميع الجهات المعنية بالمشروع الجديد، ومن خلال هذه الجلسة يستطيع كل شخص أن يطرح أسئلته.

وبخصوص مصنع الأسمنت المزمع إقامته في منطقة الحد دعت الهيئة إلى «جلسة استماع» غير أن مجلس بلدي المحرق لم يحضر أحد منهم للاستماع إلى وجهة نظر الهيئة بخصوص هذا المشروع. ونفى المدني ما تردد عن أن الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية والبيئة تقف وراء تأخير تنفيذ المشروع، مشددا على أن الهيئة أنهت المهمة الموكلة إليها وقدمت الدراسة البيئية المطلوبة منها، على حد قوله. وأشار المدني إلى أن «القائمين على مشروع مصنع الأسمنت الجديد قدموا للهيئة جميع المعلومات المطلوبة، وهو ما سهل عمل الهيئة وأفضى إلى التوصل إلى سلامة المشروع من الناحية البيئية».

العدد 2117 - الأحد 22 يونيو 2008م الموافق 17 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً