العدد 333 - الإثنين 04 أغسطس 2003م الموافق 06 جمادى الآخرة 1424هـ

أم جعفر والمستحيل المتبقي في الذاكرة

المالكيــة - رباب السنــيـني 

04 أغسطس 2003

جعفر حبيب أحمد يبلغ من العمر 16 عاما، أخذته أمه إلى أحد مراكز الرعاية لتعليمه ورعايته وتأهيله لحالته التي صاحبته منذ الولادة، ولكن للأسف لم يلق جعفر أي اهتمام أو رعاية من قبل ذاك المركز. مما اضطرها إلى ابقائه في البيت. هذا ما تحكيه لنا أمه من خلال لقائنا معها.

في البداية تتحدث (أم جعفر) عن الولادة وما صاحبها من صعوبات، فتقول: «في فترة الحمل كنت أعاني من ارتفاع نسبة (السكري) في الدم، كما كانت نسبة الدم لدي (4)، وأثناء الولادة التي لم تكن ولادة طبيعية، تم إجراء عملية لي، وقد أخبرنا الطبيب أثناء العملية أن حالتي خطيرة وقد تؤدي إلى وفاتي أو وفاة الجنين، بعد ذلك تدهورت صحتي وكذلك صحة الطفل، وكان الأمل في بقاء الطفل على قيد الحياة ضعيفا جدا، وقد بقي تحت العناية لمدة 3 أشهر، بعدها لاحظت عليه أنه كثير البكاء ولا يرضع، مرت الأشهر، وخلالها لاحظت أنه لا يقلب جسمه شمالا ولا يمينا، ولم يستطع الجلوس ولا الحبو كذلك فهو دائما مستلق على ظهره، أخذته إلى المستشفى، وأجروا له الفحوصات، واستمر على العلاج الطبيعي وتحسنت حالته. بعد 5 سنوات استطاع الجلوس، وفي سن السادسة استطاع الزحف، بعدها تم إجراء 5 عمليات له في رجله في يوم واحد، هذا إلى جانب انه لا يتكلم ولا يستطيع الأكل لوحده، وكذلك لا يستعمل دورة المياه، فهو يستخدم الحفاظات».

بعد ذلك تحكي لنا (أم جعفر) قصة التحاق ابنها بالمركز، قائلة: «عند بلوغ جعفر السن السابعة ألحقته بأحد مراكز الرعاية والتأهيل، كنت أضع له كل يوم حقيبة أكله وكل ما يحتاج إليه، وكان يذهب صباحا ليعود ظهرا وحقيبته كما هي لا تتغير، لم يلق أي اهتمام. بعد ذلك كلمت مديرة المركز، وطلبوا مني أن أحضر مع ابني كل يوم للعناية به، ذهبت معه حوالي 7 إلى 8 أيام، وكنت أطعمه وجبته، وأقوم بمستلزماته الأخرى، وكنت أترك أعمال البيت وأموره وراء ظهري. وخلال هذه الأيام كنت أرى معاملة المركز له وماذا كانوا يعلمونه، كان يبقى على كرسيه المتحرك طوال اليوم، وأذهب به إلى البيت وهو لم يتعلم شيئا، وأحيانا أخرى تمر مدرسته عليه لتسأله بعض الأسئلة السهلة اليسيرة، على سبيل المثال: أين البرتقالة يا جعفر؟ أين الكرسي؟ أين الكتاب؟ أين...؟ أين...؟ ليشير هو إليها، وكان يعرف كل تلك الأشياء، فهو يسمع جيدا ويدرك، ولكن لا يتكلم».

تضيف (أم جعفر): «استمر جعفر في المركز وخلال 5 سنوات لم يتعلم شيئا، إلى جانب ذلك أدى إهمال المركز له إلى اصابته بإمساك لعدم تناوله شيئا منذ الصباح وحتى عودته إلى المنزل، وأيضا كان يتقيأ كثيرا ما اضطرني إلى الذهاب به إلى المستشفى، فاتضح أنه يعاني من (حموضة في المعدة)، استمر على العلاج وتناول الدواء لمدة ثلاث سنوات، بعد ذلك تركنا الدواء لأن اخوته رأوا أن ذلك سيؤثر على معدته أكثر، ولهذه الأسباب فضلت ان اترك جعفر في البيت على أخذه إلى المركز، فهو في ذمة الله ومن ثم ذمتي، وأنا مسئولة أمام الله عنه وعن رعايته. ولكن إذا كانت إعاقة ابني بهذه الصعوبة التي لا يجد فيها من يرعاه أو يهتم به، وهناك الكثير من الحالات الأكثر صعوبة، فمن المسئول عن رعايتهم وتعليمهم؟ وإلى متى يظلون مهمشين؟؟ وهل المراكز والمؤسسات تأهيلية أم هي إيوائية فقط؟

العدد 333 - الإثنين 04 أغسطس 2003م الموافق 06 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً