نفى وزير العدل جواد سالم العريض أن تكون تصريحاته الأخيرة - على ما جرى في جلسة مجلس النواب - انطوت على تشهير أو إساءة للمجلس وأعضائه.
وقال بيان صادر أمس عن مكتب الوزير: «الاختلاف في الرؤى يجب ألا يؤثر على قوة ومتانة العلاقة الوطيدة بين الوزارة ومجلس النواب»، مذكرا بأن الاختلاف في تفسير النصوص الدستورية أمر وارد.
المنامة - وزارة العدل
صرح وزير العدل جواد سالم العريض بأن ما نشر في تصريح الوزارة عن هذا الموضوع لا ينطوي على تشهير ولا إساءة لا إلى رئيس مجلس النواب ولا إلى أعضائه، ولا يعدو إلا أن يكون تعبيرا عن وجهة النظر القانونية في الموضوع عملا بمبدأ حرية الرأي والتعبير الذي كفله الدستور تحقيقا لمبدأ الشفافية. وأن الوزارة تُكِنُّ كامل التقدير والاحترام لرئيس وأعضاء مجلس النواب وأنها تحرص في كل الأمور والموضوعات التي ينظرها المجلس ولجانه على إبداء التعاون البناء مع المجلس بما يساعد على تحقيق الثمار المرجوة في المشروع الإصلاحي للقيادة الرشيدة.
وأضاف الوزير بأن الاختلاف في الرؤى يجب ألا يؤثر على قوة ومتانة العلاقة الوطيدة بين الوزارة ومجلس النواب، موضحا أن الاختلاف في تفسير النصوص الدستورية والقانونية أمر وارد في كل مكان ويجب ألا يكون هذا الاختلاف بشأن النصوص عقبة في سبيل تأكيد وترسيخ التعاون مع مجلس النواب وفقا لأحكام الدستور والقانون. واستطرد الوزير قائلا: إن مجلس النواب نفسه كان يناقش وعلى مدار دور الانعقاد العادي الأول وحتى بداية دور الانعقاد الحالي تقارير اللجان بشأن الاقتراحات بقانون، الأمر الذي يؤكد أن تفسير المجلس نفسه لنصوص لائحته الداخلية في هذا الصدد كان متفقا في دور الانعقاد الأول مع وجهة نظر وزارة العدل.
وفي هذا الخصوص أوضح الوزير أنه يرى أن الرأي القانوني في إجراءات نظر ومناقشة الاقتراحات بقانون طبقا للائحة الداخلية لمجلس النواب يخلص فيما يأتي:
1- أن المادة 95 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب تنص على أن «يحيل الرئيس الاقتراح بقانون إلى اللجنة لإبداء الرأي في فكرته، وللجنة أن تأخذ رأي مقدم الاقتراح قبل وضع تقريرها بشأنه. وتعد اللجنة تقريرا يعرض على المجلس متضمنا الرأي في جواز نظر الاقتراح، أو رفضه، أو إرجائه. وللجنة أن تشير على المجلس برفض الاقتراح بأسباب تتعلق بالموضوع بصفة عامة. فإذا ما وافق المجلس على نظر الاقتراح أحاله إلى الحكومة لتضع صيغة مشروع القانون».
ويبين من هذا النص أن إحالة الاقتراح بقانون إلى اللجنة المختصة وإن كان لإبداء الرأي في فكرته، إلا أنه ومتى كان التقرير الذي ينبغي وضعه من اللجنة في هذا الشأن وعرضه على المجلس بالتالي، هو لبيان الرأي في جواز نظر الاقتراح أو رفضه أو إرجائه، فإن النص في المادة ذاتها على أنه إذا وافق المجلس على نظر الاقتراح أحاله إلى الحكومة لتضع صيغة مشروع القانون». لا يمكن تصوره إلا بعد مناقشة هذا التقرير واستظهار وجه الصواب فيه لإمكان التصويت على قرار اللجنة بالموافقة أو الرفض عن بينة وإدراك للرأي والرأي الآخر.
2- أن المادة المذكورة وإن كانت لم تنص على إجراء أية مناقشة في تقرير اللجنة قبل أخذ الأصوات بشأنه، إلا أن ذلك لا يغير من الأمر شيئا إذ إن الأصل في وضع التقرير أنه قابل للمناقشة ما لم يقض النص بخلاف ذلك.
والدليل على ذلك أن اللائحة حينما ترى عدم الحاجة إلى المناقشة تنص على ذلك صراحة بلا لبس ولا غموض كما هو الشأن في نص المادة 105/2 مثلا المتعلقة بحال اقتراح التعديل على مشروع القانون إذ نصت هذه الفقرة من المادة على أن «... ويصدر قرار المجلس بنظره أو استبعاده (أي اقتراح التعديل) بعد سماع مقدم الاقتراح، إن كان لذلك محل، دون مناقشة».
3- ان إتاحة الفرصة للمناقشة في حال عدم النص على منعها، ومن ثم سماع الرأي والرأي الآخر يؤديان إلى إمكان التوصل إلى الرأي الصحيح أو الأقرب للصواب في الموضوع، وفي ذلك ما قد يغني من البداية عن صوغ مشروع القانون ثم رفضه من حيث المبدأ حال طرح مشروع القانون للمناقشة فيما بعد استنادا إلى المادة 104 من اللائحة الداخلية للمجلس.
4- ومما يؤيد الرأي بجواز المناقشة حال عرض تقرير اللجنة برأيها في فكرة الاقتراح بالقانون، أن عبارة «فإذا ما وافق المجلس على نظر الاقتراح...» التي استخدمها نص المادة 95 مثار الخلاف، تفيد ضمنا جواز المناقشة لأن حرف «ما» في هذه العبارة يفيد التعليق على شيء، وهو هنا المناقشة وليس مجرد التصويت على التقرير دونها والذي لا يجوز القول به بغير نص صريح بمنع المناقشة.
5- ولعله مما يقطع في هذا الخصوص أن المادة 73 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب والواردة في صدر الفصل الثالث من الباب الثالث فيها والمتعلق بأخذ الرأي وإعلان قرار المجلس، قد جرى نصها على أن «يأخذ رئيس المجلس الرأي على الموضوع المعروض فور إعلان قرار المجلس قفل باب المناقشة فيه وبعد التحقق من تكامل النصاب القانوني اللازم لصحة إبداء الرأي، إذ مفاد هذا النص أن كل موضوع معروض على المجلس للرأي، قابل للمناقشة بصريح عبارة تلك المادة، ما لم يكن هناك نص صريح على عدم المناقشة.
6- وفضلا عن ذلك فإن المادة 120 من اللائحة نصت على أنه إذا كان المشروع أو الاقتراح مؤلفا من مادة واحدة، اكتفي بتلاوته ومناقشته، ثم أخذ الرأي النهائي فيه مرة واحدة الأمر الذي يقطع بجلاء بجواز المناقشة ابتداء في الاقتراح بقانون قبل أخذ الرأي النهائي فيه.
7- ويزيد الأمر وضوحا أن ما تستشهد به الوزارة في هذا الخصوص هو المادة 54 وليس المادة 56، إذ جاءت تلك المادة أي 54 من اللائحة الداخلية للمجلس، قاطعة في الدلالة على أن للوزراء حق الكلام كلما طلبوا ذلك في جميع الموضوعات وجميع الحالات من دون قيد أو شرط، إذ يجري هذا النص على أن «...، ولا يتقيد الوزراء والمقررون بهذا الترتيب (أي ترتيب من يطلبون الكلام)، إذ يكون لهم الحق دائما في أن يتكملوا كلما طلبوا ذلك...»، أما المادة 56 فقاصرة على حال وجود متكلم أصلي في الموضوع، ففي هذه الحال لا يسوغ لأي من ممثلي الحكومة الكلام إلا بعد انتهاء المتكلم الأصلي من كلمته.
هذا بالإضافة إلى أن الفترة الثانية من المادة 56 ذاتها تقرر أنه «ولرؤساء اللجان والمقررين خلال المناقشة في الموضوعات الصادرة عن لجانهم الحق في الكلام كلما طلبوا من رئيس المجلس ذلك» وفي هذا النص ما يؤكد جواز المناقشة في جميع الموضوعات الصادرة من اللجان بما في ذلك التقارير الخاصة بالاقتراحات بقانون ما لم يكن ثمة نص صريح وقاطع يحول دون ذلك، وهذا الحق في الكلام من جانب رؤساء اللجان والمقررين هو ما يقابل حق الوزراء في هذا الخصوص.
واختتم العريض بالقول: إن نص المادة 93 من الدستور وهو العمدة والمرجع في هذا الصدد قد أجاز لرئيس مجلس الوزراء والوزراء حق حضور جلسات مجلس الشورى ومجلس النواب، ويستمع إليهم كلما طلبوا الكلام،... الخ. «وفي هذا النص العام والمطلق من أي قيد أو شرط ما يجيز للوزراء حق الكلام في أية موضوعات بما فيه الاقتراحات بقوانين».
ومن كل ما تقدم نرى أن نص المادة 95 من اللائحة الداخلية للمجلس لا تمنع من المناقشة في تقرير اللجنة المقدم بشأن الاقتراح بقانون
العدد 618 - السبت 15 مايو 2004م الموافق 25 ربيع الاول 1425هـ