في حين يعتبر المسئولون السوريون ان مشروع القانون الاميركي القاضي بفرض عقوبات على دمشق لن تكون عواقبه وخيمة على الاقتصاد الوطني، يرى خبراء، على العكس، ان مقاطعة اميركية ستؤدي الى انعكاسات على المناخ الاستثماري في سورية.
ولم يصدر عن السلطات السورية حتى الآن اي رد فعل ازاء تصويت مجلس الشيوخ الاميركي على مشروع قانون بغالبية 398 صوتا مقابل اربعة، ينص على فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على سورية اثر اتهامها بدعم الارهاب.
وفي معرض الاشارة الى ان شركات اميركية هي التي تستثمر في القطاع النفطي السوري وان المبادلات التجارية السورية الاميركية متدنية (لا تزيد عن 300 مليون دولار سنويا)، يكرر المسئولون السوريون القول حتى الآن ان العقوبات ستكون عواقبها «طفيفة» على دمشق وان «الخاسر الاكبر» سيكون الولايات المتحدة.
لكن الخبير الاقتصادي السوري مدير المركز الاقتصادي السوري «للاستشارات الاقتصادية» نضال معلوف، رفض هذه الفرضية الرسمية. ورأى ان الاضرار على سورية ستكون اكبر بكثير مما تريد دمشق الاعتراف به. وقال معلوف في مقال نشره المركز «ان فرض العقوبات الاقتصادية على سورية من قبل اميركا له دلالات سيقرأها المستثمرون بعناية سواء كانوا محليين او اجانب»، واضاف ان «قضية العقوبات الاقتصادية على سورية اصبحت قضية تتداولها وسائل الاعلام وليس من المستبعد ان تجد الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني الادوات المناسبة لتوسيع رقعتها».
واذا ما اصبح المشروع قانونا، وهو ما يستدعي تصويت الكونغرس عليه ايضا، فإن القانون سيحظر الصادرات والاستثمارات الاميركية في سورية ويحد من التمثيل الدبلوماسي للولايات المتحدة في دمشق وسيفرض قيودا على تنقل الدبلوماسيين السوريين في الولايات المتحدة.
ويقول الخبراء ان عددا كبيرا من الشركات الاميركية لها مكاتب تمثيلية في سورية، وانشأ البعض منها منذ سنوات شركات مختلطة مع مجموعات سورية من القطاع الخاص. وفي قطاع المعلوماتية تتمثل شركات «آي بي ام» و«هوليت - باكارد» و«دل» و«كومباك».
واضافة الى ذلك، هناك ايضا شركة «جنرال الكتريك» الناشطة في المجال الطبي «معدات تصوير للمستشفيات» و«جنرال موتورز» و«فورد» و«كرايسلر» في مجال السيارات.
وفي القطاع الصناعي الخاص، وقعت شركة «3 ام» وشركة «جونسون» عقود امتياز تتيح لهما الانتاج والبيع في سورية.
وفي القطاع النفطي، تنشط ايضا شركة مختلطة بين رجال اعمال سوريين والشركة الاميركية العملاقة الناشطة في مجال النفط «اكسون موبيل» لانتاج وبيع الزيوت.
وعلى رغم ان غالبية هذه المشروعات متوسطة الحجم بالنسبة الى الاميركيين، فإنها مهمة على صعيد الاقتصاد السوري.
وفي مجال الطاقة (الحكومي)، هناك العقد الضخم للغاز في منطقة دير الزور بالاشتراك بين الشركة السورية للنفط ومجموعة «توتال» الفرنسية و«كونوكو» الاميركية. ويصل حجم استثماراته الى 400 مليون دولار.
وفي حين تحاول سورية اصلاح اقتصادها الموجه في القسم الاكبر منه، فإن مجرد ضربة مباغتة الى انشطتها، «ستضر في النهاية ضررا شديدا بحركة الاستثمار في سورية بالدرجة الاولى ويحد من النشاط الاقتصادي بكل قطاعاته»، كما يقول نضال معلوف.
لكنه يرى ان ابرام اتفاق شراكة بين سورية والاتحاد الاوروبي والذي يجري التفاوض بشأنه حاليا «يساعدنا على التخفيف من حدة آثاره السلبية».
وقال ان «اتمام الشراكة السورية الاوروبية له دلالات سياسية وهو بالتأكيد سيحسن صورة سورية في اوروبا وفي العالم»
العدد 407 - الجمعة 17 أكتوبر 2003م الموافق 20 شعبان 1424هـ