كنا نتصور ان كلمتي «يسقط» و«يعيش» قد اختفتا من الحياة السياسية العراقية، فيما بات يعرف هذه الايام بالعراق الجديد.
والسبب ان هذا «النفس» - بفتح النون والفاء - فيه نزعة استئصالية للرأي او الطرف الآخر، بغض النظر عن احقية هذا الطرف او ذاك، او صوابية المواقف المتخذة.
والمتابع للعمل السياسي العراقي المعارض طيلة العهود السابقة، يجد انه كان «مكملا» - من وجه - لممارسات السلطات الحاكمة التي ما فتئت تقسم الشعب العراقي بين موال للحكومة يجب ان يحتضن ويدعم بشتى الامكانات، وبين معاد لها - لا معارض - يجب استئصال شأفته وتدميره.
بعض الممارسات التي تتم في الساحة العراقية مازالت تذكرنا بـ «عقلية» الانظمة السابقة (من ليس معنا فهو علينا)، فالحراك السياسي الحالي محكوم بهذه الطريقة من التعاطي السياسي بين العراقيين، ولابد ان نتمرن على التخلص من هذه الحال ويتحمل بعضنا الآخر، اذا قدر لنا ان نعيش جميعا تحت سقف هذا الوطن.
وإلا فان اختلافا يحدث بين طلبة واعين - لابد ان تحسمه الشرطة - على رفع «علم» أو «صورة» أو «لافتة» ظاهرة تكشف اننا لم نتخلص بعد من تلك التركة الثقيلة، وأخشى ان تنعكس على بقية الممارسات السياسية.
والطلبة - كبقية الناس - بحاجة الى من يقتدون به من السياسيين، ليوسعوا صدورهم، ويتحملوا الرأي الآخر والتصرف الآخر، وعندما لا يجدون تلك القدوة فإنهم يستصحبون الحال القديمة في «طرد» الرأي الآخر والموقف الآخر، ومن يدري لعل البعض يغذي نزعة «التصدي» و«استعراض العضلات»، ليحقق مكاسب - على الأرض - طالما الاجواء مساعدة في موسم «التيه».
ربما تسمية الامور باسمائها سيكون «توضيحا للواضحات»، ولكننا اذا نظرنا الى خريطة العراق- وربما اماكن من العالم العربي - سنجد هذه الظاهرة تكرر نفسها، في هذه المحافظة او تلك، مع استبدال «العلَم» باللافتة والصورة بالمنشور.
البعض في عجالة من أمره، يحاول «الحصاد» - بلا رحمة - وكأنه في سباق ماراثوني محموم مع الزمن، ليت هذا «الاهتمام» بالزمن كنا قد «ابتلينا» به من قبل بأبعاده الايجابية - وليس الموسمية -، عندها كنا سنوفر الكثير من الوقت والجهد والأموال والأنفس.
العراق - عصام حسن
العدد 490 - الخميس 08 يناير 2004م الموافق 15 ذي القعدة 1424هـ