الأفلام الرائجة مثل فيلم The Matrix Reloaded تنتزع العناوين الرئيسية في الصحف، فكيف يمكن لفيلم كارتوني عن سمكة صغيرة ان يصبح اكثر الأفلام ايرادا على شباك التذاكر الأميركية.
هناك لحظات قوية التأثير في فيلم الصور المتحركة الذي انتجته شركة بكسار أخيرا Finding Nemo. بطل الفيلم، السمكة مارلين (بصوت البرت بروكس)، يلتقي مع ثلاث سمكات قرش جائعات يقودهم بروس (باري همفريز)، سمك قرش أبيض كبير ذو ابتسامة عريضة تمتلئ بالأنياب لا يستطيع أن يتخلص من إدمانه على تناول الطعام الشهي الذي يعيش في المحيط. بروس الذي يصاب بالاهتياج لمجرد أن يشم رائحة الدماء، يحاول ان يقنع مارلين بالاسراف في الشراب، ولكن السمك الصغير لا يستجيب له. المعركة التي دارت بين السمك الصغير والوحش الكبير مثلت معركة ظلت ثائرة على شباك التذاكر الأميركية طوال الأشهر القليلة الماضية. ففي الوقت الذي حاولت فيه أفلام ضخمة مثل The Matrix Reloaded، Terminator 3،Charlies Angels: Full Throttle، X-Men 2، The Hulk أن تفوز بالمنافسة، فان فيلم Finding Nemo سبقهم جميعا ليصبح أعلى الأفلام إيرادا لهذا العام. فقد وصلت إيراداته إلى أكثر من 275 مليون دولار في شمال أميركا لوحدها. وهناك توقعات أن يتغلب على فيلم The Lion King الذي وصلت إيراداته إلى 328,5 مليون دولار ليصبح أفضل أفلام الكارتون على الإطلاق في الولايات المتحدة.
فلماذا يحقق هذا الفيلم الذي يدور حول سمك صغير يبحث عن ابنه المفقود (الذي اختطفه طبيب أسنان من سيدني، والذي يحتجزه في حوض سمك مائي) كل هذه الشهرة والنجاح منذ فيلم Jaws للمخرج سبيلبيرغ الذي عرض في السبعينات. ان مزيج شركة بيكسار المألوف من الذكاء والابداع هو سر نجاحها.
ان فيلم Finding Nemo الذي يقدم شخصيات مثل السلاحف التي تركب الأمواج، الطيور المائية الثرثارة، سرطانات البحر الساخرة، وسمك السيلان الكثير النسيان، ينجو بأعجوبة من العواطف التي يمكن لها ان تغرق مثل هذه المحاولة. بلوحاته البحرية ذات الألوان القزحية والصور المدهشة، كصورة جيش متكتل من قناديل البحر ذات الشوارب الطويلة، فان هذا الفيلم يقدم شعور بالمتعة البصرية والجمالية نفسها التي يتوقعها المشاهد من فيلم توثيقي يتحدث عن التاريخ الطبيعي مثل فيلم Blue Planet. وبمعرفة منتجي الفيلم بجمهورهم المستهدف، فقد قدموا نظرة تتناسب مع إدراك الأطفال.
الأشرار هنا هم ابنة أخت طبيب الأسنان دارلا المدللة التي ترتدي جهاز تقويم اسنان، والفتاة البالغة العنيفة التي ترتدي قميص روك اند رول، والتي تحمل تاريخا في الاعتداء على الأسماك. وكلما تظهر، نسمع موسيقى ذعر شبيهة بتلك التي يتم تركيبها على المشاهد التي تصور المعتوهين والمعقدين نفسيا.
وفي الوقت الذي حاولت فيه الأفلام الأخرى ان تخدع المشاهدين وتبهرهم، لتجذب نسبة كبيرة من المشاهدين، لترى تراجع ايراداتها، فان Finding Nemo اكتسح دور السينما الأميركية لأكثر من ستة أسابيع. ويشير محلل شباك التذاكر التابع لشركة Screen International روبرت ميتشيل الى هذا الأمر قائلا «أفلام الأطفال دائما تستمر لفترة أطول في دور العرض لأن الأطفال يشاهدونها أكثر من مرة».
حصل هذا الفيلم على الكثير من الحماس من قبل الكثيرين، بينما كانت ردود أفعال المشاهدين لأفلام مثل The Hulk وغيرها، متباينة. هذه الأفلام تحمل توقعات كبيرة، لم تتحقق للكثير من الأشخاص، ومع وجود ردود الأفعال هذه، فان الأشخاص الذين لم يشاهدوها عند بدايات عرضها لم يتشجعوا لمشاهدتها لاحقا». هناك عوامل أخرى يجب وضعها بعين الاعتبار. الحياة البحرية يمكن أن تصبح مثيرة ولكن التوقيت هو أساس كل شيء.
هناك فيلم آخر متوقع وهو Sharkslayer الذي تنتجه الشركة المنافسة لبيكسار، دريم وركس، وهو فيلم يتحدث عن مجموعة من المخلوقات الطيبة التي تعيش تحت الماء، وسيشارك في تقديم اصوات الشخصيات فيه روبرت دو نيرو، ويل سميث، رينيه زيلويغر، مارتين سكورسيسي (الذي يلعب دور القرش).
الأمر المهم هنا هو أن فيلم بيكسار قدم ملحمته المائية أولا، أما Sharkslayer فلن يكون جاهزا حتى العام المقبل. الأهم من ذلك كله هو أن Finding Nemo هو الفيلم الأول الذي تطرحه شركة بيكسار في موسم الصيف، لكنه مع أفلام أخرى قدمتها الشركة مثل Toy Story، Inc Monsters فاق التوقعات.
(خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط»
العدد 415 - السبت 25 أكتوبر 2003م الموافق 28 شعبان 1424هـ