في طرح ابتعد عن الصورة التقليدية في تنظيم الفعاليات الشبابية، نظم منتدى العمل الشبابي في جمعية العمل الوطني الديمقراطي جلسة حوارية بعنوان: «الشباب والمسئولية» يوم الأحد من الأسبوع الماضي في مقر الجمعية. وأدار الحوار رئيس المنتدى محمد سواد، وتحدث من خلف الكواليس معد الورقة عضو المنتدى هاني الشيخ، وطرحت المسئولية على مائدة الحوار، فتجاذب الشباب الحاضرون الحديث بدءا بمفهوم المسئولية وانتهاء بأهدافها.
وأعطى كسر الحواجز الفيزيائية بين المرسل والمستقبل ثماره، إذ نزل المحاضر عن منصته المعهودة وجلس في أحد المقاعد المخصصة للحضور، وتحول في بعض اللحظات مستقبلا للمعلومات. وقال الشيخ: «ارتأينا تغيير نمط المحاضرة. لم نقم بتحضير مادة مسبقة نقوم بحشوها في عقول الشباب... لإعطائهم الفرصة للتعبير عن آرائهم، وعدم جذبهم إلى منطقة معينة».
تعريف المسئولية
وبعد أن تجاذب الحضور الحديث، ثار غموض عن مفهوم المسئولية ورسى القرار أخيرا بهم إلى تعريف موحد للمسئولية بأنها «عدم التهرب من المهام المناطة بالفرد». وتتوالى الآراء مرة أخرى بشأن المسئولية وأنواعها، فهناك، بحسب ما قيل، ما يفرض فرضا ويترتب عليه ثواب وعقاب، ومنها ما لا يفرض علينا، بحسب قول الشاب محمد مطر وأحد الحضور. ويعود هاني الشيخ ليقطع النزاع الودي، وتنتقل دفة الحوار نحو نقاط أخرى. وقال: «المسئولية التي تهم الجميع أسمى أنواع المسئولية، ومطلوب أن يخرج الإنسان من دائرة الاهتمام بنفسه إلى الاهتمام بالمجتمع وما يدور فيه من قضايا».
أركان المسئولية
انتقل النقاش بعد ذلك إلى معالجة أركان المسئولية. وقال الشيخ: «من المهم أن يكون لدينا هدف محدد نرنو نحو تحقيقه، فهدف التفوق، مثلا، الذي يضعه الطالب نصب عينيه يجعله ينجز المسئولية الملقاة على عاتقه على أتم وجه». ويدخل محمد سواد في الحديث ليوضح الجانب الذي سيدور حوله النقاش مشيرا إلى أن «للمسئول واجبات وكذلك له حقوق تترتب على أدائه للمسئولية فالمدرس، مثلا، له واجبات تجاه الطلبة وفي الوقت نفسه له حقوق على الطلبة».
وفي هذا السياق قال صادق الشيخ: «المسئولية ناشئة أساسا من الواجبات، فلا يمكن أن تلقى المسئولية على المدرس دون وجود طلبة يقوم بأداء الواجب تجاههم».
ولعل تضارب الآراء وكثرة المشاركات نتج عنها تشتت الأفكار، إذ أشار أحدهم إلى أن «المسئول الذي يقبل تحمل المسئولية ولم يجبره أحد على ذلك فليس له حقوق أبدا...».
وفي خضم النقاش، ألوى الحضور رقابهم مستمعين وعلامات القناعة تلوح عليهم عندما تحدث محمد مطر «المسئولية لا تأتي من فراغ، وكل فرد يؤدي وينجز ما يسند له من مسئوليات نظرا لوجود الرقيب».
للمسئولية أهداف
وبدا هاني الشيخ بسؤال وصفه بـ «الاستفزازي» الغرض منه دفع الشباب للتحدث عندما سأل: «هل تستطيع تحمل مسئولية نفسك وكيف؟».
وقالت فاطمة سيادي: «الإنسان له القدرة على تحمل بعض المسئوليات لكنه يعجز أو يضيع بين بعض المسئوليات». وفي الجانب ذاته يشير محمد مطر إلى أن «الإنسان لابد أن يتحمل المسئولية، فلا يوجد من يقول أنا لست كفؤا لهذه المسئولية أو تلك، فهو مفطور مثلا على حب الذات، وبالتالي لابد أن يتحمل مسئولية نفسه، ولكن لا ننسى أن لكل قاعدة شواذ».
واسترسل الشيخ في طرحه وسواد يمده بالعون طارحا سؤالا آخر وقال: «ما هي معوقات تحمل المسئولية؟». ورد صادق الشيخ بقوله: «المسئولية أساسا تنبع من جانبين ، الرادع الذاتي والموضوعي، وأي خلل في هذين الجانبين يعوق تحقيقها. الرادع الذاتي ينبع من الفرد نفسه، وإن انتفى الرادع ضاعت المسئولية، والرادع الموضوعي نابع من القوانين والبيئة الخارجية، وفي حال وجود التعسف فلن يكون للمسئولية وجود».
ويساند محمد حسن صادق في حديث الشيخ مشيرا إلى أن الاستبداد السياسي هو «عامل أساسي من العوامل التي تعيق المسئولية... و للمسئولية درجات، تنمو من الداخل وتتجسد في الواقع أو المحيط الخارجي على صورة أفعال...».
وفي ختام الحلقة النقاشية، أقترح سواد أن يُطْرَح موضوع معين ويتم التحاور من خلاله في مسئوليات الشباب تجاهه. ومن دون تأخير، طرح صادق الشيخ موضوع التجنيس العشوائي، واتفق الجميع على وضعه موضع النقاش، وأبدى الشباب حماسا لم تعهده الجلسة واقترح بعضهم عدم التعاون مع المجنسين ومقاطعتهم، وآخرون اختلفوا بشأن جدية المسيرات.
وقال محمد مطر: «المسيرة التي شارك فيها 100 شخص لن يكون لها وقع، لكن تلك التي يشارك فيها الآلاف ستكون مؤثرة من دون أدنى شك». ونوه سواد بالتجمع الذي نظمته الجمعيات السياسية الست ضد التجنيس، وأنه «يعتبر أحد ضروب المسئولية، فعلى رغم الاختلافات الآيديولوجية بين الجمعيات إلا أنها توحدت نحو هدف أسمى وهو الوطن»
العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ
الوطن
رائع اعجبني