توفيت فجر أمس (السبت) الطفلة (ولاء) التي دخلت في غيبوبة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وذلك إثر حادث حافلة الروضة بشارع دمستان، حيث تم تشييع جثمانها ودفنها في مقبرة الحورة.
يذكر أن الطفلة ولاء قد أصيبت هي وعدد آخر من الأطفال عندما كانوا في طريق عودتهم بحافلة الروضة التي تفاجأ سائقها بالدخول الخاطئ من إحدى السيارات ليحاول تفادي الاصطدام بها وذلك بالانحراف خارج الشارع ليرتطم جانب الحافلة الأيمن بشاحنة كانت متوقفة هناك وليصاب 7 من الأطفال بإصابات متفاوتة، بيد أن حالة الطفلة ولاء كانت الأصعب إذ دخلت بغيبوبة منذ ذلك الوقت حتى وافاها الأجل فجر أمس. يشار إلى أن هناك حوادث أخرى مماثلة قد وقعت مؤخرا كان أبرزها وفاة «طفلة جدحفص» التي فارقت الحياة في أحد الباصات قبل عدة أشهر.
الوسط - محمد الجدحفصي، حسن المدحوب
ما الذي تنتظر أن تسمعه من أم فقدت للتو طفلتها البكر بعد غيبوبة استمرت شهرين؟ ما الكلمات التي تعتقد أنها ستخرج من قلب هذه الأم المفجوعة برحيل ابنتها عن الدنيا؟ ما المشاعر التي ستحملها أنت حينها تسمع أن هناك طفلة في عمر الزهور تحمل صورتها من البراءة والطفولة ما يجعل الحجر الأصم يتقاطر فتاته أسى وحزنا على رحليها عن الدنيا؟
كل هذه الأسئلة تجعلك تقف عاجزا عن الاتصال إلى أم انتزعت صغيرتها من بين يديها في غمضة عين، ولعلي بهذه الأم في يوم فقدها لابنتها البكر «ولاء» التي غادرت الدنيا يوم أمس، يتراءى أمامها ذلك المشهد وهي وافقة أمام جسد هذه الصغيرة وتتذكر ذلك اليوم الذي سرحت فيه شعر صغيرتها، وألبستها ملابسها وأسرعت بها إلى حافلة الروضة، لتحظى منها بقبلات الأم لبنتها أو البنت لأمها، وهي لا تدري أنها ستكون آخر القبلات بينها وبين صغيرتها، وأن اللقاء القادم بينهما لن يكون دافئا سعيدا، ولن تحكي فيه ولاء لأمها عما تعلمته في الروضة أو ما رسمته، بل سيكون لقاء رسمته يد القدر، لقاء ترى الأم ابنتها مسجاة على القماش الأبيض شهرين كاملين، قضتهما الطفلة في غيبوبتها التي كانت نهايتها أن تنام محزونة تحت ثرى شتاء مقبرة الحورة يوم أمس.
أمسكت بالهاتف، اتصلت بأمها، ردت الأم بشجى لا يعرفه إلا من فقد حبيبا أو عزيزا في عمر الورود، عظم الله لك الأجر يا أم ولاء، ظلت صامتة برهة، محاولة فيما يبدو أن تستجمع ما بقي لديها من جلد، ردت ببطء: جزاك الله خيرا. قلت لها كيف حالكم الآن بعد فقد الطفلة؟ صمتت... لم تجب، أدركت أن صمتها كان لأنها أصلا لا تعرف فعلا كيف هو حالها الآن، غير أنها قالت لي عندي أربعة أولاد أكبرهم كانت «ولاء» تلك التي رحلت عني حتى دون أن تودعني، رحمها الله، أنا لا اتهم أحدا والله وحده يعلم ما في نفسي، كررت عزائي لها وأغلقت الهاتف، وكأني اكتفيت منها بما أريد، فما عساي أزيد؟ وما عسى من جلد عند هذه الأم حتى تقول المزيد!
«ولاء»... ذات الخمسة أعوام عاشتها في براءة الأطفال، توفيت يوم أمس (السبت) بعد أن ظلت منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في غيبوبة بعد أن أصيبت مع أطفال آخرين بحادث مفجع عندما كانوا في طريقهم للعودة إلى منازلهم، من أصيب في الحادث كانوا سبعة، إلا أنها الوحيدة منهم التي آثرت أن تغادر الحياة على عجل.
صاحب الروضة التي كانت تدرس فيها «ولاء» روى إلى»الوسط» تفاصيل الحادث إذ قال: بعد تحرك الباص من الروضة (من المالكية إلى عالي) إذ كانوا بطريق عودتهم بحافلة الروضة حيث تفاجئ سائقها بدخول خاطئ من إحدى السيارات بالقرب من دمستان وبوري ليحاول تفادي الاصطدام بها وذلك بالانحراف خارج الشارع ليرتطم جانب الحافلة الأيمن بشاحنة كانت متوقفة هناك ليصاب عدد من الأطفال بإصابات متفاوتة، بيد أن حالة الطفلة ولاء كانت الأصعب إذ دخلت بغيبوبة منذ ذلك الوقت حتى وافاها الأجل فجر يوم أمس.
وأضاف: بعد الحادث تابعت حالة الأطفال المصابين أولا بأول، وكانت حالة ولاء وطفل آخر اسمه محمد هي الأصعب، فولاء جاءت إصابتها في الرأس وكانت الإصابة خطيرة جدا، أما محمد فقد أصيب في صدره وحصل عنده ثقب في الرئة إلا أنه تعافى والحمد لله، وقد علمت بأن ولاء فارقت الحياة بعد اتصال أمها لي الساعة الثانية صباحا يوم أمس إذ أخبرتني بنبأ وفاتها.
ووجه صاحب الروضة تعازيه إلى عائلة الطفلة قائلا: إن اللسان يعجز عن أن يوصف المشاعر التي أحس بها بعد رحيل ولاء عن الدنيا، ولا أقول إلا عظم الله أجر عائلتها، وأخلفهم خلفا صالحا، ونسأل الله لهم الخير.
قراء «الوسط أونلاين» عبروا عن أساهم وحزهم لوفاة الطفلة، فمن ضمن التعليقات على الخبر قال « أبو محمد» وفاة الطفلة خبر محزن فهي في عمر الزهور، عظم الله أجر أهلها وآجرنا، الله يرحمها، الإنسان لا يقدر أن يعبر عن شعوره وكلنا في حالة حزن، مضيفا، كنت انتظر أن أرى خبر شفائها ولم أتوقع هذا الخبر، رحمك الله يا ابنتنا ولاء ولا حول الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إلى الجنة الخالدة يا ولاء.
وفي تعليق آخر قالت «نور البتول» صبر الله قلبك يا أم الطفلة... تذكري مصائب الحسين عليه السلام وستهون عليك مصيبتك، صحيح أنك فقدتها في الدنيا لكنك ستفرحين في الآخرة عندما تأخذك من يديك إلى الجنة وهنيئا لك حينها.
وفي تعليق آخر قال «غريب الدار» أقدم لعائلة ولاء أحرّ التعازي والمواساة داعيا الله أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يجعل هذا المصاب آخر أحزانهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ونصيحتي لأصحاب باصات نقل الطلاب عدم التهور والسرعة المفرطة.
العدد 2319 - السبت 10 يناير 2009م الموافق 13 محرم 1430هـ