العدد 413 - الخميس 23 أكتوبر 2003م الموافق 26 شعبان 1424هـ

إدانة روائي أميركي مشهور بجريمتي قتل

سطوة الخمر أم عقدة فيتنام؟

انها قصة سيدتين ماتتا في فترتين زمنيتين مختلفتين وقارتين مختلفتين، ولكن في ظروف متشابهة ومشبوهة بشكل غريب وقريب من الرجل نفسه.

فأخيرا، بعد محاكمة هزت أميركا، أدانت هيئة محلفين الروائي مايكل بيترسون بالقتل بعد أن قررت كثرة القرائن ضده. ويقيم بيترسون في دورهام، كارولينا الشمالية ويتمتع بشهرة واسعة. فقد كان سابقا كاتب عمود في صحيفة يومية، ومرشحا لمنصب العمدة وبطلا لحرب فيتنام الذي قلّد أوسمة فضية وبرونزية في الشجاعة، كما أنه ألف ثلاث روايات ناجحة. كانت زوجته كاثلين - التي تصغره بعشر سنوات - مديرة تنفيذية للاتصالات ومضيفة مشهورة أيضا. ولكن الزواج السعيد بينهما انتهى بمأساة، بل تطور إلى قتل.

في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2001 أمضى الزوجان المساء في المنزل يشاهدان حلقة كوميدية ويشربان. وفي تلك الليلة لقيت كاثلين حتفها. وأكد الدفاع أن الوفاة كانت عرضية أثناء السكر، ولكن بعد أربعة أيام من النقاش، خلصت المحكمة إلى شيء آخر. فقد وجد بيترسون مذنبا بضرب زوجته حتى الموت، تاركا جثتها أسفل السلم غارقة في بركة من الدماء. وبينما كان يهم بإجراء مكالمة لطلب الطوارئ من أجل المساعدة الطبية تلوّثت ملابسه بالدماء.

واعتقد شهود الادعاء الخبراء بأن بعض هذه الدماء ربما تناثرت على ملابسه أثناء شجار بين الزوجين، ولم تكن مجرد تلوّث من ملابس زوجته أثناء محاولته مساعدتها. وهكذا انتهت المحاكمة التي استمرت ثلاثة أشهر، وهي الأطول من نوعها في تاريخ دورهام وأسفرت عن ظهور دليل مثير ألهبت التكهنات وأسدل الستار على تلفزة المحكمة. وسيحاكم بيترسون تلقائيا بالسجن مدى الحياة دون اطلاق سراحه.

وعلى رغم الظروف المشبوهة لوفاة زوجته، فإن النتيجة ربما تتوقف على حادث سابق في ألمانيا، وهي وفاة المدرسة في القاعدة العسكرية الأميركية، اليزابيث راتليف في العام 1985. فقد وجدت جثتها هامدة أسفل السلم، وكانت قد شوهدت آخر مرة في شركة الكاتب (بيترسون)، تماما مثلما حدث لزوجته بعد 16 عاما. في تلك الفترة حكم على السيدة راتليف بأنها تعاني من جلطة سقطت من جرائها على السلالم. ولكن نبش رفاتها من القبر في تكساس العام الماضي بطلب من الادعاء، واستنتج الخبراء الشرعيون بأنها تعرضت للاغتيال. وعلى رغم أن الروائي لم توجه له تهمة بالقتل السابق في ألمانيا، ولم يقدم أي دافع في قتل راتليف، سمح للإدعاء بتقديم بينة عن القتل في هذه المحاكمة.

وتؤكد الحكومة باستمرار على أوجه الشبه بين القضيتين. إذ تساءل مساعدة وكيل المنطقة، فريدا بلاك في المداولات الأخيرة الأسبوع الماضي «هل تعتقدون حقيقة أن الصاعقة تضرب في المكان نفسه مرتين؟».

وأضافت هل تعتقدون حقيقة أن هذه مجرد مصادفة كبرى؟. وإذا كانت الوفاة الأولى هي أيضا عملية قتل قام بها بيترسون، فإنها ذات عواقب غريبة. فقد كان بيترسون مقربا من راتليف وأسرتها، إذ قام أخيرا بتبني ابنتيها، مارغريت ومارثا، وبعيدا عن كونهما ممن اتهموا إباهما بالتبني، تعلقت الفتاتان ببعضهما بعضا وهما تنتحبان شاردتا الذهن عندما نطق بالحكم.

واستقبل بيترسون القرار ببرود، ثم تحول ليقول لابنتيه وأفراد الأسرة الآخرين في المحكمة «إنني أحبكم» قبل أن يقتاد بعيدا. وأعلن محاموه أنهم سيستأنفون الحكم، قائلين إنهم متأكدون أن المحكمة العليا ستلغي الحكم.

وعلى رغم ان أوجه الشبه الغريبة للحادثتين في ألمانيا وكارولينا الشمالية، كان الحكم مفاجأة لكثير من المراقبين الذين يعتقدون أن الجريمة لن تثبت من دون سلاح قاتل.

وعلى رغم الادعاء جاء بعشرات الشهود الشهود ليدعم زعمه بأن السيدة بيترسون قتلت باستخدام قضيب إلا أنه لم يفلح في ذلك، ولم يكن هناك شهود عيان في الجريمة. وأقوى بينة تتركز في دافع واحد - ولكن حتى هذه تعتمد على نظريتين منفصلتين وغير ثابتتين.

الأولى هي أن بيترسون كان قلقا من الدين الضخم لبطاقة ائتمان زوجته وقتل كاثلين من أجل الحصول على وثيقة التأمين على حياتها والتي تقدر بنحو 1,4 مليون دولار بالإضافة إلى قلقه من احتمال أن عمل زوجته الذي تكسب منه كثيرا قد أصبح في خطر.

ولكن بينما تتكشف المحاكمة أكثر، ظهر هناك دافع آخر. فمن بين شهود الادعاء ذكر أحدهم أنه تبادل رسائل جنس شاذ مع بيترسون. دلالة ذلك أن الكاتب قام بقتل زوجته في شجار أثناء السكر بعد أن اكتشفت حياته المزدوجة. وكان مستوى الكحول في دم كاثلين وبيترسون بنسبة 0,07 في المئة، أي أقل من الحد القانوني في كارولينا الشمالية. ولكن أصر الدفاع أن هناك تفسيراَ بريئا للعلاقة الجنسية الشاذة المزعومة: إذ إن بيترسون كان يعد كتابا عن الشواذ في الجيش الأميركي.

ويتمثل النجاح الأدبي الأولي لبيترسون في روايته «التنين الخالد» وهي عن فيتنام القرن التاسع عشر. وتحكى روايتان أخريتان هما «زمن الحرب» و«السلام المر» عن تجربة كفاحه في البلد.

كانت الخدمة العسكرية بحد ذاتها مفارقة. على رغم أن بيترسون قال إنه لديه اعتراضات جادة عن الحرب، إلا أنه عمل جنديا بالمارينز. وفسّر أخيرا دافعه في ذلك بأنه شبيه بدافع ارنيست همنغواي: جهد لكسب خبرة أولية عن المعركة من أجل أن يعطي موثوقية وأصالة لرواياته

العدد 413 - الخميس 23 أكتوبر 2003م الموافق 26 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً