العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ

قرية المعامير وسرطان التلوث

عندما يحاط الإنسان ببيئة ملوثة، فإنه محكوم عليه بالموت البطيء، الذي سينال منه عاجلا أم آجلا... فهل هذا هو القدر المكتوب على أهالي المعامير؟ أسئلة تبحث عن جواب، ولكن من يجيب؟ هل الأهالي الذين بحت أصواتهم من كثرة الصراخ لرفع هذه المأساة؟ هل المسئولون هم المعنيون؟ هل هم أعضاء المجلس البلدي الذين لم نر شيئا ملموسا منهم لهذه القضية؟

فهذه المعامير المطلة على ساحل جزيرة سترة يتمركز التلوث، مطوقة من الشمال والجنوب ومن الشرق والغرب بحلقات من التلوث، يسلخ صحة هذا الإنسان الذي قدم الكثير لهذه الأرض الطيبة.

وحيث تتفنن الروائح بأنواعها في تعطير أجواء قريتنا وبيوتنا وحتى ملابسنا... وحيث السرطان الجاثم. فهل المعامير ضحية التحضر والحضارة؟ وما ذنب أهاليها ليدفعوا ثمن التحضر... أليس من الحضارة حماية الإنسان والبيئة، أم نسينا الإثنين معا؟!

وفيها نرى الأمراض الخطرة بشكل ملحوظ يثير الشفقة على أهلها... فهل هذا قضاء وقدر؟ وانتشار الروائح المزعجة والخانقة والتي أشبه ما تكون بغاز الأعصاب الذي يستخدم في الحروب!

وفرصة للباحثين على رسائل الماجستير والدكتوراه ولعلماء الحيوان ولكل المهتمين بدراسة الحشرات لاكتشاف أنواع جديدة من الحشرات لم يتوصل لها العلم بعد... وسيجدون ما لا يخطر على بال ولا في الخيال من الحشرات... وسيتعطرون بأجمل الروائح الزكية حتى فرنسا صاحبة أفضل العطورات تخاف من المنافسة... وها هو الصيف قد شمر عن ساعديه ليفتك بالأهالي حيث الروائح والأجواء القاتلة.

ومللنا من الصمت القاتل من قبل المسئولين، وإذ لم يتسع الصبر أكثر مما يتسع... نستنشق الغازات السامة والروائح الكريهة... نستقبل بالرغم عنا حشرات لم نعهدها تشاركنا المأكل والمشرب... فمن يسمع صرخة هذه القرية... التي طالما وعد ووعد المسئولون بأن يولوها عنايتهم الغالية... وحلمنا حلما جميلا بأن المجلس البلدي سيرفع المأساة عنا ولكن... وقضيتنا هذه ليست قضية وقتية وتنتهي فهي تحمل هم جيل قادم (ناقم) مادام الوضع قائما... وكل ما نحلم به بيئة نظيفة وتطبيق القوانين البيئية على المصانع المجاورة... وأخيرا أتساءل متى يستيقظ المسئولون من غفوتهم لمتابعة مشكلة التلوث في هذه القرية وإيجاد حلول ملموسة لها؟

علي رضا مسلم

العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً