عادة ما تتمخض الأزمات عن رؤى واضحة بينة، ليست كتلك التي كانت قبلها.
ونحن نرى في التوجه القائم نحو مقاضاة الوزراء ظاهرة إيجابية تعزز حق الشعب في محاسبة القائمين على خدمته من مسئولين وتنفيذيين، واللذين أغرتهم المناصب والسلطة وامتيازاتها فعزفوا عن التوقف أمام التجاوزات والمحاذير القانونية والدستورية، بل إنهم غالبا ما ينظرون إلى لوائح وقوانين وأنظمة المساءلة والمقاضاة على أنها لاتزال رهينة الأوراق وملفات الأنظمة ولم يحن وقتها بعد.
إن الحراك الجديد الذي يتحرك اليوم بجدية وصرامة لمواجهة تجاوزات المسئولين والتنفيذيين للقوانين والأنظمة، لا يعني بالضرورة التجريم بقدر ما يعني ترسخ الحق الشرعي للمواطنين في المحاسبة والمساءلة. فنحن في البلديات مثلا، لا نرى في التوجه نحو مقاضاة الوزير أي تجريم أو محاولة لفضح حركة فساد لا سمح الله، وإنما الهاجس الأكبر كان في تغلغل الخوف لدى أعضاء المجالس البلدية بأن إصرار الوزير واعتماده على تفسير أحادي من جانبه للقانون دونما مرونة والمتمثل في تفسيره وتفسير مستشاريه أفرز أزمة حقيقية مخالفة لمنهجية الإصلاح وفلسفة المجالس البلدية.
نعم... إن التفسير المنفرد من قبل الوزير ومستشاريه كان ولايزال معوقا للعمل البلدي وهو يعني أن العمل البلدي لن يراوح مكانه بغير موافقة الوزير مع تفصيلاته وحيثياته. وباختصار واضح، إن الوزير بإمكانه أن يرفض ما يريد أو يقبل ما يريد ولاسيما في المسائل ذات العلاقة بحيوية العمل البلدي وهو مخالف لتوجه جلالة الملك الذي يريد أن تدار أمور البلدية بإدارة شعبية وعبر الوعي البلدي. لذلك نقولها بصراحة ووضوح إن التوجه البعيد عن الغوغائية والذي يهدف إلى خلق التوازن والعمل على ضبط المعايير والمقاييس في مقاضاة الوزراء أمر ضروري وحيوي لأنه سيكون الأكثر فاعلية وقدرة على فصل الخصام وعدم إبقاء المشكلات مربكة مزعجة من دون حل. نقول بملء الفم: نعم لمقاضاة الوزراء في كل ما من شأنه مصلحة الوطن والمواطنين.
رئيس بلدي الوسطى
إبراهيم حسين
العدد 490 - الخميس 08 يناير 2004م الموافق 15 ذي القعدة 1424هـ