العدد 399 - الخميس 09 أكتوبر 2003م الموافق 12 شعبان 1424هـ

بوكيت: حين تشترك الديوك في عرض الملحمة

تايلند (بوكيت) - قاسم حسين 

09 أكتوبر 2003

بوكيت جزيرة تقع في جنوب تايلند، لا تتميز بحركة صناعية ولا معالم عمرانية ضخمة تميزها، غير الطبيعة الجميلة والعقل الذي يجيد التسويق واستغلال الموارد المتوافرة. هناك كانت جولة وفد من الصحافيين من البحرين والكويت بترتيب من الخطوط القطرية، لذلك الساحل الهادئ والمناظر الخلابة والحياة الطبيعية التي يعيشها السكان.

من أهم فقرات برنامج الرحلة حضور «الفانتاسي» FantaSea، وهي عبارة تدمج كلمتي الفانتازيا والبحر. هناك تزور منتزها حديثا يقدم عروضه الثقافية مساء، ويتوزع في أرجائه عدد من الأكشاك والمتاجر الحديثة التي تبيع للسائحين التحف والملابس والهدايا والمأكولات والمصوغات الذهبية والفضية واللوحات...

فوق ظهر الفيل

إذا وصلت عصرا فعليك ان تتجول في أرجاء المكان انتظارا للعرض الملحمي الذي يبدأ في الثامنة والنصف. ويمكنك قبل العرض أن تتناول العشاء، في مطعم أنيق ضخم يتسع لألفي سائح، ولا تكاد تلحظ زحاما معرقلا للحركة. بعد العشاء يمكنك مواصلة التجول أو الركوب فوق ظهر الفيل لأخذ جولة سريعة في الساحة أمام النوافير المنتشرة هنا وهناك. وكان أن شجعني الزميل ابراهيم رجب من وكالة «كونا» للأنباء على ركوب الفيل، الذي تصل إليه بالصعود على سلّم مجهّز كالمنصة. وإذا كنت رجلا مشبعا بالتاريخ مثلي فسيخطر على بالك أفيال أبرهة الحبشي التي جاءت لهدم الكعبة، فتتساءل: كم من الأسابيع استغرقها أبرهة حتى وصل إلى مكة وهو يسير بهذه السرعة البطيئة جدا، إذ يخيل إليك ان النملة أسرع في مشيتها من الفيل!

وفي الساحة يتجمع السياح حول الأفيال يتأملون حركاتها ويلتقطون الصور التذكارية إلى جانبها، ويلقمونها أعواد قصب السكر التي تباع هناك، فيلتقطها الفيل بخرطومه بسرعة ويدسها في فمه المخبوء!

الملحمة التايلندية

عليك التوجه قبل العرض بربع ساعة نحو قاعة «الفيل الأبيض»، وعند بوابات الدخول يجب تسليم آلات التصوير لتعاد إليك عند انتهاء العرض، حفاظا على أسرار المهنة والعروض الفنية المبدعة. وأنت تتأمل الوجوه من حولك ستطوف عيناك على تشكيلة بالغة الثراء من البشر، من الولايات المتحدة وكندا غربا إلى الصين واليابان وماليزيا شرقا، مرورا بالأنجليز والالمان والروس، إضافة إلى قلةٍ من حاملي السحنة العربية السمراء.

المكان عبارة عن قصر قديم، على جانب المسرح نحتت صورة مجسّمة لفيل ضخم، يبدأ العرض بصورٍ تعكس مفهوم تكوّن الخليقة كما وردت في البوذية، الديانة القادمة من الهند غربا، والتي يعتنقها حوالي 95 بالمئة من التايلنديين، مرورا بنشوء مملكة تايلند القديمة. ويمكنك أن تتابع القصة مادام المتحدث يتكلم الانجليزية، ولكنك ستضيع بعد ان يتحول المشهد التالي بالتايلندية حين يرتفع صوت الغناء ليحكي قصة شاب وشابة يجمعهما رباط الحب على طريقة الشعراء العذريين في تراثنا الشعري الجميل كما في قصة «مجنون ليلى»! ثم فجأة تمطر السماء ويهجم «الشيطان» ويخطف الفتاة، وتقرع طبول الحرب، وينشب القتال بين المملكتين، ويهولك صوت المدافع تطلق قذائف صوتية لتدك القلاع، حتى ينتهي بانقاذ الحبيبة التي يصطحبها الفتى الظافر على ظهر الفيل... وتفاجأ بدخول الماعز تتلوها الديوك، ثم الحمامات البيضاء كلها تتحرك من يمين المسرح إلى يساره، في حركة كأنها دُربت عليها طويلا حتى أتقنتها... لتعلن انتهاء قصة الحب الخالد.

العرض تلتقي فيه التقنية الحديثة من عروض أشعة الليزر إلى أعمال السيرك والسحر أو أعمال خفة اليد، ما يحوز على إعجاب الحاضرين الذين يزيدون على الآلاف. ففي العرض تفاجأ بالممثلين وسط الظلمة يقومون بحركات بهلوانية فوق رأسك، ويدهشك استخدام 18 فيلا من مختلف الأحجام لتقوم بحركات تستثير إعجاب الجمهور وتصفيقه، إضافة إلى عدد لا يقل عن 200 شخص، في مختلف جوانب العرض الملحمي الكبير.

يقول المخرج كيتيكورن كوبيسال: «ان كلمة «تاي» تعني «حر»، وهي بالنسبة لي تعني حكاية ملونة من المغامرة والخيال والرومانسية، مع نكهة من الألغاز والسحر. وهذا عرض حي للثقافة والتاريخ التايلنديين، نقدمها محبوكة بهذه الصيغة الغنية ليشاهدها كل العالم».

المسلمون في تايلند

لا يزيد عدد المسلمين في تايلند عن 3 بالمئة، يعيش عدد منهم في العاصمة بانكوك، إذ يوجد لهم مركز اسلامي وعدة مساجد. ولكن غالبيتهم تتمركز في الجزء الجنوبي من البلاد، إذ يعتبر وجودهم امتدادا لجنس الملايو الذي يعيش قريبا منهم في ماليزيا. وقد وصلها الاسلام من هناك منذ قرون. ولكون وقت الرحلة قصيرا لم يتسن لنا الوقت لزيارة قرى المسلمين، فاكتفينا بالتقاط بعض الصور لمسجدٍ مررنا به على الطريق إلى بوكيت، يقوم بين مجموعة من الأشجار الاستوائية وتحفّه بيوت المسلمين الخشبية البسيطة

العدد 399 - الخميس 09 أكتوبر 2003م الموافق 12 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً