العدد 2310 - الخميس 01 يناير 2009م الموافق 04 محرم 1430هـ

من يستبق من؟

من يستبق من؟ في ذكرى أنت الحاضر الماثل فيها والشاهد الشهيد. الشهيد على خذلانات بالجملة، وتنكُّر بالجملة، وبراءات من الدين والمضئ من المواقف بالجملة. في ذكرى أنت الفيصل فيها حين تزيغ الأعين وترتجف القلوب وتبلغ الأرواح مبلغها في هول المواجهات، وصعوبة الإقدام، ونبل الموقف.

من يستبق من؟ في يوم أنت الباعث فيه الأمل في نفوس البشر - كل البشر - عدا الأمة التي خرجتَ لإصلاحها «تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر»، عدا صرختك المدوِّية في ضمير الزمن «والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرُّ فرار العبيد». من يتمثل ذلك المنهج، سوى أمة «آمنت بربها فزادها هدى». آمنت أن الحياة طريق محفوفة «بذات الشوكة» وأنها في العميق والأصيل من معانيها أن تكون متلمِّسة لتلك الطريق.

من يستبق من؟ في زلزلة أعادت لأرواح البشر – كل البشر – توازنها المفقود، ومواقفها المؤجلة، وصحوتها التي غاضت، كما تغيض المياه، بحيث تحولت إلى قارَّة من غياب، وكون من غيبوبة.

***

في الذروة من الدم. في اللانهائي من الفلوات التي اجترتَ وآلك وأصحابك. في الذروة من ليلين: ليل المكان، وليل القلوب التي حاصرتك. في الذروة من انتظار لقاء الله حين يسفر الوقت عن مواجهة بين الطهر والدنس. الرفعة والضعة. لسان الصدق ولسان الزور. الذين اشتروا نعيمه الدائم والذين على الزائل يتكالبون. تظل في الأبهى من معناك ومبناك. في الواسع والرائع من طمأنينتك التي وضعت الزمن بكل تاريخ مواجهاته التي عرف في خانة الحرج، من دون أن ينسى الزمن ذاك أن يلهج باسمك وبمواقفك تخليدا وترنما كلما طلع على الناس وقت تندر فيه المواقف، وتشح فيه الذمة، وتغيض فيه الكرامة، وتذوب فيه القيم.

جعفر الجمري

العدد 2310 - الخميس 01 يناير 2009م الموافق 04 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً