استعرض الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري أوضاع الحريات العامة في البحرين، في ضوء التقارير الدولية التي أصدرتها منظمات حقوقية عالمية مثل: منظمة العفو الدولية، ومرصد حقوق الإنسان، وبيت الحرية في أميركا، كما ألقى العكري الضوء على تقرير وزارة الخارجية الأميركية بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين.
تحدث العكري عن تأثيرات بدء المشروع الإصلاحي في استقطاب الاهتمام العالمي في البحرين، إذ قال: «استأثرت أوضاع حقوق الإنسان في البحرين باهتمام الرأي العام العالمي عموما ومنظمات حقوق الإنسان خصوصا. وإذا كان هذا الاهتمام منصبا في التسعينات على الانتهاكات الجسيمة والواسعة لحقوق الإنسان ومحاولة الحد منها، فإن هذه المتابعة الآن تتركز على انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية في ظل ما هو معلن في مشروع إصلاحي وملكية دستورية. وانه وبصدور دستور 14 فبراير/ شباط 2002م فقد أضحت البحرين رسميا مملكة دستورية، وأن نظام الحكم فيها ديمقراطي ويقوم على مبدأ فصل السلطات الثلاث وتكاملها وأن الملك هو رأس الدولة ويرأس السلطات الثلاث وأن الشعب هو مصدر السيادة والسلطات جميعا»، كما أن هناك مشروعا إصلاحيا أطلقه الملك، متجاوبا في ذلك مع طموحات شعبه وتوافق الطرفين للخروج من الأزمة التي عصفت بالبلاد منذ حل المجلس الوطني وتعليق الدستور في 1975.
وأضاف العكري «على الجانب الأهلي هناك تباينات شديدة في تقييم المشروع الإصلاحي ذاته وافرازاته بدءا من الدستور وانتهاء بالحق في تسيير مظاهره. فهناك قوى محسوبة على النظام السياسي وهناك قوى معارضة وهناك قوى بين بين. كما أن الخلاف ينسحب على مفهوم هذه القوى لحقوق الإنسان والحريات العامة تحديدا، وإن كان هناك شبه اجماع على مبدأ الحق في ممارسة الحريات العامة ورفع سقفها وتوسيع مداها، وأيضا لم ينجح المجتمع في البحرين في إقامة ما يعرف بالهيئات الوطنية التي تضم تحالفا واسعا للتعاطي مع قضية وطنية استنادا إلى قاعدة متفق عليها فمثلا لم ننجح في إقامة مجلس وطني للحريات، يقوم بالدفاع عن الحريات العامة وتعزيزها ورصد انتهاكاتها من أي طرف كان.
تقرير الأمم المتحدة يقول «إن تطور الأوضاع إيجابيا في مجال حقوق الإنسان في البحرين، انعكس إيجابيا على تقارير أجهزة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان ومن ذلك ما يتعلق بالحريات العامة، ولا ننسى انتخاب البحرين رئيس دورة الستين للجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة يعود جزئيا إلى تحسن حال حقوق الإنسان في البحرين بشكل ملحوظ، أما السبب الثاني فيعود إلى أولويات منظمات حقوق الإنسان في البحرين فالجمعيتان عندهما أولويات تتقدم على رفع تقارير إلى أجهزة الأمم المتحدة وتكونان مقصرتين تحديدا في التعاطي مع المقرر الخاص للأمم المتحدة لحرية التعبير (عايد حسنين). كما أن المنظمات الدولية التي تستقي معلوماتها من المنظمات الحقوقية البحرينية وإن كانت تتبنى قضايا حقوق الإنسان في البحرين، إلا أنها لم تعد قضايا ملحة يتطلب طرحها أمام الأمم المتحدة مثلا.
ويلاحظ أن حضور المنظمات الحقوقية البحرينية في دورتي الأمم المتحدة السنوية لحقوق الإنسان محدود أو غائب خلال السنتين الماضيتين.
تصدر وزارة الخارجية الأميركية - مكتب حقوق الإنسان والديمقراطية والعمل، ثلاثة تقارير سنوية دولية هي: أوضاع حقوق الإنسان في مختلف بلدان العالم، والحرية الدينية، ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان. وسنتناول باختصار التقارير الأميركية الصادرة في 2004م: يمكن للطرفين المنتقد والمادح لسجل البحرين في مجال حقوق الإنسان أن يقطف من هذا التقرير وغيره من التقارير الأميركية ما يناسبه... ولا ننسى هنا أن البحرين حليف للولايات المتحدة وذات أهمية استراتيجية لها، كما اتخذت الولايات المتحدة البحرين مرتكزا في مشروع الشراكة الأميركية المتوسطية للديمقراطية وحقوق الإنسان ومجمل برامجها «الإصلاحية» في المنطقة، وتعتبرها نموذجا للإصلاح والتحول الديمقراطي.
وفيما يتعلق بالحريات العامة فإن التقرير تناولها بما يأتي: احترام الحريات الشخصية بما في ذلك حرية التعبير والصحافة، وامتدح التقرير ممارسة حرية التعبير والممارسة الصحافية ولكنه ذكر الانتقادات الموجهة إلى قانون الصحافة رقم 47/ 2002 والاعتراضات عليه، كما نشر ثلاث قضايا مترتبة على تعسف القانون اتهم فيها رؤساء تحرير ثلاث صحف وهم: رئيس تحرير الديمقراطي رضي الموسوي، ورئيس تحرير منصور الجمري «الوسط»، ورئيس تحرير أخبار الخليج أنور عبدالرحمن . كما تحدث التقرير عن إيقاف صحافيين عن الكتابة لانتقادهم الحكومة. كما ذكر عدم تغطية التلفزيون الحكومية حوادث الاحتجاجات وتحيزه للحكومة. وتحدث التقرير عن مصادرة كتب ومجلات من قبل وزارة الإعلام، وكذلك تحكم وزارة الإعلام للصحف عدى صحيفة «الوسط»، وحجبها بعض مواقع الانترنت الانتقادية، أيضا تحدث التقرير عن حرية التجمع السلمي وتأسيس الجمعيات، وامتدح التقرير ممارسة التجمعات والمظاهرات والاحتجاجات السلمية وعدم تدخل قوات الأمن باستثناء حالات تحولها لحوادث شغب ومنها المظاهرة الاحتجاجية ضد السفارة الأميركية في ابريل/ نيسان 2003.
كما ذكر قانون الحقوق السياسية الصادر في يوليو/ تموز 2002 وتأثيره السلبي على حرية التعبير والتجمع وحرمان الجمعيات السياسية من المشاركة في الحملات الانتخابية وترتب عليه انخفاض وتيرة الاجتماعات العامة، وتحدث عن حرية العبادة، وامتدح التقرير حرية غير المسلمين من مسيحيين ويهود وهندوس وسيخ في ممارسة عباداتهم في الأماكن الدينية الخاصة بهم. في الوقت ذاته ذكر التقرير سيطرة الدولة على المؤسسة الدينية الإسلامية. وعن احترام الحقوق السياسية، انتقد التقرير قانون الحقوق السياسية الذي يعتبر هذا الحق ونظرة الحكومة للأحزاب السياسية وتحكمها في توزيع الدوائر الانتخابية بما يضمن سيطرتها انتهاكا لمبدأ صوت واحد لشخص واحد المعروف في معظم الديمقراطيات، وامتدح التقرير الحرية الدينية التي يتمتع بها أبناء الطائفتين في ممارسة الحرية الدينية، واستعرض بالتفصيل ما تتمتع به الطائفة الشيعية في ممارسة طقوسها الدينية واستقلالية مؤسساتها، وذكر وجود محاكم شرعية لكل من الطائفتين، كما امتدح الحريات التي تتمتع بها الأقليات الدينية المسيحية بمختلف طوائفها ووجود كنائس ومدارس تابعة لهذه الطوائف وكذلك الأقليات: اليهود والسيخ والهندوس، إذ توجد معابد تابعة لهم يمارسون فيها عباداتهم، وحق المجموعات الدينية الأخرى في ممارسة طقوسها الدينية جماعات في بيوت خاصة، كما امتدح تعيين ممثلين عن الأقليتين المسيحية واليهودية في مجلس الشورى.
وتطرق العكري إلى تقرير منظمة العفو الدولية قائلا «قيّم التقرير إيجابيا تطورات أوضاع حقوق الإنسان منذ العفو العام الصادر في فبراير/ شباط 2001م. وانتقد التقرير قانون الصحافة 47/2002 لما ينطوي عليه القانون من تقييد للحريات وانتهاك المعايير الدولية الخاصة بحرية التعبير، وذكر التقرير حالات ترتبت على تطبيق القانون ومنها حجب بعض المواقع الالكترونية المعارضة ودعوى وزارة الإعلام ضد الصحافي حافظ الشيخ وحظر دخول ممثلي قناة الجزيرة في قطر، أما منظمة مرصد حقوق الإنسان فإنها عادة ما تختار عددا محدودا من البلدان ذات السجل السيئ لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي ولم تكن البحرين من بين هذه الدول في تقاريرها في السنوات الأخيرة لكن المنظمة أصدرت بيانات في عدد من المناسبات التي تتعرض فيها حقوق الإنسان لانتهاكات خطيرة، مثل قيام الحكومة بمنع انعقاد المؤتمر الدستوري في المكان المعلن والذي دعت إليه الجمعيات السياسية الأربع وكذلك ما رافقه من منع ضيوف المؤتمر من دخول البحرين وإرجاعهم إلى بلدانهم، وعن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، قال العكري: هذه المنظمة عبارة عن اتحاد لمنظمات حقوقية وطنية مستقلة ولذلك فهي لا تصدر تقريرا عن مختلف البلدان ولكنها تعيد نشر بعض التقارير التي تصدرها المنظمات الأعضاء. وتنشر كتابا سنويا يحتوي على البيانات التي يصدرها «المرصد» المشترك مع المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب وقد تضمن تقريرها للعام 2002 عرضا لبعض المراسيم بقوانين والتي تقيد حقوق الإنسان ومنها الحريات العامة ومنها قانون الصحافة 47/2002 وقانون العفو العام 56/2002.
كما أن الفيدرالية أصدرت بيانا تفصيليا يتعلق بالاعتقالات بحق عدد من النشطاء السياسيين المهتمين بجمع التوقيعات للعريضة الدستورية وكذلك تهديد وزارة العمل بإغلاق مركز البحرين لحقوق الإنسان، وطالبت بإطلاق سراحهم وإلغاء التهم الموجهة ضدهم وتعديل قانون الجمعيات بما يتماشى مع إعلان الجمعية العامة للمدافعين عن حقوق الإنسان الصادر في 9 أكتوبر/ تشرين الأول.
أما تقرير منظمة بيت الحرية في أميركا فذكر أن هناك قوانين تجعل الحكومة تتحكم في ترخيص الجمعيات وتعطيها الحق بتحريم الأحزاب ولكن الواقع هو وجود الكثير من مجموعات الضغط بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان، وأصدر الملك قانونا مهما في سبتمبر/ أيلول العام 2002م يصبح بموجبه إقامة اتحادات عمالية مستقلة من دون ترخيص حكومي، لكن صوغ شروط الأحزاب تجعله شبه مستحيل.
وجاء ترتيب البحرين في المرتبة العاشرة من بين تسع عشرة دولة من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وجاء ترتيبها في المرتبة 155 من بين 193 دولة وحازت على 70 نقطة سلبية وصنفت في المحصلة أنها غير حرة.
إسكان سلماباد - عقيل ميرزا
يبدو أن العمل الاجتماعي كان أول القاطنين في إسكان سلماباد الذي استقرت فيه 277 أسرة بحرينية من مختلف مناطق البحرين قبل أقل من عام، إذ نجحت مساعي عدد من الأهالي في تأسيس صندوق خيري ولجنة دينية ثقافية لمنطقة حديثة العهد في وقت مبكر جدا.
وأجرى الأهالي الجمعة الماضي انتخابات لأول انتخابات لصندوق إسكان سلماباد الخيري واللجنة الدينية الثقافية للمنطقة نفسها أسفرت عن فوز خمسة عشر مترشحا من بين تسعة عشر مترشحا إذ فاز بمجلس إدارة الصندوق كل من سيد مهدي سيد عدنان، 105 أصوات، وعلي يوسف العريبي 130 صوت، ومحمد إبراهيم الغايب 102 أصوات، ومحمد علي إسماعيل 96 صوتا، وجابر أحمد راشد 92 صوتا، وعلي محسن آل مفتاح 90 صوتا، ومحمد علي الحداد 72 صوتا، وفخري عبدالله راشد 64 صوتا.
بينما فاز بمجلس إدارة اللجنة الدينية الثقافية كل من سعيد منصور السلاطنة 110 أصوات، وعباس علي الشيخ 100 صوتا، وسيدهادي أمين، وغازي رضي عابد، وحبيب جعفر العرادي لكل واحد منهم 95 صوتا، ومحمود الفردان 90 صوتا، ومجيد سعيد 81 صوتا.
وتأتي هذه الانتخابات لتأسيس أول جهة اجتماعية في إسكان سلماباد الذي يتكون من 277 فقط والتي لم يتجاوز عمرها العام.
وذكر عضو اللجنة المشرفة على الانتخابات محمد الكعبي «إن عدد الأصوات التي شاركت في الانتخابات بلغ 130 صوتا» مؤكدا «أن الإقبال على الانتخابات لم يكن متوقعا أبدا وخصوصا أن الأسر الساكنة في المنطقة جاءت من مختلف مناطق البحرين، ولم تلتق في هذه المنطقة إلا منذ شهور». وأبدى الكعبي تفاؤلا في أن تكون هذه الخطوة بادرة لعمل اجتماعي ناجح في المنطقة، مشيرا إلى «أن دور الإدارتين الجديدتين يكمن في طرح المشروعات التي تحتاجها المنطقة كونها منطقة جديدة ولعل أهمها تقوية الأواصر الاجتماعية بين الجميع».
وذكر الكعبي «إن مهمات مجلس إدارة الصندوق ستصب في إنشار مصدر دخل للصندوق ومن ثم حصر الأسر الفقيرة في المنطقة لتقديم المساعدات الدورية والموسمية لها، إضافة إلى المشروعات الأخرى التي تتعلق بتقديم العون والمساعدة وفق أسس وضوابط متفق عليها».
من جهة أخرى ذكر الكعبي «أن متابعة إنشاء مسجد، ومأتم للمنطقة ستكون من أولويات مهمات اللجنة الدينية الثقافية، إضافة إلى العمل على إحياء المناسبات الدينية، وكذلك متابعة الأنشطة الثقافية من دروس دينية واحتفالات وغيرها من المشروعات الثقافية التي تحتاجها المنطقة».
يذكر أن إنشاء صندوق إسكان سلماباد الخيري تم قبل أكثر من شهرين من قبل وزارة العمل والشئون الاجتماعية
العدد 630 - الخميس 27 مايو 2004م الموافق 07 ربيع الثاني 1425هـ