هل يجب إنشاء مؤسسة تأمين دولية تتولى مساعدة الدول الفقيرة على التخفيف من آثار المخاطر المرتبطة بالمناخ؟ هل يجب أن تحصل الدول المتضررة على تعويضات عن الخسائر التي لحقت بأهدافها التنموية بسبب أحداث مناخية مثل الجفاف؟ كانت هذه من بين المفاوضات الصعبة التي دارت خلال محادثات الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ المنعقدة في كوبنهاغن.
وكانت الإحصاءات الجديدة المتعلقة بالكوارث والتي تم الإعلان عنها في كوبنهاغن يوم 14 ديسمبر/ كانون الأول أظهرت أن الأحداث الجوية المتطرفة والأخطار الطبيعية أودت بحياة آلاف الأشخاص وألحقت أضرارا متفاوتة بملايين البشر وكلفت بعض الاقتصاديات مليارات الدولارات، ما يلقي الضوء على ضرورة مساعدة الدول الفقيرة على التكيف الآن، حسب الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية ميشيل جارو.
وتم الإعلان عن البيانات الخاصة بتأثير الكوارث على المستوطنات البشرية من قبل منظمة الصحة العالمية البلجيكية بالتعاون مع مركز أبحاث وبائيات الكوارث. وكانت 224 كارثة من بين الكوارث الـ 245 التي شهدها العالم العام 2009 كوارث مرتبطة بالمناخ ألحقت أضرارا بنحو 55 مليون شخص من بين 58 مليون متضرر جراء الكوارث.
كما أودت الكوارث المرتبطة بالمناخ بحياة 7.000 شخص من أصل 8.900 لقوا حتفهم بسبب كوارث وتسببت في خسائر اقتصادية بلغت 15 مليار دولار من بين الخسائر الاقتصادية الإجمالية للكوارث والبالغ مجموعها 19 مليار دولار، حسب البيانات الصادرة عن مركز أبحاث وبائيات الكوارث للفترة من يناير/ كانون الثاني حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.
وأشارت بعض أكثر الدول عرضة لخطر الكوارث إلى أنها تفتقر للقدرة والتكنولوجيا والتمويل اللازم لتعزيز استجابتها للأحداث المناخية الآخذة في الشدة مثل الفيضانات وحالات الجفاف.
وقال منسق سياسات التكيف مع تغير المناخ في الصندوق الدولي للطبيعة سانديب شاملينغ ري، إن هذه الأمور جزء من منظومة التكيف “التي تعتبر جيدة ولكن التقدم فيها بطيء جدا”. كما أكدت بعض الدول أنها “لا تبحث عن التمويل وإنما عن المعرفة”، على حد تعبير ممثل عن أحد البلدان الأقل نموا.
وعلى الرغم من أن الجفاف يشكل أقل من 20 في المئة من كل الكوارث المسجلة في إفريقيا خلال أربعة عقود على الأقل إلا أنه المسئول عن 80 في المئة من مجموع المتضررين، حسب مديرة مركز أبحاث وبائيات الكوارث ديبارتي غوها سابير. وكانت معظم الكوارث المرتبطة بالمناخ عبارة عن فيضانات، وسجلت آسيا أكبر عدد منها.
تكمن المشكلة في نظر بعض الدول في أن هذا الاقتراح سيصبح وثيقة ملزمة قانونا بمجرد التصديق عليه وقد تكون لنصه تشعبات عديدة بحيث يصبح كل من غمرت مياه البحر بيته مؤهلا للحصول على التعويض وتعتمد مسودة النص الخاص بالتكيف على ثلاث ركائز وهي: خطة العمل الخاصة بالتكيف، الخطر والتأمين ثم التعويض وإعادة التأهيل، حسب شاملينغ ري. وما زالت الاقتراحات المقدمة لآليات التأمين والتعويض قيد المفاوضات. فوفقا شاملينغ ري “تكمن المشكلة في نظر بعض الدول في أن هذا الاقتراح سيصبح وثيقة ملزمة قانونا بمجرد التصديق عليه وقد تكون لنصه تشعبات عديدة بحيث يصبح كل من غمرت مياه البحر بيته مؤهلا للحصول على التعويض”.
وستتضمن إحدى آليات التأمين المقترحة في نص التكيف تقديم الدعم التقني لمساعدة الدول على إدارة المخاطر والوقاية منها بالإضافة إلى تقديم الدعم لمخططات برامج التأمين المتناهية الصغر الداعمة للفقراء ولكن كل هذه الاقتراحات تحتاج للتمويل.
شكلت قضية التمويل اللازم لمساعدة الدول الفقيرة على التكيف موضوع جدال آخر، حيث يضم نص المفاوضات تمويلا يتراوح بين 0.5 و1.5 في المئة سنويا من الناتج المحلي الإجمالي للدول المتقدمة خلال الفترة من 2012 حتى 2020. في حين تطالب الدول الفقيرة بالتعهد بأموال تكيف تفوق بكثير أموال المساعدات الرسمية.
وحسب مدير السياسات ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أولاف كجورفين، شكل التمويل الحلقة الأضعف في السلسلة. “فهناك إجراءات مثبتة لخفض الخسائر المأسوية للكوارث المرتبطة بالمناخ، مثلأنظمة الإنذار المبكر وقوانين الأمان في البناء والبنى التحتية المقاومة والخطط الحكومية للاستجابة للأزمات والكوارث”.
من جهتها، أفادت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالحد من خطر الكوارث مارغريتا والستروم أن الاستثمار في الوقاية من خطر الكوارث بدأ بالفعل يؤتي أكله في بعض الدول المعرضة لخطر الكوارث كما أن عدد الوفيات الناتجة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ بدأ يشهد انخفاضا.
العدد 2659 - الخميس 17 ديسمبر 2009م الموافق 01 محرم 1431هـ