أسألك بالله يا من أنت متألم لاعتقال صدام الطاغية ويا من تريد أن تترافع عنه في المحاكم هل تألمت لمن فقدوا الغالي والنفيس؟ هل تألمت لمن ليس لهم أبوان وأهل سوى رحمة الله؟ هل تألمت لمن عاشوا خارج بلادهم حتى الوفاة؟ هل تألمت لموت متنبي العصر «الجواهري» رحمه الله الذي كان يتمنى أن يدفن في العراق والذي طالما تغنى بقوله:
يا دجلة الخير يا أم البساتين
حييت سفحك من بعد فحييني
وهل جعلت مهنة المحاماة دفاعا عن الظلمة والمفسدين؟ أليس العكس هو الصواب؟
والله تبكي العيون دما ويتقطع القلب شجى حين نسمع مثل هذا الكلام من الذين يستكثرون على العراق الاستقرار والفرحة. بغض النظر عمن أسقط صدام أو من اعتقله أو الهدف من وراء ذلك. ولكن أليس ما يجري هو في مصلحة العراق؟ فلن يفعل احد أكثر أو حتى مثل ما فعله ذلك الطاغية المجرم صدام.
اكرر السؤال لمن يتألم لصدام هل تألمت لحربه على جارته ايران وفعل ما فعل من دون ذنب؟ أو تألمت للكويت التي جاءها في عتمة الليل وغزاها من دون سبب. أو للدول العربية وخصوصا الخليج؟ أو لجنوب العراق الذي فقد ما فقد غير المهجرين والمعوقين وآلاف القتلى؟ أو حلبجة الذي دمرها بالكيماوي؟ والله لينفد حبر القلم وتتعب الاصابع حين تريد الكتابة عن أهل العراق، بلاد الثقافة العريقة وما عاشوه من مآس، ومن فقدوا الرحمة يأتون الى الشعب الجريح يستنكرون ويتألمون. وإن كانت الحجة هي التعامل مع الأميركان فهي باطلة، فمن منا لا يتعاطى مع اميركا فضلا عن قواعدها العسكرية الموجودة في كل مكان؟ هل توقفت كل تلك الاجراءات الآن على العراق التي عانت الأمرين من ذلك اللعين المجرم؟ صحيح كل انسان له قناعته الخاصة في أي موضوع ولكنه يحتاج إلى ضمير واع ومدرك لمجريات الأمور ويستطيع التمييز بين الجلاد والضحية حتى يتسنى له الجواب عن جميع الأسئلة المطروحة. وفي آخر الحديث أتمنى للعراق كل الأمن والتقدم والازدهار والرقي.
إبراهيم جمعة
العدد 490 - الخميس 08 يناير 2004م الموافق 15 ذي القعدة 1424هـ