يا لسخرية القدر، حين ينصب اهتمام جماهير شبابنا العربي من الخليج إلى المحيط في الترقب المثير والمستمر لمعرفة ملك الغناء الشاب الذي يروج له برنامج «السوبر ستار» لقناة «المستقبل» اللبنانية، وكأن العالم العربي انتهت مشكلاته وآلامه، وراح يبحث عن هويته خلف الموسيقى والرقص واستعراض الأجساد ومتابعة آخر عروض الأزياء من دور التصميم الفرنسية.
هذا البرنامج الفارغ من المعاني والأفكار الايجابية والمفيدة، عدا تخريج نجم الغناء الذي سيحرر العراق وفلسطين بغنائه العسلي ووجهه الوسيم وجسده المتمايل، يبث في شبابنا المتعطش إلى سد مساحات الفراغ الهائلة قيم ورسائل تنبع مباشرة من الغرب وتغرق في الضحالة والسطحية وتزيد من تشتت وضياع الشباب لهفا وراء الماديات والتسالي والمتعة المؤقتة. انه (البرنامج) يعكس الحال المزرية التي وصل إليها واقعنا العربي على مستويات الثقافة والفكر والمجتمع، ويظهر بما لا يدع مجالا للشك، أن خللا معرفيا صَاحَبَ ومازال يصاحب العقل العربي في انسياقه وراء موجات الرهان على المحاكاة طريقا لبلوغ أهدافه، وسعيا إلى اللحاق بركب الحضارات المتقدمة، وللتخلص من عقدة «النقص» التي لازمته طويلا. ومن وجه آخر، أثبت «السوبر ستار»، مقولة مكلوهان في تفسير ظاهرة وسائل الاعلام، ومفادها: «الرسالة هي الوسيلة»، فقد استطاعت القناة المذكورة، بالتقنيات الاعلامية والفنية المتطورة، أن تسحر عقول الشباب وتجعل رسالتهم الأولى هي الطرب وحب الغناء، وتزرع بداخلهم قيما دخيلة على المجتمع العربي، لا نستبعد أن تكون وراءها أيد يهودية ملوثة.
لست أندفع من حافز ديني أو وعظي لتقديم نصائح «خطابية» من على المنبر في هذا الموضوع، وأسأل الله أن يخرِّج لنا «سوبر ستار» يستطيع أن يلم الشمل العربي، ويخرج العقل العربي من مأزقه الراهن، ولا أطلب أكثر من ذلك!
خليل عبدعلي خليل
العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ