أكد الزعيم اللبناني الدرزي وليد جنبلاط في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» أمس (الأحد) أن «ثلاثة ارباع الطريق باتت مفتوحة» بينه وبين سورية، مؤكدا خروجه من قوى 14 آذار وتموضعه في «الوسط» في السياسة اللبنانية.
وقال جنبلاط من قصره في المختارة في منطقة الشوف الجبلية (جنوب شرق بيروت) إن «ثلاثة أرباع الطريق بيني وبين دمشق أصبحت مفتوحة وطبيعية، وتبقى الخطوة النهائية وهي مرتبطة بالوقت المناسب». وأوضح أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي تصالح معه جنبلاط أخيرا غثر خصومة استمرت أعوام، يعمل على تعبيد طريق الزيارة إلى العاصمة السورية، رافضا القول ما اذا كانت دمشق تضع شروطا للزيارة او ترفض استقباله حتى الآن.
وعما إذا كان سيذهب غلى حد الاعتذار من سورية في حل تقررت الزيارة، قال «كل شيء في وقته. سارد على هذا السؤال في الوقت المناسب». وذكر جنبلاط في مقابلته بأنه كان حليفا لسورية بين 1977، تاريخ بدء عمله السياسي، و2004، مشيرا إلى أن «اول توتر مع السوريين حصل في 2004 عندما أصرت دمشق على التمديد للرئيس اللبناني السابق إميل لحود».
وكرر رئيس الحزب الاشتراكي أنه «عضو سابق في قوى 14 آذار» التي فازت بأكثرية مقاعد المجلس النيابي في الانتخابات الأخيرة، واضعا نفسه في «موقع وسطي». وتابع «عندما توافقنا على حكومة الوحدة الوطنية، بات علينا أن نخرج من الخنادق السابقة».
وأشار إلى أن أحداث السابع من مايو/ أيار التي تسببت بسقوط أكثر من مئة قتيل نتيجة معارك في الشارع بين أنصار قوى 14 آذار وقوى 8 آذار وأبرز أركانها حزب الله شكلت «صدمة» و»درسا»، «وقد تجنبنا بإعجوبة حربا طائفية». وأقر بأن التحول الأخير في مواقفه لا يلقى تاييدا شعبيا واسعا، مضيفا «من أجل الحفاظ على السلم الأهلي سأضحي بكل شيء بغض النظر غذا كانت القرارات شعبية أم لا».
وأشار جنبلاط إلى نقطتين لا تزالان عالقتين مع العاصمة السورية. وقال «يبقى خطاب شخصي ضد (الرئيس السوري بشار) الأسد أدليت به ولا بد من إيجاد صيغة لإيضاحه إذا ذهبت إلى دمشق»، معتبرا أن خطابه في 14 فبراير/ شباط2007 «كان عنيفا جدا ضد شخص الأسد. كما أن هناك تصريحا أدليت به غلى صحيفة «واشنطن بوست» اعتبره السوريون إهانة لنظامهم».
وكان جنبلاط شن أعنف هجوم على الرئيس السوري في الذكرى الثانية لاغتيال الحريري واصفا إياه بأنه «كذاب» و»مجرم» و»سفاح» و»طاغية».
وفي تصريح إلى «واشنطن بوست» في يناير/ كانون الثاني 2006، تساءل جنبلاط لم لا تساعد واشنطن المعارضة السورية كما ساعدت المعارضة العراقية. وتم تفسير هذا الكلام على أنه دعوة لاجتياح أميركي لسورية. وقال جنبلاط لـ «فرانس برس»، «أعتقد أن عليّ أن أوضح ذلك في الوقت المناسب، ليس الآن».
إلا أن جنبلاط أكد أنه «غير نادم» على مواقفه خلال ألآعوام الأربعة الماضية. وقال «قررنا دفن الخنادق القديمة. حان الوقت لنقول: حسنا، سنكتب بفخر تاريخ 14 مارس الذي قاد إلى الاستقلال، إنما في الوقت نفسه لدينا جار قوي اسمه سورية علاقاتنا معه تاريخية، لا يمكننا تجاهله ويجب احترامه». وأضاف «هذه هي السياسة. إنها عبارة عن مراحل ودورات. «لقد أنجزنا الكثير ضمن قوى 14 آذار، إنما لا يجب طلب المستحيل».
وقال جنبلاط بشأن مسألة الوراثة السياسية «هذا هو لبنان. لا أعتقد أن لدى تيمور(نجله 27 عاما) خيارا غير الاستمرار بتحمل المسئولية». أما المستقبل والمصير، فيركن جنبلاط إلى «القدر»، ولو أن لديه أحلاما في حال خروجه من العمل السياسي. وقال «قد اشتري منزلا صغيرا في النورماندي (فرنسا) أو النرويج وأعكف على كتابة مذكراتي».
غير أن جنبلاط مسكون بهاجس التاريخ وهم الطائفة الدرزية التي تشكل نسبة 6 في المئة تقريبا من سكان لبنان الأربعة ملايين، فاستدرك قائلا «أود أن أرى ذلك يتحقق، لكنني أود أيضا، إذا ما انتقلت يوما إلى النورماندي، أن أرى المختارة في أيد أمينة مع ابني».
العدد 2691 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ