كما تقضي القوانين على شيوعة الحصول على البذور بين المزارعين، من خلال تخويل الدولة سلطة الموافقة مسبقا على نوعيتها وأصنافها، وإجبار المزارعين على طلب السماح لهم باستخدمها، عبر إجراءات تسجيل اجبارية.
تتذرع مثل هذا القوانين بحجة مراقبة نوعية البذور وجودتها؛ لكن النتيجة الحقيقية الفعلية هي أنها تقضي على الأصناف والأنواع عالية الجودة التي ينتجها المزارعون ويمكنهم الاعتماد عليها تماما.
فوق كل هذا وذاك، تحرم مثل هذه القوانين المزارعين من إمكانية الحصول على البذور التي ينتجونها، وتحملهم تكاليف إجراءات طلب الموافقة والتراخيص التي تقضي بها القوانين؛ ما يجبرهم على الوقوع ضحية الاضطرار إلى شرائها من الشركات، عاما بعد عام.
هذا، وعمدت حكومة الهند إلى تطبيق قوانين من هذا النوع من خلال قانون البذور العام 2004، الذي قوبل باحتجاجات سلمية على صورة الامتناع عن التعاون مع الحكومة في تطبيقه، والتمسك بأن ادخار البذور وتقاسمها بين المزارعين ليس عملا إجراميا، ومواصلة ادخارها وتقاسمها.
وعلى رغم تفشي ظاهرة انتحار المزارعين لعجزهم عن سداد الديون الملقاة على عاتقهم، وعلاقتها الواضحة الجلية باضطرارهم الاعتماد على مدخلات خارجية عالية الكلفة، فكان رد الفعل الوحيد الذي قدَّمته الحكومة الهندية هو عرض المزيد من القروض، لشراء المزيد من هذه المدخلات الخارجية.
المزارعون في أمسِّ الحاجة إلى التحرر من هذه التبعية، والزراعة تحتاج أكثر ما تحتاج للتنوع الحيوي والتربة والمياه، لا لبذور معدلة جينيا أو مبيدات أو أسمدة كيميائية.
ففي مقابل كل مدخل خارجي تروج الشركات لبيعه، يوجد مدخل داخلي يوفره المزارعون والمزارعات؛ بل والأرض نفسها. كما برهنت الأدلة وبصورة قاطعة على أن الزراعة المعتمدة أساسا على المدخلات الداخلية هي أقل كلفة وأعلى إنتاجا. ومن المهم كذلك أنها تحافظ على الأمن الغذائي في أيدي المزارعات.
ثم هناك أيضا قضية إدراج التنوع الحيوي على باب البراءات. هذه البراءات على الحياة ذاتها هي لب المادة 27.3 (b) لاتفاقية حقوق الملكية، لمنظمة التجارة العالمية.
وهنا تأتي مشكلات من بينها ما تعرف باسم «القرصنة الحيوية»؛ أي سلب المعرفة والخبرة بالتنوع الحيوي من الشعوب الأصلية، وتسجيل أنواع الرز والقمح وغيرها كبراءات وملكية خاصة بالشركات.
لا يمكن ضمان زراعة مستديمة من دون ضمان حقوق مستديمة. حقوق المزارعين والأهالي، لا الشركات الخاصة.
العدد 2593 - الأحد 11 أكتوبر 2009م الموافق 22 شوال 1430هـ