اتهم أحد القادة العراقيين الذين يحظون باحترام كبير يوم الثلثاء الماضي الولايات المتحدة بالتجاهل المستمر لرغبات مجلس الحكم العراقي بشأن القضايا الجوهرية من قبيل دعوة تركيا لإرسال عشرة آلاف جندي إلى العراق.
وقال محمود عثمان، العضو الكردي البارز ضمن مجلس الحكم المكون من 25 عضوا في مقابلة مع صحيفة «الاندبندنت» ان الولايات المتحدة الأميركية تقمع بوحشية الاعتراضات العراقية على التدخل التركي؛ لان الأميركيين «يريدون سحب قواتهم». ويتوقع ان يحل الجنود الاتراك محل الجنود الأميركيين في مدن الرمادي والفلوجة غربي بغداد، إذ تعرض الأميركان للكثير من الاصابات بين جنودهم.
وقابل رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان أمس الأول عددا من المشرعين في حزبه الحاكم للحصول على دعمهم لإرسال الجنود الاتراك إلى العراق، إضافة إلى ما يتبع ذلك من تصويت البرلمان على الخطة. وعلق أردوغان: «انني لا أتوقع حدوث أية مشكلات».
ومن الموتقع ان يؤدي وصول القوات التركية للعراق إلى إضافة المزيد من المشكلات على الأزمة العراقية لأن الهدف الرئيسي لأنقرة هو تقليص التأثير الذي يحظى به الأكراد، وهم المجموعة الوحيدة من الشعب العراقي التي رحبت بالاحتلال الأميركي بحماسة تامة. ويقول محمود عثمان: «اعتقد انهم (الاتراك) قادمون».
وتطالب تركيا الولايات المتحدة بشن عمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، ورجال حرب العصابات من الأكراد الأتراك في جبال العراق الشمالية. كما تريد أنقرة أيضا مشاركة ضابط عسكري تركي كبير بسلطة الائتلاف المؤقتة التي تحكم الولايات المتحدة من خلالها العراق.
وتتلهف تركيا إلى أن تصبح لاعبا رئيسيا في العراق، وهو الأمر الذي لم تستطع تحقيقه بعد ان رفض البرلمان التركي التصويت على السماح باستخدام القوات الأميركية للقواعد في تركيا في وقت مبكر من هذا العام. ولكن العراقيين (العرب) مازالوا يحتفظون بذكريات قرون مريرة من حكم الأتراك العثمانيين، والذي انتهى بسيطرة الجيش البريطاني على بغداد في العام 1917. من هنا خرج المواطنون العراقيون إلى الشوارع شمال بغداد ليحرقوا الشاحنات التركية التي كانت تعبر بالمدينة. وفي رد هادئ ولكن غاضب ينقض ادعاءات المسئولين الأميركان والبريطانيين ان السلطة الحقيقية ستسلم للعراقيين، يقول محمود عثمان: «المجلس العام لا يتمتع بالكثير من السلطات، وإذا لم يمتلك سلطة حقيقية فان ذلك سيضر بصدقيتك. وبالتالي سينظر العراقيون إلينا على اننا دمى أميركية». وقدم عثمان مثلا على ذلك بما قرره سلطة الاحتلال من إرسال 30 ألف رجل شرطة عراقي إلى الأردن للتدريب، بكلفة قدرها 1,3 مليار دولار، وهو ما يعارضه مجلس الحكم بقوة، ويعلق قائلا: «نحن لم نوافق على ذلك، فنحن بامكاننا تدريبهم بثلث ذلك المبلغ. ولكن الولايات المتحدة تريد ان تقوم بعمل لصالح الأردنيين على حسابنا. وعلى أية حال كان الأردنيون عموما من مناصري صدام».
وأضاف عثمان أن هناك نقصا شديدا في الشفافية بشأن طريقة صرف سلطة الاحتلال والبنتاغون للأموال في العراق، وهو ما يفتح الباب واسعا للفساد. ويقول: «من المفترض ان يقر الكونغرس الأميركي مبلغ 20 مليار دولار للعراق، ولكن ليس للعراقيين كلمة بكيفية صرف تلك الأموال».
ويعتقد محمود عثمان ان الحل الأفضل ليس ان تغادر الولايات المتحدة العراق بشكل كامل وانما سحب جنودها من المدن.
وعدم استقرار الحكم الأميركي في العراق أصبح أمرا واضحا في وسط بغداد مع تكرار يومي لحوادث العنف، كالهجوم الذي تعرض له مبنى وزارة الخارجية العراقية أخيرا، وهو مبنى صغير يقع بالقرب من هيكل الوزارة القديم المحترق. وكان وزير الخارجية هوشيار زيباري في لندن وقت وقوع الحادث، الذي لم يسفر عن وقوع اصابات. فيما قتل ثلاثة جنود أميركيين ومترجم عراقي في حادثين منفصلين خارج بغداد الاثنين الماضي. وعلى مسافة ميل واحد من قصر صدام الجمهوري السابق الذي يتخذه الاحتلال مقرا له، كانت قطع البلاط مبعثرة على طول الشارع بعد حوادث شغب أثارها 2000 شخص من أفراد الأمن السابقين مطالبين برواتبهم أو إعادتهم إلى أعمالهم. وفي جنوب غرب بغداد اصطدمت 20 عربة هامفي أميركية مع 600 متظاهر كانوا يطالبون بإطلاق سراح عالم الدين الشيعي مؤيد الخزرجي، وكانوا يرددون شعارات تقول: «أميركا مثل صدام»، و«اليوم نحمل لافتات، وغدا سنحمل السلاح»
العدد 399 - الخميس 09 أكتوبر 2003م الموافق 12 شعبان 1424هـ