العدد 495 - الثلثاء 13 يناير 2004م الموافق 20 ذي القعدة 1424هـ

هل تحتاج سورية إلى وساطة تركية ؟

صاحبت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى تركيا أحاديث كثيرة عن وساطة تقوم بها أنقرة بين سورية و«إسرائيل»، وذهبت تلك الأحاديث إلى تفاصيل تتعلق بالموضوع عندما سمت رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان للقيام بهذه المهمة، بل أن بعض التحليلات جعلت من إدخال تركيا وسيطا مع أميركا و«إسرائيل» هدفا رئيسا من أهداف الزيارة.

وإذا كان من الواضح بالاستناد إلى أهداف الزيارة ونتائجها، إن موضوع وساطة تركيا مع الطرفين الأميركي والإسرائيلي، لم يكن بين أجندة الزيارة، فإن من المؤكد أن دمشق ليست بحاجة إلى دور تقوم به تركيا في هذا الإطار، وهذا يستند إلى معطيات أساسية، لعل الأهم منها إن بين سورية والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية، وقد استقبلت دمشق أخيرا سفيرة جديدة لواشنطن، فيما كانت وزيرة شئون المغتربين السورية بثينة شعبان في جولة أميركية هدفها الاتصال بالأوساط الأميركية والتداول معها في شأن العلاقات الثنائية ومواقف واشنطن في الشرق الأوسط، والأمر الثاني في هذا الاتجاه، قيام دمشق باستقبال عدة وفود أميركية أخيرا بينهم أعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ، وقد التقى هؤلاء كبار المسئولين السوريين بمن فيهم الاسد ووزير الخارجية فاروق الشرع، وتم في هذه اللقاءات البحث في العلاقات وقضايا أخرى تهم الجانبين.

كما أن من بين دواعي عدم الحاجة إلى وساطة تركية، إن العاصمتين، دمشق وانقرة لهما مواقف معلنة إزاء مختلف القضايا والموضوعات التي تتعلق بمصالح الجانبين، وفي هذه المواقف ما هو مشترك، وآخر متعارض، وثالث بين الحالتين، وهناك نوايا مشتركة ومعلنة عن استمرار الحوار في مختلف القضايا، ولا يخفف من ذلك محاولة الأميركيين فرض املاءاتهم على دمشق، وصدور قانون محاسبة سورية باعتباره احد مؤشرات الضغط على سورية.

وبطبيعة الحال، فإن عدم الحاجة السورية الى وساطة تركية، تبدو أكثر تبسيطا، ذلك انه ليس ثمة ما يمكن التوسط به في الموضوع السوري الإسرائيلي، خصوصا بعد أن أطلق الأسد مبادرته الأخيرة لاستئناف المفاوضات مع «إسرائيل» من النقطة التي توقفت عندها في العام 2000، والتي رد عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، بأن استئناف المفاوضات ينبغي أن يبدأ من الصفر، ما يعني تراجعا إسرائيليا عما تم التوافق عليه وتجاوزه في المفاوضات السابقة.

الأهم في هذا الجانب، حقيقة انه ليس لدى حكومة شارون أي مشروع تسوية يقوم على التفاوض مع خصومها، والأحرى أن تبدأ مفاوضات إسرائيلية مع الفلسطينيين الذين يتزايد مأزق الحكومة الإسرائيلية معهم بسبب استمرار انتفاضة الأقصى وتداعياتها، وما تتركه من آثار على الإسرائيليين والفلسطينيين معا، أخذا بعين الاعتبار ضغوطات ومساعي القيادة الفلسطينية لبدء مفاوضات مع «إسرائيل» لإيجاد تسوية، تستند إلى ماتم التوصل إليه من اتفاقات ثنائية حظيت بدعم دولي وأميركي في أوقات سابقة وبينها خطة «خريطة الطريق»، التي تتملص حكومة شارون من تنفيذها بشتى الذرائع

العدد 495 - الثلثاء 13 يناير 2004م الموافق 20 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً