العدد 514 - الأحد 01 فبراير 2004م الموافق 09 ذي الحجة 1424هـ

تفاصيل لقاء أميركي مع عناصر قيادية في المقاومة العراقية

كشفت مصادر عراقية مطلعة عن اتصالات ومفاوضات تجرى بسرية تامة بين عناصر قيادية في المقاومة العراقية المسلحة ضد القوات الاميركية. واوضحت هذه المصادر ان ضابطا أميركيا برتبة مقدم ابتدأ هذه المفاوضات من دون علم الجنرالين سانشيز وابي زيد، وانها تتم بمعرفة البنتاغون في واشنطن. وقالت المصادر لـ «الوسط» أن مضمون هذه المفاوضات وطبيعة الصفقة المقترحة يحاطان بالتكتم الشديد.

وأوضحت هذه المصادر ان هذه الاتصالات والمفاوضات بدأت منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، ودشنها ضابط أميركي من أصول عربية برتبة مقدم التقى فيها ثلاثة ضباط عراقيين في بيت لعراقي وثيق الصلة بقوات التحالف، والذي رتب اللقاء مع الضباط العراقيين الثلاثة وكان احدهم برتبة عميد والآخران برتبة لواء إذ قدموا أنفسهم باعتبارهم من قادة المقاومة، وبينوا للضباط الاميركي ان معلوماتهم عما يجري في المنطقة الخضراء تفصيلية، وشرحوا باستخدام خريطة لهذه المنطقة، ووظيفة كل بناية ومن يستخدمها والاشخاص الذين يشغلونها وكيفية حركة القطعات الاميركية، وأشاروا الى حادثة وقعت قبل ايام من الاجتماع إذ عثر عضو مجلس الحكم العراقي (س) وعرفوه بالاسم على رسالة تهديد داخل سيارته بعد خروجه من اجتماع مع بول بريمر في القصر الجمهوري داخل المنطقة الخضراء.

الهدف منع الاستقرار

وكشفت المصادر المطلعة أن الضباط الثلاثة ابلغوا نظيرهم الاميركي أنه ليست هناك قيادة مركزية موحدة عراقية لكل عمليات المقاومة ضد الأميركيين والأجانب بل هناك قيادات عدة، كما أن هذه القيادات ليست في خدمة صدام حسين بالذات ولا تعمل من أجل إعادته إلى السلطة بل تسعى في الدرجة الأولى إلى تحقيق هدف رئيسي كبير هو منع قيام نظام جديد مستقر يكرس تقاسم السلطة والمسئوليات والصلاحيات على أسس تمنح الشيعة حصصا أكبر في الحكم وذلك للمرة الأولى منذ نشوء العراق.

غير ان الضباط العراقيين اعترفوا خلال اللقاء أن معظم المنخرطين في اعمال المقاومة هم من منتسبي الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص وأجهزة الأمن الخاصة التي كانت تشكل أعمدة نظام صدام حسين، فضلا عن بعض العناصر البعثية والكثير من ضباط الجيش العراقي، وأن هذه العناصر مع الوقت شكلت عشرات الشبكات والخلايا السرية الموزعة في مناطق مختلفة من البلد وخصوصا فيما يسمى؛ المثلث السني؛؛ الممتد من بغداد إلى الشمال، من أجل خوض حرب استنزاف طويلة ضد السلطة المحتلة الأميركية - البريطانية وقواتها وضد كل أنواع الوجود الأجنبي في البلد.

وأوضحوا ايضا أن هناك تعاونا في بعض المدن والمواقع بين عناصر هذه الشبكات والخلايا وبين المقاتلين الأجانب الذين دخلوا العراق لمحاربة الأميركان، لكن دور هؤلاء المقاتلين غير العراقيين محدود بالمقارنة مع الدور الذي تلعبه العناصر المنتمية إلى النظام السابق.

وبحسب المصادر أكد الضباط العراقيون خلال اللقاء ان معظم العناصر القيادية في المقاومة يهمها أن تثبت وجودها في الساحة العراقية وأن تدفع المسئولين الأميركيين إلى التعاطي والتفاوض معها سواء لإشراكها في تركيبة الحكم الجديد أو لتسليمها مسئوليات معينة في المرحلة المقبلة أو للتوصل إلى تفاهمات مع الأميركيين خصوصا في ضوء قرار السلطة المحتلة حل وإلغاء الجيش والحرس الجمهوري وأجهزة النظام السابق وتسريح أفرادها، ما جعل أكثر من 700 ألف شخص مع أفراد عائلاتهم عاطلين عن العمل دون مداخيل ثابتة.

وكشفت المصادر ان دور الضابط الاميركي كان توجيه الاستفسارات والاستماع الى ما يدلي به الضباط العراقيون، اكثر من خوض نقاش او حوار تفصيلي او الوصول الى صيغة صفقة او اتفاق من نوع ما مع هؤلاء الضباط. ولكن المصادر أكدت ان معلوماتها تفيد انه جرت لقاءات متعددة مع بعض عناصر المقاومة او قياداتها لكنها لا تعرف الى اين وصلت. ولكنها أشارت إلى ان الضابط الاميركي حال الانتهاء من هذا اللقاء ذهب الى المنطقة الخضراء وطلب الاتصال بالجنرال جون ابي زيد وحدثه هاتفيا عما جرى في اللقاء، الا انه بعد ان انهى حديثه رفض الجنرال ابي زيد التعليق، وقال «انني سأفترض عدم سماعي أي شئ. واذا كان لديك رغبة، فأكتب ما حدث تحريريا، وإلا فإنني لن أتخذ أي إجراء».

وعلقت المصادر ان موقف الجنرال أبي زيد كان مفهوما لأن التعليمات لديه من قبل مراجعه في البنتاغون هي أن يسهل مهمة الضابط الاميركي الذي يحمل رتبة مقدم دون الغوص في تفاصيل مهمته، سيما وان حضور هذا الضابط الاميركي في نوفمبر الماضي الى بغداد كان غير مرحب به من قبل قيادات الجيش الاميركي في العراق. ولم يكن ذلك بسبب طبيعة مهمته، ولكن بسبب الخلفية التي يمثلها، فهو أصلا ذو نزعة أكاديمية وقد قام بتدريس مادة الارهاب في كلية الحرب الاميركية، وكان ملما بشكل ممتاز. وفي فبراير/ شباط 2003 استدعي الى وزارة الدفاع لاغراض الاستشارة في موضوع حرب العراق. وكانت آراؤه محل استهجان من الكثير من المسئولين داخل الوزارة، ولكن طلب منه اعداد محاضرة لقيادة وزارة الدفاع عن موضوع مستقبل ما بعد الحرب في العراق. وكانت محاضرة فجر فيها الضابط قنبلة كبيرة إذ انتقد فيها قرار الحرب القادمة وأوضح ان هنالك الكثير من المشكلات التي ستحدث في عراق ما بعد الحرب. وقد اثارت هذه المحاضرة عاصفة كبيرة من انتقادات الحاضرين، وهرع الكثير من الاشخاص الى هذا الضابط طالبين منه التوقف عن الادلاء بهذه الاراء، وان ذلك قد يضر بمصلحته ويعرقل ترقيته. ولكن في سبتمبر/ايلول 2003 طلب منه التوجه الى بغداد ومحاولة سبر امكانية معرفة العناصر التي تدير شبكة الهجمات التي تنفذ ضد القوات الاميركية ومحاولة معرفة اهدافها وتوجهاتها.

وأكدت المصادر ان الضابط الذي حضر الى بغداد في شهر أكتوبر/ تشرين الاول لبدء مهمته، غادرها عدة مرات الى واشنطن، وكان آخرها نهاية الشهر الماضي عشية اعياد الميلاد، ولا يعرف إذا كان سيعود أم لا الى بغداد»، من دون ان توضح المصادر آخر ما تحقق بشأن نتائج مهمته

العدد 514 - الأحد 01 فبراير 2004م الموافق 09 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً